تفجيرا بغداد يعيدان لأذهان العراقيين رعب الأيام الدامية
الحياة العراقية
منذ شهر، نجحت القوات الأمنية بمنع هجمات إرهابية بالعاصمة بغداد، عبر اعتقال عناصر من “داعش” الارهابي خططوا لتنفيذها بأحزمة ناسفة، لكن تفجيرا أمس الخميس، أعادا للأذهان رعب “الأيام الدامية” جراء هجمات انتحارية، خلال السنوات الماضية.
وكانت آخر الهجمات، التي شهدتها بغداد وتبنى تنظيم “داعش” الارهابي مسؤولية تنفيذها، وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، باستخدام سيارة مفخخة وعبوات ناسفة خلفت 10 قتلى وعشرات الجرحى.
وخلال العام الجاري، أعلنت سلطات الأمن، اعتقال وإحباط هجمات انتحارية لمسلحي تنظيم “داعش” الارهابي كانت تستهدف مواقع أمنية وتجمعات مدنية وأسواق شعبية في العاصمة.
وأعلن قادة الأمن بأن العاصمة باتت مستقرة أمنيا بفعل العمليات الاستباقية وتفعيل الجهد الاستخباري، لكن عناصر التنظيم الارهابي خلال تلك الفترة صعدوا من هجماتهم في محافظات ديالى (شرق) وصلاح الدين ونينوى وكركوك (شمال)، والأنبار (غرب).
وأمام تأكيدات القادة الأمنيين بتحسن أوضاع بغداد، كانت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تحذر من أن تنظيم “داعش” الارهابي لايزال يشكل تهديدا على الأمن العراقي.
وفي الأشهر الماضية، شهدت بغداد تقليص الحواجز الأمنية وإعادة فتح المناطق المغلقة لسنوات بسبب الهجمات الانتحارية، إثر تحسن الوضع الأمني، لكن تجدد الهجمات قد يعيد فرض الإجراءات السابقة مجددا.
وقد تؤثر الهجمات الانتحارية على خطة الحكومة لإخراج الجيش من المدن واستلام الشرطة مسؤوليات حفظ الأمن، إذ وضعت الداخلية خطة تطبق خلال 2021 تقضي باستلام الملف الأمني من الجيش في محافظات بابل (جنوب)، وواسط (جنوب)، وديالى، والديوانية (جنوب)، والمثنى (جنوب).
والخميس، فجر انتحاريان نفسيهما في سوق شعبية في “ساحة الطيران” في بغداد، ما أسفر عن استشهاد 32 شخصا وجرح 110 آخرين، وفق حصيلة غير نهائية.
– ضعف الجهد الأمني والاستخباري
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، طه الدفاعي، قال في تصريح نقلته الأناضول، إن “ضعف الجهد الأمني والاستخباري يعتبر السبب الرئيس وراء الهجمات الانتحارية الجديدة في بغداد.”
وأضاف الدفاعي: “ما حدث في بغداد، سببه ضعف الجهد الأمني والاستخباري لوزارة الداخلية من خلال الفشل في ملاحقة الإرهابيين، خصوصا في أطراف المدينة”.
وأردف: “قوات الأمن رغم تمكنها من اعتقال عدد من عناصر داعش، لكنهم للأسف لم يصلوا عبر الجهد الاستخباري الذي كان ضعيفا لجميع خلايا التنظيم في أطراف العاصمة”.
وتابع: “نعتقد أن تنظيم داعش لايزال يشكل تهديدا على الأمن خصوصا في المناطق التي كان يسيطر عليها شمالي وغربي البلاد”.
بدوره، ذكر عضو اللجنة، النائب كاظم الصيادي، للأناضول، أن الصراعات السياسية تؤثر بشكل كبير على مجريات الوضع الأمني في العراق.
واستطرد الصيادي: “الصراعات السياسية الحالية بسبب قضية الانتخابات المبكرة، حيث البعض يطلب التأجيل والبعض يريد الإسراع بإجرائها، كلها تخلق فوضى تلقي بظلالها على الوضع الأمني واستغلالها من قبل مسلحي داعش لشن الهجمات”.
وستنظم الانتخابات المبكرة بالعراق، في 10 أكتوبر /تشرين أول المقبل، بعدما تقرر تأجيلها، حيث يعتبر إجرائها مطلب احتجاجات شعبية تشهدها البلاد منذ آواخر 2019.
وأيدت غالبية الكتل السياسية قرار تأجيل الانتخابات، التي كانت مقررة في 6 يونيو/حزيران المقبل، لفسح المجال أمام مفوضية الانتخابات للانتهاء من استعداداتها اللوجستية الخاصة بالانتخابات.
– خلايا “داعش” شمالي بغداد
ويرى العميد المتقاعد، راضي محسن، أنه من المتوقع عودة الهجمات الانتحارية إلى بغداد، بسبب عدم حسم الوضع الأمني بشكل جيد في مناطق شمالي وغربي العاصمة.
وأوضح محسن، للأناضول، أن “قوات الأمن شنت عمليات بتلك المناطق، لكن حتى الآن هناك مناطق وعرة وزراعية لم تصلها قوات الأمن شمالي بغداد، وهي مأوى مناسب لإعادة عناصر تنظيم داعش ترتيب صفوفهم”.
وأضاف: “قوات الأمن للأسف لم تستغل فرصة ذهبية عام 2020، حيث كان بإمكانها تمشيط تلك المناطق وفرض سيطرتها الكاملة عليها، قبل أن تبدأ خلايا تنظيم داعش بمهاجمة أهدافها”.
ويقصد المتحدث بـ”الفرصة الذهبية” أن قوات الأمن العراقية لم تستغل استقرار الأوضاع الأمنية بمناطق شمالي بغداد آنذاك، لإجراء عمليات دهم وتمشيط عن خلايا داعش.
و”الأيام الدامية” هو مصطلح أطلقته السلطات العراقية، على التفجيرات العنيفة التي شهدتها بغداد ومدن عراقية منذ 2009 ولغاية 2019 وخلفت آلاف الشهداء والجرحى، أبرزها تفجيرات “الأحد الدامي” و”الأربعاء الدامي”.
و الأحد 3 يوليو/تموز 2013، فجر انتحاري شاحنته المفخخة في حي الكرادة وسط بغداد، وهو ما خلف أكثر من 250 شهيداً ونحو 500 جريح.
فيما تعرضت بغداد، الأربعاء 19 أغسطس/آب 2009، لسلسلة هجمات انتحارية استهدفت مبنى وزارة الخارجية والمناطق القريبة منها، ما خلف 74 شهيداً وأكثر من 200 جريح.