مقالات

العبادي ..حسابات النصر والدولة

د. احسان الشمري

انتهت الانتخابات التشريعية في العراق لعام 2018، وافرزت نتائج رقميه جعلت ائتلاف رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي ضمن المراكز الثلاث المتصدره للقوى السياسية لهذه النتائج ..
الاغلب كان يتوقع ان ائتلاف النصر سيحصد غالبية الاصوات ، لكن لغة الارقام كانت تختلف الى حد ما وذلك لعدة فواعل داخلية .
ويقفز للذهن السؤال الابرز ماهي اسباب التراجع ( مثلما روج خصوم العبادي لهذا المصطلح ) وهل نجح العبادي ام فشل في مشروعه ؟
وهنا لابد من الارتكاز على عدة حقائق لغرض الوصول للاجابة الموضوعية ومنها :
أن ائتلاف النصر ائتلاف وطني بامتياز، لذا نجح ولاول مرة بالحياة السياسية العراقية بصنع قائمة للعراقيين كافة عابرا الحواجز المذهبية والقومية والمناطقية (الاول في نينوى).
رغم ان الائتلاف تشكل حديثا (قبل ثلاثة اشهر) وليس لديه جمهور متحزب الا انه حقق نجاحا كبيرا خلال فترة قياسية مقارنة مع الاخرين الذين لديهم وجود قديم وتشكيلات منظمة.
لم يعمد ائتلاف النصر الى استثمار كون زعيمه على راس الحكومة، فالعبادي فصل بين الاداء الحكومي والاداء الانتخابي، وكان بامكانه اطلاق التعيينات وتوزيع الاراضي والامتيازات او الوعد بها لكسب اصوات كثيرة، الا انه لم يفعل التزاما منه بنهج الدولة وثقافة المسؤول، وهذا منهاج جديد يحصل لاول مرة في العراق بان رئيس الوزراء لا يستفيد من موقعه وامكانات الدولة لصالح ائتلافه.
رغم ممارسات بعض الكتل الاخرى في التسقيط والضغط على المصوتين الا أن العبادي ابى ان يستخدمها كمنهج او كورقة انتخابية رغم انه في السلطة.
أن الانتخابات الاخيرة كانت اكثر انتخابات فيها سيطرة امنية وتمكن العبادي من الحفاظ على مهنية وحيادية القوات الامنية ولم يستغل المنظومة الامنية وهو القائد العام للقوات المسلحة في التصويت الخاص.
في شروط تشكيل ائتلاف النصر ومابعد الانتخابات ، قاد العبادي التوجه ضد المحاصصة الحزبية والفئوية المقيتة لذا تعرض الى هجمة شرسة ممن اعتاشوا عليها.

كانت حسابات استمرار ومراكمة مشروع الدولة لا السلطة هو الاهم بالنسبة للعبادي ، وهذا مادفعه لتشكيل النصر كقائمة انتخابية .
ان الحديث الذي يدور عن تشكيل تحالفات للحكومة القادمة ، اخذ يعيد للذاكرة صورة المحاصصة وفسادها والرجوع للتقسيم الطائفي والقومي ، بدأ يشعر الاغلب بقلق كبير .. هنا يقفز مشروع الدولة لاالشخص او الكتلة او الطائفه ويتصدر اداء ومشروع العبادي كنموذج وطني لخارطة قادمة تشعر الجميع بالاطمئنان ..في هذه اللحظة ندرك بان مشروع الدولة الذي اسسه العبادي هو الفائز الاكبر بمعزل عن الارقام التي حصل عليها ائتلاف النصر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى