مقالات

عليكم ان تفهمو الشعب أولا

هادي جلو مرعي

سذاجة المطالبين بالتغيير، وأنا منهم تكمن في عدم فهم نوع التحول الذي حصل بعد العام ٢٠٠٣. فكثير من العراقيين سعداء بالوضع الراهن، ولايهتمون بدعوات محاربة الفساد والمحسوبية والطائفية. فهناك ملايين العراقيين كانوا بلاوظيفة، وهم اليوم موظفون، وملايين منهم كانوا فقراء، واليوم يتسلمون راتب وراتبين وثلاثة. وملايين منهم لم يكونوا يعرفون قيادة السيارة، واليوم يملك كل واحد منهم سيارة، أو سيارتين. وملايين منهم لم يكونوا يملكون سكنا، واليوم يملكون البيوت وقطع الأراض.. التغيير ينادي به المحرومون والمثقفون والمترفون فكريا والفقراء، وبعض القادة السياسيين والدينيين، ولكن يجب الإلتفات الى ملايين المستفيدين من التغيير، والتحول الكبيرين عام ٢٠٠٣ هم أيضا من عوامل قوة الوضع الراهن، وديمومته وهم القوة الناعمة التي تدعم إستقرار النظام السياسي، وتوفر له عوامل البقاء والصمود، ولاتأبه بتحركات ودعوات يمكن وضعها في خانة الإرهاب والتحريض وعودة البعث والدكتاتورية المقيتة.
مواجهة المفسدين صعبة للغاية، وهي أشد صعوبة من مواجهة الحاكم الظالم والدكتاتور المتمسك في السلطة.فالدكتاتور لايسمح بكثير من الممارسات التي تهدد سطوته ونفوذه، وهي من عوامل هدم السلطان ومؤسسات الحكم، فيحافظ على الاشياء ليس حبا بها بالضرورة، بل لأنه الحاكم، وهي له في ظنه،.بينما يتيح الفساد للآلاف أن يكونوا سلاطين وطغاة وزعماء ومافيات بأموال وسلاح وقوة وعناصر حماية، وحتى مجموعات مسلحة، ثم إن إشراك فئات إجتماعية في منظومة الفساد يجعلها راضية ضمنا، فيكون الفساد سياسة، وليس سلوكا شاذا.
هناك تكمن الخطورة، ويمكن الترويج لفكرة السيطرة على المال والمؤسسات، وتوجيهها لصالح فئات إجتماعية، أو أن من يملك الزمام يمثل تلك الفئات، ويستقوي بها على مفهوم الدولة المغيب، ويكون من مصلحة هولاء إضعاف المؤسسة القانونية وتحجيمها، والسيطرة على المؤسسات المالية ووسائل الإعلام والمنظومة التنفيذية، وحتى التشريعية، والإحتماء بنوع من الإرهاب الناعم الذي يهدد المطالبين بالتغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى