لسنا سود … لكن ياريتنا هنود
د. ضياء واجد المهند
كنا في نهاية السبعينات نردد نكات من قبيل المزحة والذي كانت ايامها النظر الى العمالة الهندية بنظرة دونية واستخفاف،حتى شاعت مجموعة كبيرة من النكات عليهم وكثير من الامثلة وخاصة بين الشباب والتي كانت تنتشر بينهم بسرعة على قاعدة ( الطش) ومن هذه الامثلة : (عبالك مطيرجي اطير طيور ، لو هندي ابيع بخور) …(انقرض الدود وبقو ألهنود) …(شفتنه سود عبالك هنود). ..وعندما يريد ان نستصغر شخص نقول : ( مكرود من الهنود )، و هناك مثل على العامل المثول 🙁 محسود لو مشتغل ويه الهنود ).. وعندما زارت رئيسة وزراء الهند انذاك انديرا غاندي بغداد والتقت رئيس الحكومة العراقية وقتها احمد حسن البكر طلبت منه بالحاح ان يصدر امر بالكف عن التعليق على الهنود واطلاق الامثلة عليهم حتى عندما همت ان تركب الطائرة قالت له : لا تنسى توصي الشعب لا ينكتون علينا ، قال الرئيس: دمرتينه مو الف مرة كلتيها ، قابل اني هندي ما افتهم )….
يتوقع خبراء السياسة أن يفوز أحد أبناء المهاجرين الهنود بمنصب رئيس الولايات المتحدة قبل عام 2050، وهناك توقعات ان يكون رئيس من الجاليات ذات الاصول الاسبانية او الصينية خلال نصف القرن القادم سيكون ممكن ومتاح، أي خلال جيل او جيلين من الآن في حين غاب اي توقع لان يكون رئيس امريكي من اصول عربية . فمع تعيين “سوندار بيشاي” رئيساً تنفيذياً لشركة “كوكل” أصبحت كل الطرق تؤدي إلى القمة أمام أبناء أكبر دولة ديموقراطية في العالم.
يعمل “سوندار” في “كوكل” منذ 11 عاماً، وكان مديراً لقسم “أندرويد” الذي يشغِّل 80% من موبايلات العالم. وعندما حاولت شركتا “ميكروسوفت” و”تويتر” اختطافه في عام 2014، رفعت “كوكل” راتبه إلى 50 مليون دولار في العام، ومن المرجح أن يصل دخله السنوي إلى 100 مليون دولار بعد المنصب الجديد، ليتجاوز راتب رئيس “ميكروسوفت” المهندس الهندي “ساتيا ناديلا” الذي يتقاضى 85 مليوناً.
تشير التقديرات إلى أن رواتب 50 من المديرين التنفيذيين الهنود الذين يقودون شركات أمريكية تتجاوز ملياري دولار في العام. فإذا أضفنا رواتب المهندسين وخبراء التقنية فقط، فإن دخولهم السنوية تتجاوز كل تحويلات المصريين في الخارج والتي لا تزيد عن 20 ملياراً، أو خمسة أضعاف تحويلات الأردنيين التي تبلغ 4 مليارات دولار.
على الرغم من أن صعود “سوندار بيشاوي” إلى قمة هرم “جوجل” يثير الدهشة، فإنه ليس فرداً وحده. فقد أشرنا إلى “ناديلا” الذي يقود “ميكروسوفت”، وهناك السيدة “إنديرا نويي” رئيسة شركة “بيبسي”، و”شانتاو نارايين” رئيس “أدوبي”، و”أجاي بانجا” رئيس “ماستركارد” و”فيكرام بانديت” رئيس “سيتي جروب”، ويقابله “آنشو جين” رئيس “دويتش بنك”، وغيرهم العشرات.
فما الذي مكَّن هؤلاء الشباب الهنود الذين تتراوح أعمارهم بين منتصف الأربعينيات والخمسينيات من قيادة العالم؟
في كتابه “عالم ما بعد أمريكا” يقول الهندي أيضاً “فريد زكريا” صاحب البرنامج الشهير في “سي إن إن” ورئيس تحرير مجلة “تايم”: “لقد عملت أمريكا على عولمة العالم، ونسيت أن تعولم نفسها”، فأمريكا التي علَّمت العالم صارت أكثر تواضعاً، وعادت لتتعلم. وفي هذا أوضح تفسير لهذه الظاهرة الهندو-أمريكية. ففي مقال لي بعنوان “الهنود قادمون” نشرته عام 2009، أشرت إلى قائمة بأسماء أكثر مفكري الإدارة العالمية تأثيراً، وكان من بينهم ستة هنود. وفي ذلك العام احتلت الهند المرتبة الثانية بعد أمريكا في عدد فلاسفة الإدارة العظماء، بينما احتلت بريطانيا التي استعمرت الهند لعدة قرون المرتبة الثالثة بعد “المعلمة”: الهند. وحتى لا ننسى فقد جاء على رأس قائمة الهنود المرحوم “براهالاد” مؤلف كتاب “التنافس على المستقبل”، و”راما تشاران” مؤلف كتاب “التنفيذ”، فما سر تألق الإدارة الهندية يا ترى؟
في كتابهم “نهج الهند” يحدد مؤلفوه الأربعة وهم من أساتذة كلية “وارتون للأعمال” المرموقة، أربعة أسباب لتفوق الإدارة الهندية، وهي: العمل الشاق والاندماج الكلي في العمل، وسرعة التكيف مع المتغيرات، وتحقيق إنجازات عظيمة بموارد محدودة، والتركيز على المجتمع والأسرة والموظفين أكثر من حملة الأسهم. ومن خلال احتكاكي بالمديرين الهنود في الإمارات، وعبر نادي الخطابة الذي أشاركهم فيه، أرى أن أسرار نجاحهم تتلخص في: ثقافة المشاركة والتواضع وقبول الآخر والجَلَد والمثابرة وقيم الالتزام وأخلاق العمل، فضلاً عن نظام التعليم التنافسي الذي يهتم بالرياضيات والهندسة والعلوم، والتنافس الأكثر ضراوة في سوق العمل.
ففي حين نجد معونات في أمريكا وأوروبا للعاطلين عن العمل، ورواتب للخريجين العاطلين في السعودية، وأجهزة تعليم ذكية للطلاب في الإمارات، وتعيين وتوريث لأبناء المسؤولين في مصر، وواسطات ومحسوبيات في التعيينات والترقيات في الأردن، لا نجد شيئاً من هذا في البيروقراطية الهندية الجديدة التي اكتسحت العالم.
في الهند عليك أن تحقق ذاتك بمجهوداتك، وتحقق أعظم الإنجازات في حياتك بكل تواضع وثقة. فعندما سُئلت المراهقة الهندية “جوبال” عن سر تفوقها قالت: “كلما زادت محاولاتي، زاد حظي”. أما “ساكشام كاروال” ابن الخمسة عشر ربيعاً فقال: “يجب أن أدخل معهد الهند للتكنولوجيا، ثم أستكمل دراساتي العليا، وأعمل في شركة عالمية مرموقة”. الجدير بالذكر أن المعهد الذي يقصده “كاروال” هو نفس الجامعة التي تخرج فيها رئيس “جوجل” الجديد “سوندار بيشاي” قبل 20 عاماً……
من جد وجد ومن زرع حصد يا ربنا الواحد الاحد…
الهند تملك 5 آلاف قنبلة نووية ، وهم من اخترعوا الهوتميل والـ USB ، ودخلوا مجال المريخ قبل سنة بمركبة فضائية هندية 100% ، وهي أكثر دولة لديها مصانع قطارات وسفن ، ومنها أكثر رجال العالم ثراء وهم يملكون الذهب في جنوب أفريقيا،
فوق ذا رئيس كوكل هندي ورئيس مايكروسوفت هندي ورئيس ماستر كارد هندي.
اعتذر لاعادة نشر المقال بعد سنتين من نشره..
لنا ولكم وللعراق الله الواحد المعبود رب الخلق من عرب وكرد وهنود