خازوق كويتي في المؤخرة العراقية
الحياة العراقية
هادي جلو مرعي
شهر فبراير 2018 موعد عقد المؤتمر الدولي للمانحين الذي ترعاه الكويت، والذي يبحث في سبل دعم العراق في إعمار مدنه المدمرة أثناء الحرب على داعش، وفيه تلتئم مختلف دول العالم، واللافت إن الكويت إختارت فبراير الذي يمثل شهر التحرير بالنسبة للكويتيين من السيطرة العراقية على المدينة في العام 1991 وعلى إثرها تم فرض حصار قاتل أدى الى مقتل عشرات الآلاف من العراقيين جوعا ومرضا، وتحت أنظار العالم الوسخ بأسره، بينما كانت أرواح الأطفال تزهق في مستشفيات العاصمة بغداد، ومدن البلاد الأخرى مع وقف كامل لإمدادات الغذاء والدواء، ومنع لحركة الطيران الدولي من والى العراق المعزول عن العالم، وكانت القرارات الدولية تصدر تباعا بدفع من حكومة الكويت التي يقول أحد كتابها الناقمين،اللهم لاتبق في العراق حجرا على حجر.
في أوغست 1990 وبعد أشهر على آخر قمة عربية حضرها صدام حسين، والتي شكى فيها من مؤامرة خليجية على بلاده، إندفعت القوات العراقية فجر الثاني منه لتدخل كل أحياء وأزقة وشاليهات الكويت، وتسيطر على كل موضع منها، وتعلن إن الكويت هي المحافظة التاسعة عشر من محافظات العراق، وتنصب محافظا من قبيلة شمر هو عيادة كنعان الصديد، وكان فعل صدام حسين إنتقاما من السلوك الخليجي الذي مثل طعنة في الظهر بعد أن جارى حكام دول الخليج في حرب خاسرة مع إيران تحول بعدها العراق الى دولة مطالبة بسداد الديون لإيران بقرار دولي، وهكذا جر من الخطأ الى الخطيئة برغم قول الملك فهد بن عبد العزيز لحكام الخليج ( لولا العراق لكنا مثل فطيم بين الرعيان) وفطيم هي راعية وحيدة بين مجموعة رعاة يفعلون بها ماشاءوا من فعائل السوء.
تحسنت العلاقات كثيرا بعد 2003 ولكن بغداد بقيت تسدد مابذمتها بإنتظار القرار الأممي الذي إحتفلت به حكومة المالكي الذي قيل إنه حرر العراق من شروط الوصاية الدولية، ومع مضي الأيام إكتشفنا إننا مانزال مطالبين بتسديد المئات من الملايين من الدولارات التي كانت مقدماتها تدفع في أيام التسعينيات في ظل نظام التعويضات جراء الغزو العراقي كما سمي في وقته، وبالفعل فقد كانت وسائل الإعلام تنشر أخبارا متضاربة يمكن أن تصيب أي عراقي بلوثة في الدماغ، ففي الوقت الذي تتحضر الكويت لإحتضان مؤتمر إعمار المناطق المحررة من داعش، تنقل أيضا خبرا عن قرار أممي بإلزام العراق بدفع أربعة مليارات دولار كتعويضات للكويت، وبينما على العراق ان يسدد تلكم الأربعة مليارات، فلا يتوقع أن يجمع المؤتمر الدولي سوى بضع ملايين من الدولارات من الدول المشاركة التي يعيش معظمها تحت وطأة أوضاع إقتصادية غاية في التعقيد، فهل يصح أن تعقد الجارة الكويت مؤتمرا لدعم إعمار العراق، بينما تطالب بمليارات منه ؟