“رأس المال بين وهم انفلونزا الطيور وحقيقة الايدز “
بقلم الدكتور جاسب لطيف علي الحجامي
لااريد هنا ان اكتب مقالة في الاقتصاد او عن فكر (كارل ماركس)فهذا ليس من شأني ولكني اود ان أوضح مسألة مهمة قد تكون خافية على الكثيرين. لايخفى على الجميع ان رأس المال هو المحرك الرئيسي لأكثر وأهم الاحداث في العالم الى جنب الماسونية والصراعات الدينية والعرقية والنزاعات الأستعمارية وغيرها .. ولكن في العراق وفي السنوات الاخيرة طغت الصراعات الرأسمالية او الأقتصادية على سير الأحداث وهي التي تحرك اكثر الأمور واهمها واخضعت كل العوامل الاخرى لها وجعلتها تدور في فلكها ، وهيمنت حتى على مجال صحة الفرد وأخذت تتلاعب به بما يخدم مصالحها.
وهنا اوّد ان اشير الى مثلين جليين وواضحين عن تلاعب الصراعات التجارية بحياة المواطن وصحته ومعيشته، وكيف يخفون حقائق امراض خطيرة ، ويصعدون الأعلام بأتجاه أمراض اخرى اقل خطورة وكل هذا لغرض تحريك السوق بما يتماشى مع المصالح التجارية لهم.
لقد تصاعد في الفترة الأخيرة التهويل الأعلامي والتخويف من مرض انفلونزا الطيور والفيروس المسبب لهُ ( H5N1) وانتشرت اخبار كاذبة عنهُ مفادها ان المستشفيات إمتلأت بالمرضى بسببه وهناك نسبة وفيات وتصاعدت المطالبات بضرورة حرق الدواجن وكل أنواع الطيور ، لكن ماصحة هذه الادعاءات ؟ أنا اتحدث عن دائرتي ( دائرة صحة بغداد / الكرخ) واؤكد عدم دخول اي حالة مرضية من هذا النوع وليس كما اشيع من امتلاء مستشفى اليرموك مثلاً بأعداد كبيرة من الأصابات.
الكل يتذكر اتلاف ملايين الدواجين في العراق في نهاية عام ٢٠٠٥ وبداية عام ٢٠٠٦ ( ووصل الاتلاف الى الحمام والبلابل ) التي لم يثبت انها تنقل المرض ،وادى ذلك الى هدر كبير جداً في الثروة الحيوانية وهذا مرده الى امرين واضحين وجليين ، الأول هو التنافس التجاري والتسقيط المتعمد فيما بين التجار ، والثاني هو طلب التعويض من الحكومة حيث ان بعض تجار الدواجن ممكن يتلف اعداد قليلة من الدواجن ولكنه يسجل أضعاف هذا العدد ويطلب التعويض من الحكومة .
وهناك امر ثالث مهم وهو قصد الاضرار بالثروة الحيوانية للبلد لغرض الاستمرار بأستيراد اللحوم والدواجن من الخارج .
يقابل التهويل الاعلامي لمرض انفلونزا الطيور التكتم على مرض ( نقص المناعة المكتسبةالايدز ) الذي يسببه فيروس HIV وهو مرض خطير وفتاك من شأنه ان يقضي على حياة الكثيرين اضافة الى تهديم المنظومة الاجتماعية للبلد ، وهذا مرده الى امر واحد هو أن اسباب نقل المرض مثل الملاهي والبارات ومراكز المساج التي تخفي خلفها أمور أخرى قد تعود الى نفس التجار وأصحاب رؤوس الاموال وغلقها يؤدي الى خسائر مالية كبيرة لهم ويؤكد هذا تحدي أصحاب هذه المراكز للصحة والدفاع والداخلية التي تغلقها ثم يعاودون أفتتاحها في اليوم التالي بدون اي خوف او رهبة وكذلك تزوير كتب الموافقات بأسماء المؤسسات الحكومية وتواقيع مزورة لكبار المسؤولين مما يدل بشكل واضح وصريح على عدم الخوف من اي تبعات قانونية .
بل الادهى من ذلك ان مسؤولين ومؤسسات تخرج في الاعلام وتكذب هذه الاخبار وتهول اخبار انفلونزا الطيور في نفس الوقت .
وهناك وجه اخر من الحرب التجارية بين كبار التجار هو بث الاشاعات التي يتم تأكيدها من مؤسسات حكومية بطريق أو آخر ، واضرب امثلة على ذلك :
المثل الاول هو ماحصل قبل سنوات قليلة عندما أرسل كتاب الى وزارة الصحة مفاده أن هناك معلومات تفيد بأن البرتقال المستورد من ليبيا محقون بفايروس الأيدز ، فأرسلت وزارة الصحة إعماما الى كافة الدوائر لسحب نماذج من البرتقال لفحصه ، وهذا غريب جداً جداً حيث ان الكل يعرف ان فايروس الايدز لا يمكن ان ينتقل بهذه الطريقة ، والمثل الثاني هو انتشار خبر قبل فترة مفاده ان الرقي المستورد من سوريا محقون بفيروس الايدز .
والمثل الثالث قبل اشهر قليلة انتشر خبر بشكل كبير جداً مضمونه ان الفراولة تحتوي على فيروس الايدز ، علماً انه من المستحيل ان ينتقل هذا الفيروس بهذه الطرق
هذه امثلة مختصره على الحرب الاقتصادية التي يديرها بعض التجار بهدف الاضرار بأقتصاد البلد من جهة والتسقيط فيما بينهم من جهة ثانية وكذلك للحفاظ على بعض المكتسبات المتحققة من جهة ثالثة .
وفي الختام أهيب بمواطنينا الكرام أن لايصبحوا أداة لهذهِ الحرب ونشر الأخبار الكاذبة بشكل واسع جداً قبل التأكد من صحتها عن طريق الفيسبوك ووسائل التواصل الاخرى وهذا يحملهم مسؤولية شرعية وأخلاقية كبيرة .