الاخبار الرئيسيةدولي

صحيفة إسرائيلية: يجب على المجتمع الدولي أن يقول لا لخطة ترامب

الحياة العراقية

لقد نجحت حكومة نتنياهو في إبعاد المجتمع الدولي عن القضية الفلسطينية. لقد هاجمت اللاعبين الدوليين (والإسرائيليين) الذين ينتقدون سياستها، وصوّرت القضية الإسرائيلية – الفلسطينية على أنها لم تعد تهم العالم، واتخذت خطوات للتخلص من جدوى قيام دولة فلسطينية. المعارضة الإسرائيلية لم تتحدّ الحكومة بفعالية في هذا الصدد.

“صفقة القرن” تعرّض مستقبل “إسرائيل” في الشرق الأوسط لخطر بدلاً من تحسينه، خطة الرئيس دونالد ترامب الإسرائيلية – الفلسطينية لا هي خطة سلام ولا هي “الأفضل لإسرائيل” (مثلما ادّعى البعض في إسرائيل).

على العكس من ذلك، يقال إنها تتعارض مع الاتفاقات والتفاهمات الإسرائيلية – الفلسطينية السابقة بشأن القضايا الأساسية للنزاع: الحدود والمستوطنات والقدس وحتى اللاجئين. إنها تخدم أيديولوجية سياسية يمينية وأهدافاً انتخابية، بينما تُبعد السلام.
والحال هذه، “صفقة القرن” تعرض مستقبل إسرائيل في الشرق الأوسط لخطر بدلاً من تحسينه. يجب على المجتمع الدولي، الذي تنحى عن القضية الإسرائيلية – الفلسطينية بمجرد تولّي ترامب منصبه قبل ثلاث سنوات، أن يُسمع صوته الآن بقول “كلا”. وهذا ينطبق على السياسيين الإسرائيليين الذين ما زالوا يسعون إلى دفع عجلة السلام.
منذ أن صاغ ترامب لأول مرة مصطلح “صفقة القرن” في سنة 2017، المجتمع الدولي أخلى الساحة، حتى عندما أصبح من الواضح أن خطوات الرئيس الأميركي كانت تعرقل حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. الجهات الدولية الفاعلة أخفقت في تبنّي أي مبادرة مهمة خاصة بها، وغالبيتها التزمت الصمت.
دبلوماسيون وسياسيون من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم أولئك الذين أعربوا في الماضي عن التزامهم بالسلام، أوضحوا تقاعسهم باستخدام العديد من الأعذار: ليس هناك بديل للقيادة الأميركية في هذه القضية؛ نحن نحاول وراء الكواليس التأثير على مضامين الخطة الأميركية؛ لن نحكم على الخطة قبل أن نراها؛ بمجرد الكشف عن الخطة، سننظر إلى نصف الكأس الملآن وسنحاول المضي قدمًا، وعدوا.
وجادلوا لاحقًا بأنه لا جدوى من خوض معركة مع ترامب حول القضية الإسرائيلية – الفلسطينية، لأنها ليست ذات صلة أو لأن الخطة الأميركية قد لا يتم نشرها. وهكذا وصلنا إلى نقطة اجتماع أكثر من 40 من قادة العالم في إسرائيل لحضور المنتدى العالمي للمحرقة بينما يتجاهلون الخطاب الإسرائيلي المحموم بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية الذي كان يجري في نفس الوقت.
لم يكن بإمكان ترامب ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يطلبا ظروفًا أفضل للكشف عن الخطة. من وجهة نظرهما، عملهما الشاق في السنوات الأخيرة قد أثمر.
لقد نجحت حكومة نتنياهو في إبعاد المجتمع الدولي عن القضية الفلسطينية. لقد هاجمت اللاعبين الدوليين (والإسرائيليين) الذين ينتقدون سياستها، وصوّرت القضية الإسرائيلية – الفلسطينية على أنها لم تعد تهم العالم، واتخذت خطوات للتخلص من جدوى قيام دولة فلسطينية. المعارضة الإسرائيلية لم تتحدّ الحكومة بفعالية في هذا الصدد.
المعارضة الإيديولوجية (الأحزاب اليسارية) تراجعت تدريجياً، واختارت التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية بدلاً من التركيز على السياسة الخارجية والأمن القومي؛ والمعارضة غير الإيديولوجية (الأحزاب الوسطية) أحجمت عن الانحراف بشكل كبير عن سياسات نتنياهو، في محاولة لجذب الناخبين اليمينيين. ووفقاً لذلك تأثر الرأي العام الإسرائيلي – بناءً لآخر لاستطلاع معهد “ميتفيم” – وتراجع دعم حل الدولتين، ولم يعد ينظر إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كشريك لمفاوضات، ودفع سلام أُدرج في مرتبة متدنية في أولويات الجمهور.
إدارة ترامب عملت نحو أهداف مماثلة، ليس فقط من خلال صياغة الخطة من وراء الكواليس والتعتيم بشأن تاريخ نشرها، بل وتبنّت سلسلة من التدابير التي أثرت على الوضع على أرض الواقع، وفي الواقع، عززت مبادئ الخطة حتى قبل نشرها.
ترامب امتنع عن الاعتراف بالتزامات الولايات المتحدة السابقة بحل الدولتين؛ غيّر الموقف الأميركي التقليدي بشأن القدس وادّعى أن مصير المدينة لم يعد مطروحاً على طاولة المفاوضات؛ وكان ينتقد القيادة الفلسطينية بشدة وحاول نزع الشرعية عنها؛ وقلّص الأموال للمؤسسات الفلسطينية ومنظمات السلام والهيئات الدولية؛ وأعطى إشارة لمشروع الاستيطان الإسرائيلي؛ وعقد مناقشات وقمم استُبعدت منها السلطة الفلسطينية؛ وحيّد الرباعية الدولية (المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة).
الولايات المتحدة فقدت اتصالها بالجانب الفلسطيني، وبذلك فقدت دورها كوسيط نزيه.
لاعبون دوليون آخرون وجدوا صعوبة في مواجهة هذه الاتجاهات، أو تجنبوا فعل ذلك عمداً. الانقسامات الداخلية للاتحاد الأوروبي جعلت من الصعب على بروكسل العمل على القضية الإسرائيلية – الفلسطينية وتنفيذ القرارات التي تم اعتمادها بالفعل (مثل وسم المنتجات المصنوعة في المستوطنات). الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اختارت الاستثمار في المزيد من القضايا الملحة مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واللاجئين وما إلى ذلك.
دول عربية رئيسية انخرطت في تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، ولو في ظل القيود التي فرضها الجمود في عملية السلام، لكن بطريقة أشارت إلى استعدادها للتعاون مع خطوات ترامب وتسببت بتوترات مع السلطة الفلسطينية. روسيا والصين، اللتين ناشدتهما السلطة الفلسطينية الانضمام إلى جهود الوساطة، لم تكونا متحمستين. مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف أصبح أهم لاعب غير أميركي في الساحة.
وقد أعرب عن معارضته الواضحة للضم الإسرائيلي وكذلك وجهات نظر حازمة حول مبادئ اتفاق إسرائيلي – فلسطيني في الوضع النهائي وآثار التطورات على أرض الواقع. كما توسط بشكل فعال لتجنب الحرب مع غزة. عباس والقيادة الفلسطينية، اللتان تبنتا قراراً استراتيجياً قبل عدة سنوات لإدارة كفاحهما الوطني في الساحة الدبلوماسية بدلاً من ساحة المعركة العسكرية، بقيا بدون حلفاء مهمين في العالم ومن دون إنجازات.
في ظل هذه الظروف، تمكّن ترامب ونتنياهو من إعداد الخطة التي أراداها. ومع ذلك، كشف النقاب عنها يُحدث تغييراً. لم يعد بمقدور مؤيدي السلام الدوليين الاختباء خلف الساتر الدخاني لخطة أمريكية وشيكة وفعالة. يجب أن يعبّروا بوضوح عن موقفهم ضد الخطة الآحادية الجانب، وأن يقدموا معايير بديلة يمكن أن تحقق تقدماً حقيقياً في السلام الإسرائيلي – الفلسطيني، وتنسّق بين الدول والهيئات الملتزمة بالسلام وترغب في بذل جهود في تقدمه، والانضمام إلى أولئك الموجودين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية الذين يرفضون قبول إملاء ترامب.
الرئيس الأميركي المقبل، وربما رئيس جديد، سيؤدي اليمين في غضون عام واحد من الآن. حتى ذلك الوقت، يتعين علينا التأكد من أن أفكار الضم المدرجة في خطة ترامب لا تصبح حقيقة واقعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى