الكاظمي: الفساد كان حاضرا عندما زج بالمجتمع في صراع طائفي مزيف
الحياة العراقية
أكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الأربعاء، أن لجنة مكافحة الفساد كشفت خلال عامٍ واحد ملفات فساد لم تُكشف طوال 17 عاماً واستردت أموالاً منهوبةً من الخارج.
وقال الكاظمي، خلال كلمته في المؤتمر الدولي لاسترداد الأموال المنهوبة الذي عقد اليوم، في بغداد: “أرحب بكم أيها الأشقاء الأعزاء في مؤتمركم المهم عن استرداد الاموال المنهوبة بسبب الفساد، ضيوفا كراما في أرض الرافدين في بغدادكم التي عانت ما عانت بسبب الفساد، وتهريب خيرات العراق ونهبها على امتداد العقود الماضية”.
وأضاف، أن “الفساد وتهريب الأموال مرض خطير يصيب أي مجتمع، وأي دولة اذا لم يتم التعامل مع مخاطر هذا المرض بجدية ومسؤولية من خلال اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد والقضاء على منافذ التبديد والتهريب والاستهتار بمقدرات الشعوب”.
وتابع الكاظمي: “في العراق.. نعترف أن هذا الداء أصاب دولتنا لعقود. فهناك مليارات من الدولارات تمت سرقتها وتهريبها في عهد النظام الدكتاتوري السابق، وللأسف ما بعد العام 2003 لم يكن الأمر أفضل، بل بالعكس سمحت الأخطاء التأسيسية في تفاقم الفساد وبنحو أكثر خطورة، واستغل البعض الفوضى الأمنية والثغرات القانونية والتكالب الحزبي في سرقة أموال الشعب ونقلها إلى خارج العراق وبنحو يبعث على الألم في ضمير أي مواطن عراقي”.
وأكمل بالقول: “نحضر بينكم اليوم إلى هذا المؤتمر الخاص باسترداد الأموال المنهوبة لنؤكد أن الفساد واسترداد أموال الشعب العراقي المهربة إلى خارج العراق يمثلان أولوية للحكومة العراقية، وهي أولوية لشعبنا الذي بددت العديد من مقدراته وأمواله في الحروب العبثية، والصراعات الداخلية والخارجية، فيما استثمر الفاسدون ظروف العراق الخاصة في مشروع نهب أموال البلد وتهريبها”.
وأردف: “أقول دائما: إن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة.. نعم، الفساد والتبديد قدرات الدولة وإمكاناتها إرهاب صريح، وقد مهد الفساد الطريق لعصابات داعش لتدنيس أرض العراق المقدسة واحتلال مدن عراقية عزيزة”.
واستدرك الكاظمي: “نعم، كان الفساد حاضرا عندما تمت محاولة الزج بالمجتمع في صراع طائفي مزيف، هدفه الأول والأخير هو نهب الأموال، وكان الفساد حاضرا في إضعاف مؤسسات الدولة العراقية لتكون نهبا للأشرار، وكان الفساد حاضرا في اختيار الشخص غير المناسب في المكان المناسب في كل المؤسسات، مثلما كان الفساد توأم تنظيم داعش وظهيره وهو يبطش بالعراقيين”.
وتحدث عن “ضعف البنى التحتية في المدن العراقية فنشير إلى الفساد وتهريب الأموال وهدر المقدرات، والحال نفسه عندما نتحدث عن انتشار العشوائيات، والبطالة، وتراجع المؤسسات الصحية والتعليمية بعد أن كان العراق يحتل مواقع متقدمة في الصحة والتعليم”.
وأضاف: “نقول ذلك بألم.. ونقوله بشجاعة وصراحة، والطريق إلى الدولة الرشيدة يبدأ من المصارحة مع شعبنا حول الأمراض التي قادت إلى تراجع بلد عظيم وتأريخي وأساسي في المنطقة والعالم مثل العراق.”.
وبين: “لهذا وضعنا منذ البداية هدفنا الأساسي في محاربة الفساد، وشكلنا لجنة خاصة لمكافحته قامت بواجبها مع هيئة النزاهة، والجهات القضائية، ووزارة العدل، والرقابة المالية وكشفت خلال عام واحد ملفات فساد لم تكشف طوال 17 عاما، واستردت أموالا منهوبة من الخارج، وفي المقابل تعرضت اللجنة إلى هجوم واتهامات باطلة كان الهدف إحباطها وإحباط عملها، لكن عندما يكون أمامكم واجب وطني فلا مكان للإحباط والتراجع”.
وقال الكاظمي: “من هنا أحيي هذه الجهود الوطنية المباركة وأدعو دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة بالعمل الجاد والدؤوب مع وزارة العدل لمتابعة الأموال المنهوبة عبر فتح دعاوى قانونية ضد الأطراف المتورطة، وتسريع عملية إعادة الأموال إلى العراقيين”، داعيا الدول الصديقة والشقيقة إلى “مساعدة العراق لاسترداد أمواله، ونحن في المقابل منفتحون على أقصى درجات التعاون مع كل الدول في هذا الشأن”.
وشدد على “أن لا يكون هناك أي ملاذ آمن للأموال المنهوبة والسرقات، ويجب أن لا يشعر الفاسدون والسراق بأن هناك مأوى للمال المسروق من أي بلد، وعلى الفاسدين أن يدركوا جيدا أن هذه الأموال ستعود إلى أصحابها مهما طال الوقت وبعدت المسافة، وأنهم سيواجهون القانون بما ارتكبت أيديهم من جرائم”.
وتابع: “بإصرارنا على إعادة الأموال المهربة، وبجهودكم وأفكارهم والمسؤولية الأخوية التي تجمعنا سنحارب آفة الفساد وتهريب الأموال، وسنخلق بيئة آمنة نزيهة لشعوبنا”.
وختم قائلا: “آن الأوان أن نقول: كفى فسادا وتدميرا وتخريبا في العراق وفي كل بلد، كفى استهتارا بمقدرات الشعوب وحقوقها، كفى تنكيلا بشعوبنا، وسرقة لأموالها، وتدميرا لاقتصادياتها”.