طالباني يتحدث عن اتفاقيات بغداد واربيل.. وهذا بخصوص بيع النفط لتركيا لـ50 عاماً
الحياة العراقية
أكد نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، قوباد طالباني، الأحد، أن الإقليم مستعد للدخول في اتفاق مع الحكومة الاتحادية لتنفيذ جميع الالتزامات، شرط أن يكون ذلك الاتفاق عادلا وقابلا للتنفيذ، موضحاً أن حصة الإقليم الحقيقية من موازنة الدولة الاتحادية لا تتجاوز 5 % بعد طرح المصاريف السيادية. نفى طالباني اتفاق الإقليم على بيع النفط إلى تركيا لمدة 50 عاماً، مبيناً أن الاتفاق يتعلق بتصدير النفط عبر الأنابيب في الأراضي التركية وتسويقه إلى الأسواق العالمية.
وفيما يلي نص الحوار الذي اجرته صحيفة “الصباح” شبه الرسمية، مع نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، قوباد طالباني:
• في ما يتعلق بالأزمة المالية وحصة الاقليم من الموازنة، ما هي أبرز نتائج حواراتكم مع الحكومة الاتحادية؟
– تواصلنا ومازلنا منذ ما يقرب من سنة كاملة مع بغداد، وحواراتنا الحالية مختلفة ومتعددة وليس حوارا واحدا أو في ملف واحد، وفي السابق كانت الحوارات مع الحكومة الاتحادية والتي نتج عنها اتفاق تم تضمينه في مشروع موازنة 2021، أما الآن فحواراتنا تتركز مع الكتل السياسية، والموضوع حالياً بين يدي البرلمان، ونتمنى أن نصل إلى نتيجة إيجابية باتفاق عادل وقابل للتنفيذ بذات الوقت، فالمعادلة لا تقبل خاسراً أو فائزاً، ويجب الابتعاد عن التصريحات التي تدخل في خانة الدعاية الانتخابية والشعارات والبحث عن حلول منطقية لهذه المرحلة، وفي حقيقة الأمر كانت حواراتنا ببغداد إيجابية، لكنها مستمرة مع اللجنة المالية في البرلمان والكتل السياسية بشكل عام، ونحن قريبون من ايجاد حل قابل للتنفيذ، وهذه ستكون خطوة نحو بناء جسور الثقة بين الطرفين.
قانون الموازنة
• ذكرتم أن هناك اتفاقا حصل بين بغداد وأربيل بما يتصل بموازنة 2021، ما هي أبرز مضامين هذا الاتفاق؟
– حين ننظر إلى قانون الموازنة، فإننا لا ننظر الى الجزء المتعلق بإقليم كردستان فقط، لأن هذه الموازنة لجميع أرجاء العراق الذي يمر بأزمة اقتصادية ومالية، وهذه الموازنة هي خطوة أولى لإرجاع العراق الى المسار الصحيح اقتصادياً ومالياً، صحيح هناك جزء متعلق بإقليم كردستان، لكن هناك مواضيع اخرى مهمة بنظرنا، على سبيل المثال، حجم الموازنة وحجم العجز الموجود فيها وطريقة تأمين حصص المحافظات – ليس فقط اقليم كردستان- بل محافظات العراق الأخرى أيضاً، فالعراق القوي اقتصادياً يمثل قوة للإقليم أيضاً، وكذا الحال بما يتصل بالمواضيع الأخرى من أمن وغيره، وباعتقادي فإن الخطر الأكبر الذي يواجه البلد هو المتعلق بالاقتصاد، وفي حواراتنا في الآونة الأخيرة في بغداد كررنا موضوعين، هما أننا نريد حلا عادلا للجميع، وأن يكون قابلاً للتنفيذ في نفس الوقت، ويجب أن ترتقي حواراتنا عن صغائر الأمور والاهتمام بكيفية بناء البلد من جديد برؤية ستراتيجية.
• ما هي أبرز شروط بغداد لتحديد حصة الاقليم من الموازنة؟
– بما يتعلق بالإقليم، هناك شطران من الحوارات بشأن الالتزامات والاستحقاقات، وفي كثير من الأحيان هنالك تصغير لمشكلة الإقليم وحصرها بقضية رواتب الموظفين، وذلك مخالف للحقيقة، فهي ليست الاستحقاق الوحيد للإقليم، حيث توجد استحقاقات أخرى تعد من الحقوق الدستورية وفي مقابلها هناك التزامات على الإقليم، وبحسب نص مشروع الموازنة الحكومي ذكر أن على الإقليم تسليم 250 ألف برميل من النفط يومياً لشركة (سومو)، ونحن موافقون وجاهزون لتنفيذ هذا الاتفاق.
الحصة الحقيقية
• كيف تعطون تطمينات للشارع العراقي بشأن كون الإقليم جزءا لا يتجزأ من العراق خصوصاً بما يتصل بحصة الإقليم من الموازنة؟
– هنالك ظلم وسوء تصور في الشارع العراقي بشأن العلاقة مع الإقليم، ولقد كان هناك اتفاق قديم بأن حصة الاقليم 17 % من حصة الموازنة، وحالياً أصبحت الحصة 12.67 %، ولكننا إذا نظرنا إلى هذه الحصة، فهي ليست ضمن الموازنة العامة، كونها تخرج بعد الموازنة السيادية في الموازنة العامة والنفقات السيادية، وبذلك إذا نظرنا إلى الرقم الحقيقي لحصة الإقليم، فإننا نجده لا يتجاوز 5 % من الموازنة العامة للدولة، وإذا كانت هذه النسبة التي تذهب إلى الإقليم هي السبب بتدهور الخدمات في المحافظات الجنوبية وعدم إعمارها، فنحن متنازلون عنها، ونحن نتساءل بدورنا أين تذهب بقية الـ95 % من الموازنة؟!، ونحن مع التوزيع العادل للموازنة بين جميع محافظات العراق، وندعو للسيطرة على المنافذ الحدودية وإيراداتها التي يمكن إن وظفت بشكل صحيح أن تسهم بإعمار وازدهار جميع المحافظات.
• هنالك من يرسم صورة سيئة عن الإقليم في الشارع العراقي، إلى ماذا تعزون السبب؟
– لهذه الصورة أكثر من سبب، أحدها التشويه السياسي من قبل بعض الأطراف للإقليم، والآخر هو تقصير من سياسيي وحكومة الإقليم بعدم القدرة على مخاطبة الشارع العراقي (غير الكردي)، فلم نستطع إيصال رسالتنا بشكل حقيقي وواضح بدون تزييف الحقائق، ونحن متأكدون أن الكثير من أخوتنا في بقية أرجاء البلاد لا يعلمون أن حصة الإقليم من الموازنة العامة بضمنها النفقات السيادية هي 5 % فقط.
الرقابة المالية
• يشاع أن حكومة الإقليم ترفض دخول ديوان الرقابة المالية الاتحادي؟
– هذا الكلام غير صحيح، وقد أبرمت مذكرة تفاهم بين الرقابة المالية الاتحادية والرقابة المالية للإقليم، وأحياناً بسبب طول الغياب ما بين زيارة وأخرى من الرقابة المالية الاتحادية إلى الإقليم يولد سوء تفاهم بين الطرفين، وليس من الضرورة أن كل موظف في الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم لديه نفس النية الحسنة الموجودة لدى القيادة، وباعتقادي أن مشروع الموازنة هو الذي يقرر إعادة بناء الثقة بين المكونات السياسية، ونحن على يقين إننا يمكن ان نبني تلك الثقة خطوة بعد أخرى.
أعداد الموظفين
• في ما يتصل بعدم ثقة بغداد ببيانات الموظفين في الإقليم وأعدادهم، هل لكم أن تطلعونا على بعض التفاصيل بهذا الشأن؟
– نعم هذا صحيح، وهو أحد أسباب انعدام الثقة، فحين واجهنا الأزمة الاقتصادية في الإقليم في العام 2014، لم نكن على معرفة بأعداد الموظفين بصورة دقيقة، ما اضطرنا إلى اللجوء إلى خيار الإحصاء البايومتري بتسجيل كل من يعمل موظفاً في الإقليم ويتقاضى راتباً في برنامج إلكتروني خاص، وبالتالي باتت لدينا أرقام دقيقة للموظفين وغيرهم ممن يتقاضون تلك الرواتب، ويبلغ عدد الموظفين في الإقليم 751 ألفا حسب التسجيل البايومتري بضمنهم المدنيون والعسكريون، وهنالك أيضاً 242 ألف متقاعد، ولدينا 98 ألفا من ذوي الشهداء والسجناء السياسيين، وكذلك لدينا 159 ألفا من مستفيدي الرعاية الاجتماعية، وإذا جمعنا تلك الأرقام مع بعض يكون اكثر من مليون ومئتين وخمسين الف شخص يتقاضى رواتب في الإقليم، وإذا قمنا بمقارنة ذلك مع الحكومة الاتحادية، نجد أن الأخيرة تدفع رواتب لقرابة 10 ملايين شخص، ونعتقد أن الأرقام كبيرة من الجانبين، لكنه واقع الحال.
في حواراتنا الأخيرة ببغداد، وجهت إلينا اللجنة المالية في مجلس النواب، 13 سؤالاً يتعلق بإنتاج النفط والتصدير والاستهلاك الداخلي وغيرها من الأرقام التي أجبنا عنها بشكل رسمي وسلمناها للبرلمان والحكومة الاتحادية لإزالة بعض الشكوك والشبهات الواردة بشأنها، وليس لدينا شيء نخفيه.
• ما هي الآلية التي تتعاملون بها بدفع رواتب الموظفين في الإقليم في ظل الأزمة الحالية؟
– نستخدم العائدات الموجودة لدينا في دفع رواتب الموظفين، وخلال الشهور الخمسة الماضية لم نتسلم أي مبالغ من الحكومة الاتحادية، وفي عام 2020 تم تمويل الإقليم من الحكومة الاتحادية 6 أشهر فقط، و3 أشهر من تلك الستة أشهر كان التمويل متقطعا ، وقد استطعنا دفع رواتب 8 أشهر ، اذ اضطررنا الى أن نوجد توازنا بين مصاريفنا ودخلنا، نعم تأخرنا عن دفع الرواتب واضطررنا الى اللجوء الى تقشف أكبر، والمتضرر بالدرجة الأولى هم الموظفون في إقليم كردستان .
تعامل مباشر
• هناك دعوات من قبل محافظة السليمانية وردت في الآونة الاخيرة بالتعامل بشكل مباشر مع بغداد مقابل تسليم النفط، كيف تنظر حكومة الاقليم الى هذه الدعوات؟
– تمت إثارة هذا الموضوع من قبل أشخاص في بعض المحافظات، ولكن أنا أسأل (هل الحكومة المركزية مستعدة لتمويل محافظة واحدة من محافظات الاقليم بشكل مباشر؟)، مثلاً محافظة السليمانية في الموازنة التشغيلية برواتب موظفيها في الشهر تصل الى أكثر من 400 مليون دولار، فالسؤال (هل الحكومة الفيدرالية مستعدة لتمويلها؟)، حيث أن السليمانية ليست لديها الكمية الكافية من النفط، فالسليمانية تحوي نحو 11 % من كمية النفط المنتج من الاقليم، ونكرر السؤال إلى الحكومة الاتحادية (هل باستطاعتها التعامل مع محافظة واحدة؟)، ما نريد التوصل إليه، كما أسلفنا، هو اتفاق قابل للتنفيذ يصب بمصلحة العراق بشكل عام والإقليم بشكل خاص، عبر حلول منطقية عادلة.
شركة «سومو» جديدة
• اقترح وزير النفط، تأسيس شركة لإدارة أعمال انتاج وتصدير النفط في الاقليم، ما رأيكم بهذا الطرح؟
– لدينا قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، وبحسب هذا القانون، فنحن ملزمون بتأسيس عدد من المؤسسات، اثنتان من المؤسسات الرئيسة موجودة حسب القانون، وقد يكون ذلك قريبا من طرح وزير النفط، فإحدى هذه المؤسسات هو (صندوق العائدات النفطية) وقد صدر قانونه الخاص وبقي تنفيذ هذا الصندوق بشكل فعلي والمباشرة بالعمل به، والمؤسسة الثانية هو مشروع تأسيس (شركة نفط اقليم كردستان)، لكنها ربما تختلف عن فكرة وزير النفط، وهنالك نقطة مهمة يجب معرفتها، وهي أن تركيبة قطاع النفط في الإقليم تختلف عن تركيبة قطاع النفط في العراق، حيث أن القطاع الخاص هو المسيطر على قطاع النفط في الإقليم، بينما في بقية أرجاء العراق فإن هذا القطاع بكل محتوياته مملوك للدولة، والعقود النفطية الموجودة في بقية أرجاء العراق هي عقود خدمة مع شركات النفط، لكن في الاقليم العقود ليست عقود خدمة بل عقود شراكة إنتاج، ولذلك فإن الامور التي تنفذ في أجزاء العراق الأخرى من الصعب تنفيذها في الإقليم، كما ان ربط جميع نفط اقليم كردستان الى بادارة واحدة تابعة للحكومة الاتحادية هو طلب غير دستوري. فضلا عن ان مصدر الواردات الرئيسة في الاقليم هو النفط وعن طريقها يتم تأمين اشكال عديدة من النفقات في الاقليم وبالتالي فانه اذا لم يكن لدينا مثل هذا المصدر الوحيد فمعنى ذلك انه لا توجد اي ضمانات بان نحصل على نفقاتنا التي نستطيع من خلالها تسديد الديون التي تقع على عاتق الاقليم.
• وزير النفط اتهم الإقليم بعدم الالتزام باتفاق أوبك الخاص بتخفيض إنتاج النفط؟
– قمنا بتخفيض الإنتاج، لكن نسبة التخفيض التي يطالب بها وزير النفط غير عادلة، فالإقليم ينتج 9 % فقط من إجمالي إنتاج النفط العراقي، والوزير يطالب الإقليم بتخفيض ذلك الإنتاج الى23 %، فإذا تم تخفيض هذه النسبة التي يطالب بها الوزير، فآثاره ستكون أكبر ويلحق أذى كبيرا بالإقليم، ونحن مع التخفيض العادل، اذ خفض الإقليم ما يقرب من 50 الف برميل يومياً، وهو رقم كبير جداً بالنسبة لحجم إنتاج النفط في الإقليم، فطاقة إنتاج الإقليم من النفط كانت نحو 480 الف برميل، وحالياً اقل من هذا الرقم بنحو 50 الف برميل، ونحتاج الى أكثر من 20 الف برميل لتغطية الاستهلاك المحلي، فالاقليم وبحسب قدراته خفض الإنتاج الذي ينتجه.
أسعار النفط
• ما صحة المعلومات بشأن بيع النفط المصدر من الإقليم بسعر أقل من أسعار السوق العالمية؟
– هناك أرقام دقيقة بهذا الشأن يمكن الحصول عليها من موقع حكومة الاقليم صادرة عن شركة “ديلويت” وهي شركة عالمية تدقق وتنشر تقارير دورية عن النفط في الإقليم، وأشير إلى أن كلفة التنقيب واستخراج وإنتاج وتصدير النفط في الإقليم عبر أنابيب النقل إلى تركيا تختلف عن الكلف المماثلة في بقية مناطق العراق، كما أن جودة ونوعية النفوط تختلف وكذلك سهولة وصعوبة التنقيب والاستخراج بين الإقليم وبقية المناطق في العراق إضافة إلى قضايا فنية أخرى، ما يولد اختلافا في أرقام وأسعار بيع النفط في الإقليم.
• تحدثتم عن شركة (سومو) جديدة موحدة؟
-إن تمت هيكلة شركة (سومو) من جديد وفيها أعضاء كرد في مجلس الادارة، وهم يتولون قضية أسعار النفط بصورة مناسبة تخدم البلد ومن ضمنه اقليم كردستان، فهذا جيد ومن مصلحة الجميع، لكن هذه مجرد فكرة لم تتبلور بالشكل المطلوب، وهذه الفكرة ليست جديدة، وهي موجودة منذ عام 2010 نتحدث عنها بين الحين والآخر، ففي عام 2014، طلبت الحكومة الاتحادية منا تصدير نفط
الإقليم عبر شركة (سومو)، لكننا طالبنا بتأسيس الشركة من جديد لكي تقوم بالعملية التسويقية، لنتمكن من إدارة الواردات النفطية بصورة شفافة، لكن العملية تعقدت ودخلت في حسابات سياسية وغيرها، ونحن مع إعادة هذه الفكرة وليس لدينا مانع من تطبيقها.
• وهل سيفي الاقليم بالتزاماته مع الحكومة الاتحادية؟
– ان اقليم كردستان مستعد لتنفيذ جميع الالتزامات مع الحكومة الاتحادية سواء كانت حول النفط الذي يبلغ 250 الف برميل يوميا او حتى الموارد غير النفطية في منافذ الاقليم وبجسب القوانين السارية ضمن الدستور ولكن في المقابل يجب توفير حقوق الاقليم ايضا.
• هناك حديث عن بيع الاقليم النفط لمدة 50 عاماً الى تركيا، ما صحة ذلك؟
– هذا الكلام غير صحيح، فنحن لم نبع النفط لمدة 50 عاما، بل عملنا ضمن اتفاق العراق الاتحادي مع تركيا بشأن نقل النفط عبر الاراضي التركية ليصل إلى السوق العالمية، وليس لبيع النفط .
منافذ حدودية
• توجه الحكومة الاتحادية اتهامات إلى حكومة الإقليم بإدخال بضائع بصورة غير قانونية عبر المنافذ المتواجدة في الإقليم، ما هو ردكم على ذلك؟
-لدينا اتفاق مع وزارة الزراعة الاتحادية بشأن السلع المسموح بتوريدها للبلاد، كما أن لدينا منذ عام 2017 اتفاقا على الالتزام بالتعرفة الجمركية، أما ظاهرة التهريب ودخول البضائع غير القانونية، فهي ظاهرة ليست متعلقة بمنافذ الاقليم فحسب، وإنما هي ظاهرة في جميع منافذ العراق، وعلينا السعي لوضع حلول جدية للتخلص من هذه الظاهرة.