الاخبار الرئيسيةدولي

تبعات الانهيار الاقتصادي في لبنان.. صرف جماعي للموظفين وهجرة للشركات

الحياة العراقية

بالتزامن مع الإضراب النقابي والعمالي شامل الذي دعي اليه، اليوم الخميس، استكمالاً لسلسلة تحركات مطلبية للضغط باتجاه تشكيل حكومة إنقاذ على ضوء تفاقم الأزمة المعيشية وانسداد الأفق السياسي، يبدو أن لبنان يسير باتجاه نفق مظلم لا مجال فيه للعودة الى الوراء الا بمعجزة.
وتعد المرحلة الراهنة الاشد خطورة على اللبنانيين والفئات الأكثر فقراً وحاجة، حيث يواجه لبنان اليوم رفع دعم مقنّعاً في ظل انقطاع الدواء والبنزين والحليب وغيرها من السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، فضلا عن ارتفاع منسوب البيع غير الشرعي والسوق السوداء، ولا سيما على صعيد المحروقات، ما جعل الأسعار ترتفع بشكل كبير، بحسب وسائل إعلام لبنانية، ومسؤولين محليين.
وكشف الاتحاد العمالي العام، في لبنان، عن حديث يجري بالدوائر الضيقة عن اتجاه إلى زيادة سعر ربطة الخبز ورفع الدعم عن الطحين من نوع “اكسترا” المستخدم بالمعجنات مثل “البيتزا” و”المنقوشة” و”الخبز الفرنجي”، بالإضافة الى الكم الهائل من الأزمات المتلاحقة التي تتصل أيضاً بالخدمات الإنتاجية التي تكاد تنهار على كافة المستويات.
ويطال التدهور بشكل جديّ مرفأ بيروت الذي تغيب عنه الإصلاحات والصيانة على صعيد الآليات والرافعات التي تتعطل الواحدة تلو الأخرى، الأمر نفسه بالنسبة إلى مؤسسة الكهرباء، فهي غير قادرة على شراء قطع الغيار، والمجموعات كذلك تصيبها الأعطال تدريجياً، وهو ما ينطبق على مصالح المياه، والاتصالات والإنترنت وغيرها من القطاعات، مما جعل العديد من النقابات والاتحادات العمالية تحذر من الوصول إلى مكان يفقد فيه كل شيء.
وتبرز هنا مشكلة غلاء حليب الأطفال الرضع بشكل خاص، حيث تتصاعد الدعوات للمسؤولين إلى التحرك للجم الارتفاع المخيف بالأسعار والتي زادت من 20 و23 و25 ألف ليرة لبنانية (أقل من 20 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي غير المعمول به)، إلى 200 ألف ليرة (حوالي 134 دولاراً)، في السوق السوداء، وهذا أيضاً شكل من أشكالِ رفع الدعم المقنع، مع الإشارة إلى أن الحد الأدنى للأجور أصبح أقل من 50 دولاراً، بعدما تجاوز سعر الصرف بالسوق السوداء الـ15 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وفي السياق أبدت مؤسسات خيرية ومنظمات مدنية، امتعاضها مما وصل اليه الحال ببعض العائلات التي تم رصدها وهي تقوم بتذويب الماء والسكر مع مواد أخرى للأطفال عوض الحليب نتيجة الشح الحاصل والارتفاع الكارثي في الاسعار.
ودعت النقابات والهيئات المشاركة في الإضراب العام، اليوم الخميس، على مختلف الأراضي اللبنانية في الشمال والبقاع والجنوب وبيروت وضواحيها، المواطنين الى رفع الصوت عالياً لإيصال الدعم إلى الفئات الأكثر حاجة بدل أن يذهب لصالح التجار الذين يعمدون إلى تخزين البضائع بالمستودعات، والمهربين الذين يجنون أرباحاً طائلة تحت غطاء المسؤولين السياسيين وحرمان المواطنين منها، محذرة من تحويل مشروع البطاقة التمويلية (التي لم تقرّ بعد)، إلى أداة انتخابية توزع على مناصري الأحزاب لاستعادة القوى التقليدية شعبيتها على أبواب الاستحقاق النيابي بالعام المقبل.
في الاثناء أيد المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان الإضراب العام، معلناً مشاركته به نظراً لما يتعرض له القطاع المصرفي من أضرار، خصوصاً في ظل عدم وجود حكومة إنقاذ تتولى معالجة الأزمة المالية وموضوع المديونية العامة التي ابتلعت أموال المودعين والتفاوض مع صندوق النقد والبنك الدوليين من أجل التفاهم على خطة إصلاحية من خلالها يمكن الانطلاق بسياسات مالية تعيد ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بالقطاع المصرفي.
وناشد المجلس كافة الإدارات المصرفية، التجاوب مع نداء الاتحاد العمالي العام والموافقة على توقف العمل في كافة الإدارات والفروع في كافة المناطق، تضامناً مع مطلب الاتحاد بضرورة الإسراع بتشكيل حكومة مهمة. وامتدت الأزمة إلى الموظفين في المصارف.
هذا وتسببت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يشهدها لبنان ولا سيما منذ أواخر عام 2019، بإقفال مئات الشركات في مختلف القطاعات، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر والجوع مع استمرار تحليق سعر صرف الدولار وتدهور قيمة العملة الوطنية بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد.
وفي أحدث تقرير صادر عن مؤسسة “الدولية للمعلومات”، في أيار الماضي، تقدر نسبة الفقر بـ55% من اللبنانيين المقيمين، أي نحو 2.365 مليون مواطن، منهم 25% دون خط الفقر، أي 1.075 مليون شخص، وهؤلاء لا يكفيهم دخلهم لتوفير الكميات الكافية والصحية من الغذاء، و30% منهم فوق خط الفقر، أي 1.290 مليون فرد، وهؤلاء يكفي دخلهم لتوفير الغذاء ولكنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة من السكن والملبس والتعليم وغيره.
وأشار التقرير إلى أن نحو 45% من اللبنانيين المقيمين لا يتمتعون بأي تغطية صحية إلا ما تؤمنه وزارة الصحة العامة، في حين أن نحو 5% فقط من المواطنين هم من الأثرياء، أي 215 ألف لبناني، لافتاً إلى أن نحو 95% من العاملين في البلد يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية.
وأضاف التقرير، أن 70% من العاملين تراوح رواتبهم الشهرية بين 1.5 مليون ليرة و3 ملايين ليرة، وقد بلغت نسبة البطالة 35%، أي نحو 480 ألف شخص، وهناك نحو 300 ألف شخص يعملون بصورة متقطعة في مهن غير دائمة ولا تشكل استمرارية.
وفي النهائية يبدو ان تبعات الازمة الاقتصادية الخانقة، المرتبطة بأزمة سياسية تتعلق بتأخر تشكيل الحكومة، والصراع بين بعض الاطراف، قد تؤدي إلى انهيار كامل يخشى على لبنان منه، في ظل تراجع مخيف لقيمة الليرة، وتراجع مخيف آخر لحركة العمل والسياحة والاعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى