هل ندرك خطورة العذاب الصامت ؟!
مرتضى السعدي
تم قتل 1000 جندي امريكي في السجون الكورية بدون اطلاق رصاصة واحدة …
العذاب الصامت ؟!
( سجن بدون جدران )
بعد انتهاء حرب امريكا مع كوريا قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الامريكي بدراسة واحدة من اعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم فقد تم اسر وسجن حوالي الف جندي اميركي في تلك الحرب في كوريا وتم وضعهم داخل مخيم تتوفر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية فهذا السجن كان مطابقا للقوانين الدولية من حيث الخدمات المقدمة للسجين ومن حيث معاملته وهذا السجن لم يكن محصورا بسور عال كبقية السجون بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه الى حد ما.
والاكل والشرب والخدمات متوفرة بكثرة .
وفي هذا السجن لم تكن تستخدم اساليب التعذيب المتداولة في بقية السجون .
ولكن التقارير كانت تشير الى عدد الوفيات في هذا السجن اكثر من غيره من السجون
هذه الوفيات لم تكن نتيجة محاولة الفرار من السجن لأن السجناء لم يكونوا يفكرون بالفرار بل كانت ناتجة عن موت طبيعي !
الكثير منهم كانوا ينامون ليلا ويطلع الصباح وقد توفوا!
رغم ان علاقتهم ببعضهم كانت علاقة صداقة مع اختلاف درجاتهم ورتبهم العسكرية وحتى علاقتهم بسجانيهم كانت علاقة ودية !
لقد تمت دراسة هذه الظاهرة لعدة سنوات وقد استطاع “ماير” أن يحصل على بعض المعلومات والاستنتاجات من خلال هذه الدراسة :
1. كانت الرسائل والأخبار السيئة فقط هي التي يتم ايصالها الى مسامع السجناء اما الاخبار الجيدة فقد كان يتم اخفاؤها عنهم .
2. كانوا يأمرون السجناء بأن يحكوا على الملأ إحدى ذكرياتهم السيئة حول خيانتهم او خذلانهم لأحد أصدقائهم او معارفهم .
3. كل من يتجسس على زملائه في السجن يُعطى مكافأة كسيجارة مثلا والطريف انه لم يتم معاقبة من خالف الضوابط وتم العلم بمخالفته عن طريق وشاية زميله في السجن وهذا شجع جميع السجناء للتجسس على زملائهم لأنهم لم يشعروا بتأنيب لضميرهم نتيجة تجسسهم وهكذا اعتاد جميع السجناء على التجسس على زملائهم والذي لم يكن يشكل خطرا على أحد .
لقد كشفت التحقيقات ان هذه التقنيات الثلاثة كانت السبب في تحطم نفسيات هؤلاء الجنود الى حد الوفاة :
1. الأخبار المنتقاة ( السيئة فقط ) كانوا يفقدون الأمل بالنجاة والتحرر .
2. حكايتهم لذكرياتهم كالخيانة أو التقصير امام الملأ والعموم ذهبت باحترامهم لأنفسهم واحترام من حولهم لهم .
3. تجسسهم على زملائهم قضى على عزة النفس لديهم ورأوا انفسهم بأنهم حقراء وعملاء .
كانت هذه العوامل الثلاثة كفيلة بالقضاء على الرغبة في الحياة ووصول الانسان لحالة الموت الصامت .
📌النتيجة :
▪إن كنا في العراق اليوم لا نسمع سوى الاخبار السيئة .
▪وكنا لا نفكر بعزة انفسنا كعراقيين .
▪وإن كنا نحاول ان نسقط بعضنا البعض فنحن نعيش
حالة ( العذاب الصامت )
◽في هذه الايام يسعى العدو لاختيار أسوأ الاخبار لإيصالها إلى أسماعنا ونحن نتقبلها دون وعي.
فالأسعار مرتفعة ،
البطالة في ازدياد ،
الخدمات ضعيفة
مدرسة في المكان الفلاني احترقت ،
مجموعة من المواطنين قتلوا في الانفجار الفلاني … الخ
◽وهل فكرنا في عزة انفسنا ؟!
العدو يلقننا أن :
العراقيين لا يستحقون شيئا…
العراقيين لا قيمة لهم …
العراقيين اغبياء …
العراقيين لا يستطيعون التطور أو التقدم …
العراقيين لا ذوق لديهم …
وهكذا ونحن نلاحظ كيف أننا احياناً بداع وبدون داع نشتم انفسنا ونستمتع بذلك
اشعلوا فينا حس المناطقية والطائفية حيث يسخر كل منا بالآخر وفي الواقع الجميع يسخر من العراقيين ومحافظاتهم ككل ومع هذا لم نلتفت الى هذه المؤامرات التي تشعرنا بأننا صرنا كالسجناء بدون سجن !
لذلك ينبغي علينا :
1. أن لا نستمع الى الاخبار السيئة فقط ولا إلى ارجافات المرجفين وتهويلاتهم بل ينبغي أن نمنح انفسنا ومن حولنا الأمل بالقادم الافضل .
2. أن نحترم من حولنا رغم اختلافنا ونتوحد ضد الاعداء .
3. أن نمتلك العزة والطاقة الايجابية لا السلبية بالأمل بالله سبحانه والثقة به وبنصره
هكذا سنحطم السجن الذي أراد الأعداء أن يصنعوه لنا بواسطة إعلامهم داخلنا ويعذبونا فيه حتى الموت ..