الأسواق تدفع ثمن التوترات بين أكبر اقتصادين عالمياً
الحياة العراقية
توجهت دفة سفينة الخلافات بين أكبر اقتصادين حول العالم إلى وجهة جديدة في الأسبوع الماضي، لتتفاقم الأمور بين الولايات المتحدة والصين نحو الأسوأ.
وشهدت العلاقات بين الاقتصادين الأكبر عالمياً تصعيداً جديداً من خلال إعلان واشنطن وبكين إغلاق القنصلية العاملة لكل منهما داخل بلد الآخر، ما دفع الأوضاع الدبلوماسية بين الجانبين لأدنى مستوياتها في عقود.
وفي البداية، اتخذت الولايات المتحدة الخطوة الأولى بأمر الصين إغلاق قنصليتها الواقعة داخل مدينة هيوستن الأمريكية بدافع حماية الملكية الفكرية الأمريكية والمعلومات الخاصة لمواطنيها.
وكنوع من الرد الانتقامي، قررت الصين مطالبة الولايات المتحدة بالقيام بالخطوة نفسها للقنصلية الأمريكية داخل مدينة تشنغدو الصينية.
ومع هذه التحركات، انقلب الوضع رأساً على عقب داخل الأسواق العالمية، حيث ابتعد المستثمرون بشكل ملحوظ عن الأصول الخطرة لصالح تفضيل عناصر الأمان.
وتعرضت أسواق الأسهم العالمية إلى ضربة قوية، مع خسائر حادة في الأسهم الأوروبية تصل إلى 2 بالمائة، كما تراجعت الأسهم الصينية بأكثر من 4 بالمائة، في حين خيّم اللون الأحمر على “وول ستريت”.
وسجلت مؤشرات الأسهم الصينية خسائر تقل قليلاً عن 1 بالمائة في الأسبوع الجاري، في حين أن البورصات الأوروبية شهدت هبوطاً أسبوعياً بلغ 1.5 بالمائة، بينما عاشت الأسهم الأمريكية أولى خسائرها الأسبوعية في شهر.
وفي المقابل، اندفع المستثمرين صوب الملاذات الآمنة ليرتفع سعر أوقية الذهب أعلى 1900 دولار للمرة الأولى منذ عام 2011.
وحقق الذهب مكاسب بنحو 4.8 بالمائة خلال الأسبوع الجاري، ليكون الصعود الأسبوعي السابع على التوالي، في أطول موجة مكاسب أسبوعية منذ عام 2011.
ويأتي هذا التدهور في العلاقات بين الجانبين وسط مشاحنات واسعة النطاق حول عدد من القضايا في مقدمتها التجارة، وتطورت مؤخراً لنزاعات جيوسياسية وأخرى سياسية.
وتظل معضلة التجارة قائمة مع حقيقة تأجيل مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة المبرمة بين واشنطن وبكين كون هذه القضية تضاءلت أهميتها وسط تفشي فيروس كورونا عالمياً، حيث تُلقي الولايات المتحدة باللوم على الصين في هذا الشأن.
وعلى الجبهة الجيوسياسية والسياسية، يوجد مؤخراً خطاب وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” والذي ينتقد خلاله الصين ويؤكد أن واشنطن وحلفائها يجب عليهم استخدام طرق إبداعية أكثر للضغط على الحزب الشيوعي الصيني.
لكن هذه التعليقات رفضتها بكين جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن خطاب “بومبيو” يتجاهل الواقع ومليء بالتحيز الإيديولوجي.
ولا يمكن تجاهل الصراع الأمريكي الصيني، حول رفض الأولى لتدخل الأخيرة في قوانين هونج كونج من خلال تمرير تشريع يتعلق بالأمن الوطني، حيث ترفض واشنطن وبشدة تقييد الحريات الذي تمارسه بكين.
ويعتقد الرئيس السابق لبنك “جولدمان ساكس” أن أكبر اقتصادين حول العالم على استعداد لتبادل لغة حادة قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية المزمع عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال “جيم أونيل” خلال تعليقات مع محطة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية إن الخطاب بالتأكيد سيكون صعباً ومخيفاً بشكل متكرر من الآن وحتى موعد الانتخابات.
ومن جهة أخرى، يؤكد كبير مسؤولي الاستثمار في إمبارك جروب “بيتر توجود” خلال حديثه مع محطة “سي.إن.بي.سي” أنه قلق للغاية حيال تصعيد التوترات السياسية بين القوتين العظمتين، مشيراً إلى أنها خطيرة للغاية.