مع قرب انطلاق الجولة الثالثة لمحادثات فيينا.. مؤشرات حلحلة بشأن النووي الإيراني
الحياة العراقية
يتوجه المبعوث الأميركي الخاص، روبرت مالي، اليوم الثلاثاء، إلى فيينا للمشاركة في مفاوضات الملف النووي الإيراني، بعد توقف المحادثات لعدة أيام قضتها الوفود في بلدانها للتشاور.
وتبدأ الجولة الثالثة هذا الأسبوع على خلفية تحركات وتسريبات تؤشر على بوادر حلحلة تعزز الاعتقاد الذي رافق هذه العملية من البداية، بأنها انطلقت أصلاً بنية عودة واشنطن إلى اتفاق 2015 النووي بصورة أو بأخرى، ما لم تحدث موانع طارئة.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أعطت أكثر من إشارة في هذا الخصوص، ولو مع التحفظ والتشديد على أنّ طريق المفاوضات “طويلة”.
فقد ألمحت سابقاً إلى حصول “تقدم بسيط” في المفاوضات، وتحدثت عن أنّ “الإمكانية موجودة” لو تجاوبت إيران، كما قال، أمس الاثنين، الناطق الرسمي في وزارة الخارجية، نيد برايس.
وكأنّ السؤال لم يعد “إذا”، بل صار “متى” يتحقق أول اختراق بتحول المفاوضات من غير مباشرة إلى مباشرة بين طهران وواشنطن، وبما يضع العملية على سكة ولادة الاتفاق العتيد، لو سارت الأمور في الطريق المرسوم، وقد قامت إدارة بايدن بخطوة ذات دلالة واضحة في هذا الخصوص.
المنسق الشرق أوسطي في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، بريت ماكغورك، قام باتصالات مع قيادات يهودية أميركية “لشرح الخطوات الجارية (في مفاوضات فيينا) الرامية إلى إعادة العمل باتفاق 2015”.
ولطمأنة هذه القيادات المكلفة ضمناً طمأنة الاحتلال الإسرائيلي، أكد لها أنّ الإدارة الأميركية “لن تدفع أي ثمن مقدماً لإيران لمجرد البدء بعملية” التفاوض.
ليس هذا فحسب، بل إنها تتعهد بأن تحمل إيران على “الالتزام بإعادة برنامجها النووي إلى الصندوق الذي يمكننا مراقبته بالكامل، وإننا لن نخفف ضغوطنا على طهران ما لم تُحَل الجوانب الإشكالية” كما قال، متعهداً بأنه “لا يمكن إيران الحصول على السلاح النووي”.
المعروف أنّ العلاقات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومعظم القوى اليهودية الأميركية والمحسوبة على خندق حزب بايدن الديمقراطي، يسودها نفور مزمن يعود إلى زمن الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، ومحاولة رئيس حزب “الليكود” تخريب اتفاق 2015 من خلال تحريض الكونغرس على الصفقة والرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب.
مخاطبة ماكغورك لهذه القيادات تنطوي على رسالة من شقين: الأول تحييد اليهود الأميركيين في هذا الموضوع وحملهم بصورة ضمنية على ممارسة الضغوط على إسرائيل كي لا تكرر ما قام به نتنياهو المرة الماضية حين جاء إلى واشنطن لتأليب الكونغرس على الرئيس، بخصوص الاتفاق.
والثاني، شق إبلاغي مفاده أنّ الإدارة وضعت نفسها على طريق صفقة 2015 وأنه على الآخرين أخذ العلم بذلك.
ففي العادة تجري الإدارة مثل هذا الاتصال مع الدوائر اليهودية الأميركية لوضعها في صورة احتمالات قضية مطروحة تعترض عليها تل أبيب.
وليس من المستبعد أن تكون هذه الخطوة في هذا الوقت المبكر من المفاوضات، مؤشراً أخر ليس فقط على ترجيح التوصل إلى اتفاق، بل أيضاً إلى إمكانية الانتهاء من طبخته في وقت قريب.