مقالات

عذرا فرح…

حسن حامد سرداح

الكتلة الأكبر تشغلنا

تقول كتب التاريخ إن نابليون بونابرت حاول الانتحار قبل نفيه الى جزيرة سانت هيلانة التي اصبحت فيما بعد مثواه الاخير، من خلال تناوله جرعات من السم قوية جدا وتكفي “جرعة” واحدة ومنها لانهاء حياة الانسان خلال ثوان معدودات، لكن “القائد الثائر” تناول اكثر من جرعة حتى امتلات معدته فرضها جسمه على الفور، وكتبت له حياة جديدة، بسبب غروره وتمسكه بالسلطة.
وفِي بلادنا التي ابتليت بمجموعة “فاسدين وسراق” هناك الكثير منهم اصابهم “جنون العظمة” وأصبح الدم العراقي لديهم رخيصا جدا وبإمكانهم ترك المئات من “عُبَّاد الله” تغتالهم رصاصات الاٍرهاب مقابل عدم التنازل عن مناصبهم او فسح المجال لغيرهم لإدارة شؤون البلاد والعباد،، نعم قد تكون حادثة استشهاد المختطفين على يد تنظيم داعش “صدمة” كبيرة بِعد الانتصارات التي حققتها القوات الامنية بهزيمة هذا التنظيم الارهابي، لكنها فتحت الباب امام العديد من التساؤلات عن إمكانية عودته للحياة مرة اخرى لعدة اسباب ابرزها انشغال القوى السياسية والحكومة بإرضاء بعض الأطراف من اجل الحصول على مكاسب شخصية تضمن البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، في وقت يتمسك الخاسرون بالانتخابات بمقاعدهم البرلمانية ويرفضون مغادرتها حتى لو تطلب الامر التضحية بجميع العراقيين على طريقة المختطفين الستة.
فليس المهم دموع فرح ومناشداتها لإنقاذ والدها او ايجاد الحلول التي تمنع تكرار مأساتها مع بقية اطفالنا، انما بقاء سليم الجبوري وتمديد ولايته بالجلوس تحت قبة البرلمان واحتفاظ محمود الحسن وعلي العلاق ومطشر السامرائي بمقاعدهم هو مايجب ان نضحي من اجله لكي نعيش اربع سنوات اخرى من الرفاهية وآلتنعم بخيرات الكهرباء والخدمات، ليبلغنا رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية “بانه على العراقيين الاستعداد النفسي لالغاء نتائج الانتخابات بعد اعادة العد والفرز يدويا الذي سيشرف عليه القضاة” لكنه تناسى ان يخبرنا بان السادة المنتدبين لم يجدوا الطريقة المناسبة لإدارة المفوضية حتى الان، رغم ان احدهم هو شقيق والدة احد المسؤولين الخاسرين الذين يحاولون العودة من خلال العد والفرز اليدوي، او اعادة الانتخابات.
إن تقديم التعازي ومواساة عوائل الضحايا لن تعيد الفرحة لأطفالهم ولن تغفر انشغالكم بالمصالح الشخصية وتحالفات الكتلة الأكبر التي اخبرنا عنها السيد بهاء الاعرجي بعد اول ظهور له منذ فترة طويلة وغياب عن الساحة السياسية التي تفتقد لافكاره وطروحاته، ليكشف لنا بان “الصراع على منصب رئيس الوزراء هو من يؤخر حسم تحالف الكتلة الأكبر”، ليقدم بعدها نصيحة مجانية لقادة الكتل السياسية قائلا، ان ،هناك معلومات حصل عليها بشكل خاص تؤكد بان “الأميركان سيضعون احد القضاة (المعروفين بنزاهتهم) رئيسا مؤقتا للبلاد، في حال لم يحسم التحالف الوطني منصب رئيس الوزراء”، في رسالة واضحة مفادها.. ان أمن المواطن وحفظ حياته قضية مؤجلة حتى توزع الحصص ويتم تقاسم الكعكعة بحسب نظرية الدكتورة حنان الفتلاوي.
الخلاصة.. إن ترك مئات الإرهابيين المحكومين بالإعدام ينعمون بصالات السجون المكيفة ووجبات الطعام الدسمة التي يراعى فيها نظام “السمنة” من دون الاقتصاص منهم، سيضيف حالات جديدة من الاختطاف والقتل على طريق الموت، فكما يقال “ان من أمن العقاب اساء الأدب”… اخيراً.. السؤال الذي يبحث عن اجابة واضحة، متى يعتذر اصحاب السلطة عن اخطائهم ويعترفوا بخذلان فرح وشقيقاتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى