نيويورك تايمز تحسم موقفها وتدعو الأمريكيين لانتخاب بايدن وتقرير أمريكا جديدة
الحياة لعراقية
حسمت صحيفة “نيويورك تايمز” موقفها من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وقررت دعم المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن.
وفي افتتاحية “انتخب بايدن، أمريكا” أشارت إلى أن نائب الرئيس السابق هو الزعيم الذي تحتاجه البلاد.
ويأتي موقف الصحيفة بعدما رشحت صحيفة “واشنطن بوست” بايدن للرئاسة في الأسبوع الماضي. وأضافت “نيويورك تايمز” أن المرشح الديمقراطي بايدن تعهد بأن يكون رئيسا لكل الأمريكيين حتى الذين لا يدعمونه، وأن وعودا كهذه في الانتخابات الماضية ربما بدت مبتذلة وعاطفية أكثر من اللازم إلا أن تعهد الرئيس اليوم بأن تكون مصلحة الأمة في رأس أولوياته يعتبر ثوريا.
وتعهد بايدن بأن “يعيد لأمريكا روحها” وهو تذكير مؤلم أن البلد ضعيف وغاضب وأقل أملا بالمستقبل وأكثر انقساما عما كان عليه قبل 4 أعوام. وبهذا التعهد يطمئن بايدن الرأي العام ويعترف بثقل المهمة التي طلب من الرئيس المقبل حملها. ومن حسن الحظ فهو مسلح للمهمة وبالتأكيد. وتضيف أن بايدن يقدم وسط الفوضى المستمرة للأمة القلقة والمتعبة أمرا أبعد من السياسة والأيديولوجيا، لأن حملته متجذرة بالتصميم والجاهزية والتعاطف واللياقة. وكرئيس سيؤكد بايدن على حكم النظام والقانون ويتبنى المؤسسات الديمقراطية ويعيد إلى الحكومة قيمة احترام العلم والخبرة. وسيملأ إدارته بأصحاب القدرة والكفاءة والمنضبطين.
وسيقف مع حلفاء الولايات المتحدة ضد أعدائها الذين يريدون تقويض الديمقراطية. وسيعمل لمعالجة الظلم المنظم. ولن يتسامح مع الديكتاتوريين أو يتنازل لدعاة تفوق العرق الأبيض.
وستكون مهمته رأب جراح الانقسام وسيعرف أن واجبه الأول سيكون للأمريكيين. لكن بايدن ليس مجرد يد ثابتة في العجلة فرسالته للوحدة والبراغماتية تحظى بدعم الديمقراطيين الذين تدفقوا وبأعداد كبيرة للموافقة عليه في الترشيحات الأولية.
ووضع فريقه أجندة جريئة تهدف لمعالجة المشاكل الملحة التي تواجه أمريكا. فنائب الرئيس السابق ملتزم بالعمل من أجل توفير العناية الصحية للجميع عبر إجراءات تضيف خيارات إلى قانون العناية الصحية الميسورة والذي لعب دورا في تمريره. وخفض سن الأحقية إلى الستين وأنزل أسعار الوصفات الطبية بشكل كبير. ويعترف بالتهديد المصيري للتغيرات المناخية كما هو واضح من خطة تريليوني دولار للتخلص من الانبعاثات الكربونية والاستثمار في الاقتصاد الأخضر ومكافحة العنصرية البيئية. ولن يتحول بايدن في أي وقت قريب إلى متطرف أيديولوجي. ولكنه يعترف بأن الأزمات الثلاثية الحالية- الوباء القاتل، الانهيار الاقتصادي والاضطرابات العرقية تستدعي رؤية في الحكم واسعة.
وقد حاولت حملته الوصول إلى عدد من المفكرين بمن فيهم منافسوه والطلب منهم المساعدة في رسم حلول دينامية. ففي منتصف الصيف قدم بايدن رؤية اقتصادية “إعادة البناء بشكل أفضل” بمقترحات تدعو لتقوية التصنيع الأمريكي والحث على الإبداع وبناء اقتصاد يقوم على الطاقة النظيفة وتعزيز المساواة العرقية ودعم الذين يقدمون العناية والتعليم. أما خططه لمواجهة فيروس كورونا فتضم خلق طاقم عمل صحي لا يتردد عن طلب المزيد منه. ولدى بايدن سجل واضح وطويل من الإنجازات بما في ذلك دعم قانون العنف ضد المرأة في عام 1994 عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ. وأشرف كنائب للرئيس على قانون التعافي الأمريكي وإعادة الاستثمار في عام 2009 والذي مرر كرد على الكساد العظيم. وفي عام 2012 أثارت تصريحاته في مقابلة مع برنامج “قابل الإعلام” التي دعم فيها زواج المثليين دهشة إدارة باراك أوباما وجدالا عاما. وكانت نقطة محورية في مجال المساواة، خاصة أن بايدن صوت عام 1996 ضد قانون زواج المثليين بشكل يجعل تغير موقفه مهما وذا أثر بعيد.
وترى الصحيفة أن بايدن لديه خبرة ثرية ومعرفة بالسياسة الخارجية التي لا تلعب دورا في السباقات الرئاسية، مع وباء كورونا وأزمة المناخ وحملة التضليل الصينية تؤكد على دورها في الانتخابات الرئاسية. وسيواجه الرئيس المقبل مهمة إصلاح الضرر الذي أصاب سمعة أمريكا الدولية. ولدى بايدن الوسائل للتعامل مع الوضع فلم يقض وقته كنائب للرئيس مركزا على القضايا العالمية بل وترأس كعضو في مجلس الشيوخ لجنة الشؤون الخارجية. وهو يعرف أن مدخل “أمريكا أولا” يعني “أمريكا وحيدة” وسيعمل والحالة هذه على إعادة بناء التحالفات التي دمرت. ويحظى باحترام وتعاون حلفاء أمريكا ولن يتم استغلاله كأبله من قبل أعداء أمريكا. وفي نظرة للوراء لم تكن كل قرارات بايدن في السياسة الخارجية حكيمة ولكنه كشف عن نظرة بعيدة في مواقف حاسمة. فقد قاتل في معركة خاسرة لمنع أوباما زيادة القوات في أفغانستان عام 2011. ولم يكن مقتنعا بالتدخل الأمريكي في ليبيا أو إرسال القوات الأمريكية إلى سوريا. واقترح إعادة النظر في قانون الرقابة الأمنية الخارجية لعام 2007 و2008 لأنه منح الحكومة سلطة واسعة للتجسس على الأمريكيين ودعم إغلاق سجن غوانتامو، ولم يكن مستغربا حصوله على دعم الرموز الأمنية من الحزبين. ولا يعد بايدن “أيديولوجيا” بالمعنى الحقيقي. وقد يرى البعض هذا نقطة ضعف. فلو استمرت سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ فلن يغير زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل سياسة العرقلة المجنونة لأي رئيس ديمقراطي. لكن بايدن لديه خبرة كرسول أوباما إلى الكونغرس للتعامل مع القضايا العويصة.
ومنح بايدن الحزب الديمقراطي بارقة عن المستقبل باختياره السناتورة كاميلا هاريس كنائبة له في السباق، فهي كأمريكية من أصل إفريقي- آسيوي أعطت بعدا تاريخيا لبطاقة السباق. وكقاضية سابقة فهي قوية وذكية تستطيع القضاء على أي جدال لمنافسها. وهي تقدمية لكنها ليست راديكالية. وقدمت نفسها في حملتها الانتخابية كموحدة. ويعترف بايدن بأنه لم يعد وجها جديدا للحزب وينظر إلى هاريس بأنها الجسر إلى الجيل القادم من القادة الديمقراطيين. ولو فاز بايدن فهو بحاجة لفهم مظاهر قلق الأمريكيين وترجمة الفهم إلى سياسة مقنعة. وقالت الصحيفة إن بايدن لديه قوة في الحديث عن المعاناة والتعاطف وبحس طازج. ويعرف بايدن ألا أجوبة سهلة ولديه الخبرة والشخصية لقيادة الأمة خلال الوادي إلى مستقبل مشرق حافل بالأمل. وعندما سيذهب الناخبون هذا العام إلى صناديق الاقتراع فهم لا يختارون مرشحا ولكنهم يقررون شكل أمريكا القادمة. وفي النهاية تقول إن بايدن ليس مرشحا كاملا ولكن يكون رئيسا تاما بهذا المعنى ولكن السياسة هي عن فن الممكن وتشجيع الأمريكيين على تبنى أجمل الملائكة لديهم.