من أجل مئة ألف دينار.. حالات طلاق تتم بصورة غير شرعية مكاتب المأذون الشرعي تضاعف انفصال الأزواج
من أجل مئة ألف دينار.. حالات طلاق تتم بصورة غير شرعية مكاتب المأذون الشرعي تضاعف انفصال الأزواج
بغداد/ ليث جواد
عد قاض متخصص بالأحوال الشخصية مكاتب المأذون الشرعي، عاملا مساعدا في زيادة حالات الزواج والطلاق خارج المحكمة, مؤكدا ان اغلب حالات الطلاق التي يجريها المأذون الشرعي غير شرعية وقانونية. وذكر قاض آخر أن هذه المكاتب ينقصها التنظيم، لافتا إلى تسجيل أكثر من 20 حالة تصديق طلاق خارجي يوميا في المحكمة الواحدة ما يدل على سهولة الطلاق التي يقوم بها المأذون الشرعي.
وقال قاضي أول محكمة الأحوال الشخصية في العمارة علي رسمي الساعدي في حديث لـ(القضاء) إن “مكاتب المأذون الشرعي تعمل خارج بناية المحكمة وفي منطقة تواجد كتاب العرائض بصورة رسمية كونهم يحملون هوية (خبير قضائي) صادرة من قبل الهيئة الاستئنافية في المحكمة”.
وأضاف الساعدي أن “عملهم يحقق بعض الإيجابيات أحيانا إلا أن كثيرا من السلبيات تكتنف هذا العمل”، لافتا إلى أن “هؤلاء عادة ما يقومون بإفهام الأطراف بعض المسؤوليات الشرعية عند إبرام عقد الزواج أو إيقاع الطلاق وهذه إيجابية، أما السلبيات فتتركز بأنهم أضحوا عاملا مساعدا في زيادة حالات الزواج خارج المحكمة على الرغم من المخالفات التي تكتنف بعض الزيجات كصغر السن أو أسباب أخرى تمنع الحصول على عقد زواج”.
واعتبر القاضي أن “تلك المكاتب أسهمت في ازدياد حالات الطلاق أيضاً، لأنهم جعلوا إيقاع الطلاق أمامهم بطريقة سهلة وغير مسؤولة مقابل الحصول على الأجر، فلا يقفون على أسباب الطلاق ولا يقدمون أية نصيحة لمن يروم الانفصال”، وتابع أن “أغلب حالات الطلاق التي تقع أمامهم تكون مخالفة للشرع والقانون كونهم يجهلون الكثير من المعاملات القانونية والشرعية”.
ويؤكد الساعدي على “ضرورة تنظيم عمل تلك المكاتب للمخولين الشرعيين ومتابعة عملهم ومحاسبة المقصرين منهم”، مبينا أن “العقود التي تبرم خارج المحكمة يتم التعامل معها وفقا للقانون عبر تقديم طلب معنون إلى هذه المحكمة للحصول على حجة تصديق الزواج الواقع خارج المحكمة وفقا للإجراءات والتعليمات التي نص عليها القانون”.
من جانبه، يرى قاضي محكمة الأحوال الشخصية في الناصرية مرتضى سليم خصاف في حديث لـ”القضاء” أن “عمل المأذون الشرعي في البلاد ينقصه التنظيم والمعرفة بالأحكام الشرعية وهناك أشخاص غير مؤهلين يقومون بهذه المهام ما يضع المحاكم أمام مشاكل جمة تتمثل بعدم صحة المعلومات المدونة في الحجة الشرعية أو عدم حضور أطرافها”.
وأضاف أن “اغلب أصحاب هذه المكاتب ليسوا على درجة من التفقه في الأحكام الشرعية بل إن قسما منهم لم يطلع على تلك الأحكام ويقوم بإصدار الحجج دون إلمام بآثارها ما يترتب على ذلك بطلان وقائع الزواج والطلاق لا بل وصل التمادي ببعضهم إلى إصدار الحجج مع علمه بعدم صحتها والاحتجاج بأن مسؤولية التحقق من توفر الشروط الشرعية في الواقعة تقع على عاتق المحكمة”.
مائة ألف أجرة الطلاق
ويتحدث القاضي خصاف عن “وجود آثار سلبية لعمل تلك المكاتب بخصوص عقود الزواج والطلاق”، لافتا إلى أن “عمل تلك المكاتب يكون لقاء مبالغ مالية تصل في بعض الأحيان إلى مائة ألف دينار للواقعة الواحدة، ما يجعل أصحاب تلك المكاتب لا يبذلون الجهود اللازمة للتحقق من الأحكام الشرعية”.
وأوضح أنه “في عقود الزواج نلاحظ أن اصحاب المكاتب الشرعية يقومون بإبرام العقد دون التحقق من أهلية العاقدين، وفي بعض الأحيان دون حضور طرفيه وما يترتب على ذلك من مشاكل حول عدم صحة التوقيع في الحجة أو عدم صحة المعلومات المدونة فيه”.
وأشار خصاف إلى أن “المأذون الشرعي وبسبب المردود المادي لا يحول دون إيقاع الطلاق، وهذا يعد هدما لكيان الأسرة التي تعتبر لبنة المجتمع”.
ويقترح قاضي محكمة الأحوال الشخصية “إضفاء الصفة الشرعية على المأذون الشرعي من خلال الوقفين السني والشيعي بعد اجتيازهم اختبارات تتضمن حصول أصحاب المكاتب على قدر كاف من المعرفة بالأحكام الشرعية”.
ودعا الخصاف الى “ضرورة تقنين أعمال المكاتب الشرعية بما يضمن تحقيق المصلحة الاجتماعية وذلك من خلال وضع نصوص قانونية توجب على أصحاب المكاتب أتباعها وفرض العقوبة على من يخالفها”، مشددا على “ضرورة منع إبرام عقود الزواج خارج المحكمة وفرض عقوبة على العاقد الشرعي في حالة إبرام العقد وكذلك ضرورة منع أصحاب المكاتب من السماح للزوج بإيقاع الطلاق عند حضوره للمرة الأولى قبل بذل الجهود لإقناع الزوج بالعدول عن الطلاق وفرض عقوبة على المخالفين”.
وعن دعاوى الطلاق في محكمة الأحوال الشخصية في الناصرية التي صدرت بها إصدار أحكام بإيقاع الطلاق ذكر أنها “لا تتجاوز العشرة أحكام في السنة الواحدة مقارنة بأحكام تصديق الطلاق الخارجي التي تصل في بعض الأحيان الى عشرين حكما في اليوم الواحد”، لافتا إلى أن “الفارق الكبير بين الرقمين يوضح مدى الجهود المبذولة من قبل المحاكم لتقريب وجهات النظر بين الزوجين”.