مقالات

الانتخابات مرساة لبناء السلام في العراق

الحياة العراقية

عبد الرحمن الجبوري / كبير الباحثين في الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية

د. حسين علاوي / رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية

 

  بعد ان انتهت المحكمة الاتحادية من وضع النقاط على الحروف والاقرار بأن تاريخ الانتخابات ثابت لايتغير بات على القوى السياسية العراقية الان التفكير ببرامج الاحزاب والتحالفات السياسية التي ستطرح من خلالها الى الجمهور الناخب .

الجمهور الناخب متشوق كثيراً الى ثلاثة انواع من الخطابات ، الخطاب الاول هو التعهد ببناء السلام طويل الامد بين مكونات الشعب العراقي وممثليه على المدى الطويل ، فلاوجود للاخطاء الكبيرة التي آلت بالعراق ان يصل الى حافة الانهيار لولا رعاية السماء وجهود الابطال من العراقيين جميعاً لدحر موجات الارهاب اللعين بعد فتوى المرجعية الرشيدة ودور جهاز مكافحة الارهاب ومساعدة الدول الصديقة للعراق ، والخطاب الثاني هو التعهد بالادارة الحكومية الفاعلة من اجل انتاج خدمات وفرص عمل وسياسات حكومية ناجحة على المدى القصير والمتوسط والطويل ، والخطاب الثالث هو خطاب السياسة الخارجية العراقية الذي لابد ان يعرف مصلحة الامن القومي العراقي واولوياته ويضع العراق اولاً واخراً وان يبتعد عن الشعارات المفرغة التي افرغت العراق من قدراته الاستراتيجية منذ عام 1958 ولغاية الان .

ان الانتخابات في اغلب الدول الديمقراطية هي مرساة لاستعادة الثقة بمسيرة بناء السلام ، فالدول الاوربية تحاربت لسنوات لكن انظمتها واحزابها بنت السلام واستمرت بالحفاظ على معادلة تعزيز السلام والاستقرار لتنهض من جديد .

النهوض رغم الركام الكبير في العراق مازال واضحاً وشاخصاً نتيجة مطالب الشعب البسيطة بالعيش من دون صراع او ارهاب من الجماعات التكفيرية والارهابية وخدمات توفر كرامة الانسان كجزء من الحياة العامة .

الحياة العامة بحاجة الى تغير وتطوير نحو افق جديد ، خدمات قياسية ، تطوير للبنى التحتية ، فتح باب الاستثمار النوعي وليس الاستهلاكي ، انعاش دورة الدينار العراقي ، اعادة تنشيط الاقتصاد الوطني ، تطوير بنية المصارف العراقية ، تحسين واقع الزراعة والصناعة ، بناء المنصات التسويقية للمنتجات ، حل ازمة الكهرباء على المدى القصير ، ارسال البعثات العلمية الى الخارج ، تطوير بنية قطاع التربية والتعليم ، تحسين مناخ الاستثمار ، انتاج قوانين نوعية تحافظ على بنية الدولة والاسرة العراقية وتحمي المجتمع من اي خطر ، اصلاح منظومة العدالة الجنائية ، تحسين قدرات الشرطة العراقية بالتعامل مع التحديات الامنية الداخلية ، تجفيف منابع الارهاب ، مسك الحدود بصورة متطورة ، واخيراً تحسين دخل المواطن العراقي .

المواطن العراقي تواق الى ثقافة التسامح خلع صفحة الـ 14 سنة من الاثام السياسية التي اقترفت بحقه بعد نجاح حكومة الدكتور حيدر العبادي بعودة العراق الى سكة بناء الدولة وبناء فرصة كبيرة للمضي نحو مراجعة بناء الدولة العراقية .

الدولة العراقية التي الان استعدنا بنيتها الان بعد مقارعة الارهاب الداعشي المهزوم والذي لم يتبقى منه الا آرث الفكر المتطرف والتكفيري الذي يحتاج الى فكر وانموذج من بناء الثقة والمصالحة المجتمعية والتنمية والاعمار لدحره ، بالاضافة الى قدرة الدولة الان على فرض القانون في مراحله التكتيكية والتي بدأت تنتقل الى النقاط الاستراتيجية نتيجة توافر القناعة الاجتماعية اولاً والفرصة السياسية ثانياً والحاجة الاجتماعية ثالثاً للمسير بأعادة احياء المجتمع وحياته الطبيعية .

المجتمع العراقي هو الذي اقتنع الان بأنتاج السلم المستقر من اجل اعادة احياء مشروع بناء الدولة العراقية الجديدة التي تعطلت قليلاً بنائها بسبب الارهاب والصراع الدولي والاقليمي وآن الاوان لانهاء هذه الصوة والذهاب نحو بناء المؤسسات للدولة العراقية .

مؤسسات الدولة العراقية بحاجة الى احياء الكفاءة والاداء اكثر من الولاء والانتماء ، لان الولاءات الفرعية والانتماءات البراغماتية لم تبني لنا دولة وانما ستبني لنا سلطة والسلطة زائلة والدولة العراقية باقية ، ولذلك لحظة سقوط الموصل جاءت نتيجة لبناء السلطة وليس الدولة .

الدولة العراقية الان فرصة نجح بها السيد رئيس الوزراء لاحياء مشروعها من خلال بنية الدولة الاساسية وهي المؤسسة العسكرية والامنية التي تعافت كثيراً وبدأ مشروع الاصلاح يخطو خطوات فعالة .

الخطوات الفعالة تحتاج الان من الاحزاب والتحالفات السياسية ان تدرك ان الانتخابات هي حاجة وطنية للتغيير اولاً ، وثانياً هنالك حاجة وطنية لبناء تعاقد اجتماعي لاربعة سنوات مقبلة بين الناخب والسياسي لتمثيله في السلطة التشريعية تحت قبة البرلمان والسلطة المحلية التشريعية في مجالس المحافظات .

اذن هل الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات التي ستعقد في 12 أيار 2018 هي مرساة لبناء السلام ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى