القضاء يتحدث عن آفة المخدرات وأساليب ترويجها وأماكن انتشارها
الحياة العراقية
بالرغم من الجهود القضائية والأمنية المبذولة لمكافحة المخدرات إلا أن الطريق مازال طويلا أمام هذه الآفة التي تتضخم لاسيما مع ضعف الردع وغياب الوعي وضعف الإمكانيات، كذلك عدم وجود شعب متخصصة لمكافحة المخدرات داخل وزارة الداخلية ، وعدم امتلاك وزارة الصحة مصحات نموذجية لإيداع المدمنين للاستشفاء من الإدمان.
ويعزو قاضي التحقيق المختص في قضايا المخدرات في الكرخ سعد طاهر سبب انتشار المخدرات إلى “قلة الوعي المجتمعي وضعف الواعز الديني”، بينما ينتقد “دور المؤسسات الإعلامية الضعيف الذي لا يرتقي للمستوى المطلوب في نشر الوعي للأسرة والمجتمع وتوعيتهم من مخاطر هذه السموم وتأثيراتها السلبية على كافة المستويات لاسيما أن اكثر المتعاطين هم من متوسطي الدخل والمتسولين والفقراء ومن فئة الشباب من الذكور والإناث، ما يعد سبباً في ارتكاب جرائم مثل السرقة والقتل والاغتصاب وزنا المحارم”.
وأضاف طاهر أن “أساليب ترويج المخدرات مختلفة إذ تنتشر هذه المواد داخل الأوساط الشعبية التي تشهد جلسات للشباب كالمقاهي، محلات الكوفي شوب إذ تدس هذه السموم غالبا في الأركيلات للشباب لإجبارهم على اعتياد تدخين هذه الأركيلة”.
وتابع أن “ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات تزداد بشكل كبير وبأرقام مهولة وذلك من خلال ازدياد أعداد الملقى القبض عليهم من المروجين والمتعاطين إضافة الى ارتفاع كميات المخدرات المضبوطة بحوزتهم ففي إحدى المرات القي القبض على تاجر بحوزته كيلوغرامين من مخدر الكرستال، ومرة أخرى على آخر وبحوزته 3 كيلوغرامات من المادة نفسها”.
وأفاد القاضي طاهر بانه في “بغداد الكرخ وحدها بلغ عدد الملقى القبض عليهم منذ بداية عام 2019 ولحد هذه اللحظة (420) متهما أحيلوا الى محاكم الجنايات والجنح، (130) متهما منهم صدر بحقهم أحكام قضائية، و(170) متهما منهم أحيلوا الى محاكم الجنايات ولم يصدر بحقهم حكم قضائي بعد، و(65) متهما ما زالوا قيد التحقيق من الذين القي القبض عليهم خلال الشهرين الماضيين”.
وعن أنواع المخدرات الرائجة ذكر أنها متنوعة منها “الكريستال، الحشيشة، الأفيون، الهروين، الكوكايين، لكن أكثر الأنواع رواجاً في العراق هو الكرستال حيث يحتل المرتبة الأولى ويكون على شكل ذرات بلورية”.
ومن أساليب ترويج المخدرات الجديدة بحسب الوقائع القضائية هي استدراج سواق سيارات الأجرة والفقراء أو عن طريق إغرائهم بمبالغ مالية مقابل نقل وترويج المخدرات او استخدام النساء في نقلها لتجاوز السيطرات الأمنية وبكل بساطة، كذلك في المراقص عن طريق فتيات الليل وذلك بإقامة علاقات جنسية مع الشباب وعرض المخدر عليهم وإقناعهم بأنه منشط جنسي عام وتوفيرها بأسعار زهيدة بل وتعرض مجاناً في بداية الأمر لحين الإدمان عليها ليضطر بعدها لطلب المادة وشرائها بأسعار باهظة أو ترويجها مقابل الحصول على كمية قليلة منها لغرض إشباع حاجته منها.
ويؤكد قضاة متخصصون بمكافحة المخدرات أن الية وطرق دخول المخدرات الى العراق تبدأ عن طريق سلسة منظمة من المورد الرئيسي الذي يدخل المخدرات من دول الجوار الى العراق ويليه التاجر الثانوي ثم يليه الوسيط الذي يقوم بدوره ببيع المخدرات الى المروج الذي يتعامل مع المتعاطين بشكل مباشر.
وعن التأثير الاجتماعي الذي تحدثه آفة المخدرات يقول القاضي الأول لمحكمة تحقيق ميسان سعد سبهان موسى إن “للمخدرات تأثيرا على الأسرة بالإضافة الى إلحاقها الضرر بالأسس الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية للمجتمع وتؤدي الى انتشار الفساد والرشوة والبغاء”.
ويرجع موسى الأسباب التي أدت الى انتشار جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية إلى “تهريبها وعدم وجود قطاعات عسكرية كافية من الجيش والشرطة على الحدود العراقية إضافة الى التهاون في فرض العقوبات المتخذة بحق من يلقى القبض عليهم وفق القانون المخدرات الجديد رقم 50 لعام 2017”.
وعن قراءته للقانون يقول “نجد أن المشرع خفف من العقوبات بسبب اختلاف نوع المواد المخدرة المضبوطة بحوزة المتهم وهو اتجاه لا مبرر له كون العقوبة لا تقاس بنوع وكمية المواد المخدرة ما دامت هي مخدرة”، لافتا إلى أن “القانون وفر بذلك الأرض الخصبة لانتشار تجارة وتعاطي المخدرات فأصبحت بعض القضايا تحال على محكمة الجنح وبعقوبة لا تتجاوز الخمس سنوات بعد ان كانت تنظر من قبل محكمة الجنايات في القانون القديم وبأحكام رادعة وشديدة تتناسب مع خطورة الجريمة”.
ويتابع موسى أن “القانون لم يتطرق لمصير الأراضي الزراعية اذا ما جرت زراعة المواد المخدرة فيها، كذلك لا يمكن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتعاطي الذي يتقدم من تلقاء نفسه للعلاج من الإدمان في المستشفيات المختصة”.
واشار إلى ان “المحكومين ممن تم شمولهم بقانون العفو العام قد عاد غالبيتهم الى ارتكاب جرائم الاتجار وتعاطي المواد المخدرة بل وعاد حتى ممن صدرت أحكام مخففة بحقهم وفق القانون الجديد، ما يتطلب تشديد العقوبات”.
وخلص القاضي إلى أن “العراق كان خاليا من المخدرات تجارة وتعاطيا قبل عام 2003 حتى بدأت أعداد المتعاطين والمروجين تتزايد وخصوصا بين فئة الشباب والمراهقين ووصل الحد إلى استعمال النساء والأطفال كطريقة للبيع والمتاجرة والتعاطي”.