رئيس الوزراء البلاد مهددة بما سيضعنا جميعاً أمام خيارات ليس فيها رابح
الحياة العراقية
قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي انه يواجه وعودا متناقضة للكتل في استكمال الحكومة وآذاناً غير صاغية في تصحيح المسار ، وفيما اكد انه وجد خزينة الدولة شبه خاوية بسبب الفساد ، فأنه حذر من ان البلاد مهددة بما سيضعنا جميعاً أمام خيارات ليس فيها رابح وأفضلها الأنحدار الى الفوضى.
وقال الكاظمي في مقال نشره في صحيفة الزمان بنسختيها العراقية والدولية وحمل عنوان “العراق اكبر من التحديات” انه يؤكد إلتزامه بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن وضمان نزاهتها، مبينا انه يواجه وعودا متناقضة للكتل في استكمال الحكومة وآذاناً غير صاغية في تصحيح المسار.
واكد الكاظمي قائلا ” سأمضي بتعهداتي كرد على من نبهني بأنني بلا حزبٍ ولا كتلة تحميني”.
وفيما كشف الكاظمي انه “وجد خزينة الدولة شبه خاوية بسبب الفساد ” فانه تعهد بـ”اتخاذ كل التدابير العاجلة لمواجهة الازمة المالية والفساد وكورونا” ، مؤكدا انه “لم ولن أصدر أي أمر بإطلاق الرصاص ضد المتظاهرين ومن يقوم بذلك سيقدم للعدالة”.
وفي ادناه نص المقال :
العراق اكبر من التحديات
مصطفى الكاظمي
مع اقتراب الموعد الذي قطعته امام البرلمان لاستكمال التشكيلة الوزارية، لابد من وضع شعبنا وقواه الوطنية ، وشبابنا المطالب بحقوقه، أمام ما أواجه من تحديات تتطلب من الجميع التكاتف لتذليلها، وما اقوم به من مداولات وحوارات بناءة ومكثفة مع كل القوى السياسية هدفه الوصول الى ما يرضي شعبنا ويعيد الثقة بامكانية تجاوز العملية السياسية للازمة المتفاقمة التي تواجهها وتضع عراقنا أمام مفترق طرق.
لقد تصديت لواجبي واعرف مسبقاً المصاعب التي تقف امامي، والتركة الثقيلة التي ستواجهني على كل الأصعدة وفي جميع الميادين الحيوية التي ترتبط بحياة المواطنين، وأمن وسيادة واستقلال البلاد. مدركاً أن الازمة شاملة وتدخل في نسيج الدولة ومؤسساتها، وتعرقل قوتها الاقتصادية التي تعثرت خلال الفترة الماضية، فلم يتحقق ما من شأنه النهوض الشامل بالامن الغذائي للبلاد، ولا الن…
ورغم ان الثروة التي دخلت خزائن العراق على مدار السنوات ال ١٧ الماضية ، كانت تكفي لإعادة بناء البلاد وتأسيس صندوق المستقبل، فان الفساد قد استنزفها، وهُرّب بعضها علناً الى خارج البلاد، ولم أجد وانا أستلم المسؤولية الّا خزينة شبه خاوية!.
لقد وجدت من واجبي في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة أن أضع شعبنا أمام ما نواجه من صعوبات ، من بينها التناقض بين الوعود العلنية التي أكدت على حريتي في إختيار التشكيلة الوزارية ، وما يدور وراء الكواليس من مناورات وشد من قبل البعض . وهو ما يعرقل ويعطل إستكمال الحكومة لكي تباشر مهامها بحيوية وتظافر في الجهود وصولاً الى الاهداف المعلنة.
ويبدو احياناً أن ما نطلقه من تأكيدات لضرورة تصحيح مسارات العملية السياسية ووضع البلاد على طريق المعافاة لا تجد آذاناً صاغية لدى البعض هنا او هناك ، دون الإنتباه الى ان البلاد مهددة بما سيضعنا جميعاً أمام خيارات ليس فيها رابح وأفضلها الأنحدار الى الفوضى، لا سمح الله ، ما يدفع الى اعادة التأكيد على ضرورة ان يضع الجميع المصالح الوطنية العليا فوق المصالح الثانوية، وان تتظافر جهود جميع الكتل والاحزاب وبتفهم من شعبنا، لعبور هذه المرحلة.
ليس أمامنا سوى خيار الاستجابة للمطالب الشعبية العادلة التي عبرت عنها الحركة الإحتجاجية وساحات التظاهر، التي جمعت خيرة بنات وشباب شعبنا، والعمل المخلص على تحقيق مطالبهم باعادة مجد العراق وقوته وكرامته، وتصفية تركة المحاصصة المقيتة بكل تجلياتها، ومحاربة الفساد المالي والإداري.
وليس بالإمكان المباشرة بأية خطوة جادة دون الشروع بما يعيد للدولة هيبتها وبسط سيادتها ، وهو ما يتطلب ان لا يكون أي طرفٍ مهما كان شأنه أو مصدر قوته أو موالاته فوق ارادة الدولة والدستور والقانون، وإن يصبح السلاح والقوة النارية بيد الدولة والقوات المسلحة وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة.
اود التأكيد مرة أخرى لإزالة أي التباس، بان المهمة التي أنيطت بي هي عبور المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن ، والاستجابة الى مهام ملحة مباشرة ، ابرزها :
– إنجاز قانون الانتخابات مع ما يتطلبه من تدقيقات أو تعديلات، والإنتهاء من الصيغة النهائية لقانون المفوضية العليا للإنتخابات، وتأمين كل ما يلزم لاجراء الانتخابات في أقرب وقتٍ ممكن، والتعاون مع ممثلية الامم المتحدة والمراقبين المحليين والدوليين، والتأكد وضع الأسس الصحيحة لاجراء الانتخابات في جوٍ سياسي وأمني يضمن نزاهتها وعدالتها.
-إتخاذ كل الاجراءات والتدابير بالتعاون بين وزارة الداخلية وجميع الاجهزة الامنية لحماية المتظاهرين والحرص على سلامة ساحاتهم، والتعبير عن ارادتهم بكل حرية ، سلميًا.
-اعلن بوضوح كقائد عام للقوات المسلحة بأنني لم ولن أصدر أي أمر باطلاق الرصاص ضد اي متظاهر سلمي ، ومن يقوم بذلك سيقدم الى العدالة. ومن واجب وزارة الداخلية واجهزة الامن منع اي طرف ثانٍ أو ثالثٍ التداخل مع المتظاهرين.
-أعيد التأكيد هنا ثانية بأن اوامر قد صدرت الى كل الاجهزة الامنية باطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين ، والبحث والتحقيق والتقصي لإيجاد المختطفين وتشخيص الذين قاموا بالاغتيالات ووضعهم أمام القانون.
-اتخاذ كل التدابير العاجلة لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية وترشيد الانفاق ومحاربة الفساد والبدء بالاصلاحات الضرورية، وحماية شعبنا من جائحة كورونا.
-وقبل وخلال كل ذلك استعادة هيبة الدولة وتأكيد السيادة الوطنية وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية المعنية، وضمان امن البلاد امام التهديدات الارهابية، وارساء سيادة القانون وان يكون الجميع سواسية امامه.
إنني اذ أتعهد بما أعلنه هنا، اجد من واجبي التعبير عن تقييم الكتل وقياداتها التي تجاوبت معي في التصويت على التشكيلة الوزارية المنقوصة ، وأتطلع الى الجميع دعم جهودنا وما نقوم به من لقاءات وحوارات لاستكمال التشكيلة وتسهيل مهامها في إطار ما حددنا من مهام المرحلة الانتقالية.
وأختم برد على من نبهني الى أنني بلا حزبٍ سياسي ولا كتلة نيابية تحميني فيما انا ماض اليه من تعهدات قطعتها خدمة لشعبي، بقوله تعالى: “مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا”