شعرة من جلد خنزير
هادي جلو مرعي
كيس برتقال كتب عليه رقم القائمة الإنتخابية، وإسم المرشحة، وتسلسلها في القائمة، وكان في الكيس عدد من البرتقالات لكني لست متأكدا من كون البرتقال هو برتقال فعلا، أم هو نارنج، ولاأظن ذلك. فالنارنج حامض جدا، وربما سيغير الناخب رأيه في حال تذوق واحدة، ويصوت لمن يعطيه مروحة سقفية، أو مدفأة نفطية، أما البطانية فحاشا لله أن أذكرها بسوء.
المواطن العراقي البسيط ربما تغريه أمور اكثر أهمية لكن البسيط يقول في سره: ماضر لو أخذت الهدية التي هي رشوة، ولأعتبرها. شعرة من جلد خنزير.. خاصة مع التحول الكبير في النظرة الى القيم الأخلاقية التي تعارفها الناس، فما كان عارا في السابق أصبح منجزا في الحاضر، وإذا كان اللص قبل خمسين عاما يدخل بيوت الناس ليسرقها، فتقع يده على مادة خشنة لايعرف ماهيتها في الظلام فيتذوقها، فإذا عرف أنه الملح تركه، وترك الدار إحتراما للملح.
في هذا الزمان فإن الحرامي يسرق الدار، ومافيها، ويسرق الملح دون أن يتذوقه، وقد يقتل أهل الدار.
في هذا الزمان ومع الفوضى المنتشرة، ونوع الفساد المستشري، فإن البعض صار يرى في السرقة شطارة وفي الرشوة هدية وهناك من يساوم على الشرف في سبيل إبتزاز الآخر لينفذ له مايريد حيث صار التقشف من سمات العصر ووصل الى الشرف ويفقد المزيد من الأشخاص شرفهم بمرور الوقت خاصة الذين يتسلطون بوظائف حكومية أو يمتلكون عوامل القوة.
صار المواطن يرى في السياسي شخصا شريرا سيئا لاعلاقة له بالمباديء ويخشاه ويكرهه ويمكن أن يتقبل كل مايقال عنه من سوء حتى لو كان هذا الكلام كذبا وزورا وبهتانا فالناس لم تعد ترى في العار عار، وصارت تهرب من الفضائل لتحقق ماتريد من مكاسب حيث ينظر الجميع الى المصلحة بوصفها الغاية التي تهون أمامها الغايات.
العراق فيه الكثير من السياسيين ويفوقون في عددهم مايمتلكه من أشياء، وهم سيستمرون في جني المكاسب على حساب الشعب، وكم من المؤلم، أن يأخذ منك رجل الدين مالك، ويأخذ السياسي صوتك، ويأخذ المثقف إعجابك، ويتركونك مثل دجاجة لايطمع فيها القط الجائع.