واشنطن تودع “ثاني أقوى رجل في العالم”
هل ستيف بانون هو ثاني أقوى رجل في العالم؟ هذا التساؤل طرحته مجلة تايم في فبراير/شباط الماضي عندما وضعت صورة بانون، الذي كان آنذاك المستشار الاستراتيجي للبيت الأبيض، على غلافها المرموق.
وينظر إلى بانون على أنه مكافئ للرئيس الأمريكي دوالد ترامب، وأنه خلف بصمته في الكثير من المجالات: خطاب التنصيب الرئاسي الذي اتسم بنبرته القومية، قرار ترك اتفاق باريس للتغير المناخي، مساعي حظر سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، وهجوم ترامب على وسائل الإعلام.
وأشار البعض إلى أن مظهره غير المنمق كان يعد صورة من صور إبراز قوته. وأشارت تقارير إالى أن بانون المستشار الوحيد في البيت الأبيض الذي كان يسمح له بدخول المكتب البيضاوي بدون بدلة وربطة عنق. وكان من أشد مؤيدي شعار “دعوا ترامب يكون ترامب”، وهو الشعار الذي كان بانون من أشد المؤمنين بأنه هو الذي أوصل ترامب للرئاسة.
المناور العظيم
وأظهر غلاف تايم بانون في أوج نفوذه، ولكنه قد يكون قد بدأ الدورة التي أدت في نهاية المطاف إلى سقوطه. أسمته المجلة “المناور العظيم”، وهو الوصف الذي قيل إنه “ضايق” ترامب، فالرئيس ليس معتادا على مشاركة الأضواء والشهرة مع أحد، كما أنه غير معتاد على أن ينظر إليه كدمية يحرك خيوطها أحد. في بلاط دونالد ترامب، لن يكون لفرد السلطة خلف العرش.
البيت الأبيض في حرب
وكان على قائمة أعداء بانون عدد من مستشاري ترامب وكان يطلق عليهم اسم “المعولمين”، ومن بينهم إيفانكا إبنة الرئيس، وزوجها جاريد كوشنير،ومستشار الأمن القومي ماكماستر، نائب مستشار الأمن القومي دينا باويل والمستشار الاقتصادي غاري كوين.
وفي أوائل إبريل/نيسان قالت صحيفة نيويورك تايمز إن العلاقات بين بانون وكوشنر بلغت “نقطة الانهيار”، دون وجود أي أمل للتوافق.
الباب الدوار للبيت الأبيض: من الذي غادر؟
وأشارت تقارير إلى أن بانون قال لكوشنر، صاحب النفوذ الواسع “هذا سبب عدم وجود نقاط التقاء بينننا. أنت ديمقراطي”. ويرى بانون أن من أسماهم “المعولمين” أعاقوا تطبيق سياسة “أمريكا في المقام الأول”، التي يعد من أشد أنصارها. وكان يرى “المعولمين” على أنهم معتدلون بدرجة خطرة، وليبراليون لا يردون حقا لترامب أن يكون ترامب.
وسط هذا الصراع على السلطة في البيت الأبيض، ربطت علاقة مصلحة غير متوقعة بين بانون ورينس بريباس، والذي شغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض.
ولكن عندما حل الجنرال السابق جون كيلي محل بيرباس، بدا أن بانون سيقال قريبا. وتثار التساؤلات الآن عن مصير حلفاء بانون مثل المستشار الرئاسي ساباستيان غوركا، عن مدة بقائهم في البيت الأبيض.
وسيعود بانون إلى موقع “بريتبارت نيوز”، وهو موقع يميني يفضله مؤيدو ترامب الأوفياء. ويعتقد صحيفيون مقربون من بانون أنه لن ينقلب على ترامب في منصبه الصحفي، بل سيهاجم “خصومه”. ونقلت مصادر عن بانون قوله إنه سيحول الموقع إلى “آلة للقتل”.
وكما قالت ماغي هابرمان مراسلة نيويورك تايمز لشؤون البيت الأبيض “بانون يمثل مشكلة أكبر للبيت الأبيض وهو خارجه عن وجوده داخله”.
ويعتقد أن الكثير من مؤيدي ترامب المخلصين سينظرون إلى مغادرة بانون على أنها خيانة، فقد خرج أقوى القوميين في الإدارة الأمريكية من البيت الأبيض. ويعتقد مؤيدو ترامب أن خروج بانون من البيت الأبيض سيخفف من نفوذ ترامب.
وبعد استقالته، قال بانون لجوشوا غرين، الذي يعد كتابا عن سيرته، “دعوني أزيل أي بلبلة، إن وجدت: ساغادر البيت الأبيض وسأقاتل من أجل ترامب ضد خصومه، في البيت الأبيض، وفي الإعلام وفي قطاع الأعمال”.
وبلا أدنى شك ما زال ترامب يعتمد على إخلاص بانون واليمين. ويبدو أن تغريداته موجهة إلى هؤلاء. وكان بانون أوسع الضامنين لولاء اليمين للرئاسة نفوذا