الاخبار الرئيسيةتقارير

متهمون يدعون الجنون للإفلات من العقاب.. والتقرير الطبي يحسم الجدل

بغداد / إيناس جبار

في رواق إحدى محاكم التحقيق في جانب الكرخ يجلس رجل ثلاثيني ويصدر أصوات ويتلفظ بكلمات غير موزونة، ناهيك عن الحركات العبثية أو العشوائية ليتهامس المراجعون بأنه مجنون في حين أن القائمين بالتحقيق يصفونه بأنه مدعي العته والجنون، وبحسب قضاة وقانونيين أن هذا الحالة وما شابهها يحدد صحتها تقرير الطبيب الشرعي.

وترد إلى المحاكم العديد من الجرائم يدعي فيها المجرمون إصابتهم بالجنون لأجل الإفلات من العقاب أو تخفيف العقوبة للقانون والقضاء رأي في الموضوع.

ويقول القاضي احمد حسين حسن، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عاهة العقل او ما يعرف لدى عامة الناس (الجنون) هو تعبير ذو مدلول يتسع لكل آفة تصيب العقل فتفقد الشخص إدراكه أو إرادته أو كليهما إلى الحد الذي يجعل الشخص غير قادر على تقدير مسؤولية أفعاله وقت ارتكاب الجريمة او تؤدي إلى ضعف الإدراك والإرادة”.

وأضاف حسن أن “القانون العراقي اعتبر الجنون من موانع المسؤولية الجزائية وقد نص في المــادة 60 منه على (لا يسأل جزائيا من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الادراك او الإرادة لجنـون او عاهة في العقل)”.

ولفت إلى أن “قانون أصول المحاكمات الجزائية بين إجراءات محاكمة ناقصي الأهلية – المعتوهون حيث نصت المادة ٢٣٠ منه على (إذا تبين أثناء التحقيق أو المحاكمة أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه لإصابته بعاهة في عقله أو اقتضى الأمر فحص حالته العقلية لتحديد مسؤوليته الجزائية فيتوقف التحقيق أو المحاكمة بقرار من قاضي التحقيق أو المحكمة ويوضع تحت الحراسة في إحدى المؤسسات الصحية الحكومية المعدة للأمراض العقلية).

ونوه القاضي بأن “القانون ذكر إذا كان متهماً بجريمة لا يجوز إطلاق السراح فيها بكفالة أما في الجرائم الأخرى فيوضع في مؤسسة صحية حكومية أو غير حكومية على نفقته بطلب من يمثله قانونا أو على نفقة ذويه بكفالة شخص ضامن وتكلف هيئة رسمية مختصة بفحصه وتقديم تقرير عن حالته العقلية وكذلك نصت المادة ۲۳۱ الأصولية على (إذا تبين من تقرير اللجنة المشار إليها في المادة ٢٣٠ إن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه فيؤجل التحقيق او المحاكمة إلى الوقت الذي يعود إليه فيه من الرشد ما يكفي للدفاع عن نفسه ويوضع تحت الحراسة في مؤسسة صحية حكومية اذا كان متهماً بجريمة لا يجوز إطلاق السراح فيها بكفالة)، اما في الجرائم الأخرى فيجوز تسليمه الى ذويه بكفالة شخص ضامن مع اخذ تعهد منه بعلاجه داخل العراق او خارجه كما نصت المادة ٢٣٢ منه على أنه ((إذا تبين من تقرير اللجنة الطبية إن المتهم غير مسؤول جزائياً لإصابته وقت ارتكاب الجريمة في عاهة في عقليه فيقرر القاضي عدم مسؤوليته وتصدر المحكمة حكماً بعدم مسؤوليته مع اتخاذ إي إجراء مناسب في تسليمه الى احد ذويه لقاء ضمان لبذل العناية الواجبة له هذا فيما يتعلق بالإصابة العقلية بالجنون”.

ويشير القاضي إلى أن “التقرير الصادر من المؤسسة الصحية هو الذي يحدد فيما إذا كان المتهم مصابا بعاهة في عقله من عدمه والجهة الحكومية المختصة في العراق هي مستشفى الرشاد التدريبي فإذا ثبت من خلال تقرير اللجنة بأن المتهم لا يعاني من إصابة عقلية وانه يقدر مسؤولية أفعاله وقت ارتكاب الجريمة ويستطيع الدفاع عن نفسه أمام المحكمة فتمضي المحكمة بمحاكمته وتصدر عليه العقوبة المقررة للجريمة التي ارتكبها”.

ويضيف “أما عن إضافة جريمة أخرى له عن ادعاء الجنون فهذا غير متصور ولم يسبق أن اتخذنا إجراءات بحق المتهم الذي ادعى الإصابة بالجنون أو العاهة بالعقل أكثر من فرض عقوبة الجريمة التي ارتكبها ولكن مع ذلك هناك نص قانوني يعالج مثل تلك الحالات وهي أن تتخذ الإجراءات القانونية بحقه عن جريمة تضليل القضاء وفق المادة ٢٤٨ من قانون العقوبات ولكن لم يحصل بالتطبيق العملي اتخاذ مثل ذلك القرار”.

ويواصل القاضي حديثه انه “إذا تبين من تقرير اللجنة الطبية بأن المتهم لا يعاني من أيّ مرض عقلي فتمضي المحكمة في محاكمته وتفرض العقوبة المناسبة بحقه بخصوص الجريمة التي ارتكبها، وفي حالة ادعاء من يمثل المتهم إصابته بعاهة في العقل أو إذا لاحظت المحكمة عليه ما يؤيد ذلك فتقرر المحكمة وضع المتهم تحت الحراسة في “مستشفى الرشاد” وهي المستشفى الحكومي الرسمي للمصابين بالعاهات العقلية لغرض فحصه وبيان في ما إذا كـان يقدر مسؤولية أفعاله وقت ارتكاب الجريمة وفيما إذا كان يستطيع الدفاع عن نفسه أمام المحكمة من عدمه وعلى ضوء ما يرد بتقرير اللجنة الطبية تتحدد مسؤولية المتهم عن الجريمة التي ارتكبهـا”.

ويوضح القاضي كيفية مواجهة المحكمة المدعي بذلك بأنه “يعتبر ذلك الأمر من حقوق الدفاع وان المحكمة ملزمة في حالة ثبت لها من خلال مشاهدتها للمتهم أو من خلال التقارير الخاصة بالمتهم انه يعاني من مرض عقلي فتوقف إجراءات التحقيق او المحاكمة ويرسل المتهم الى مستشفى الرشاد لغرض فحصه وتقدير حالته النفسية والعقلية”.

ويجيب القاضي عمّا اذ ثبت جنون المتهم هل تسقط عنه التهم او العقوبة ام تخفف قائلا : إذا ثبت من خلال تقرير اللجنة الطبية المختصة إن المتهم لا يقدر مسؤولية أفعاله وقت ارتكاب الجريمة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه فتصدر المحكمة قرارها بعدم مسؤولية المتهم عن فعله في ما يخص الجريمة التي ارتكبها وإيداع المتهم في مستشفى الرشاد بغية إكمال علاجه من المرض العقلي الذي يعاني منه اما اذا كان المتهم يقدر مسؤولية افعاله جزئياً ويستطيع الدفاع عن نفسه امام المحكمة فيعد ذلك عذرا مخففاً وفق ما نصت عليه المواد 60 و130و131 من قانون العقوبات وتنزل المحكمة بالعقوبة الى الحد الأدنى المسموح به قانوناً”.

ويشرح القاضي أن “القانون العراقي عالج موضوع الإصابة بعاهة في العقل بصورة عامة ولم يتطرق الى موضوع الادعاء بالجنون وقد عالجته المادة 60 من قانون العقوبات كما رسمه المواد ۲۳۰ و2۳۱و ۲۳۲ من قانون أصول المحاكمات الجزائية الإجراءات المتخذة في مثل تلك الحالات”، مشيرا الى أن “القانون العراقي عالج موضوع الإصابة بالجنون الفعلية للمتهم معتبرا إياها حالة الإصابة بالجنون الثابتة بموجب تقرير طبي من المؤسسة مختصة مانع من موانع المسؤولية الجزائية وقد أوضحت ذلك المادة ٢٣٢ من قانون محاكمات الجزائية وهناك قرارات بذلك منها قرار صادر من محكمة جنايات الكرخ يعالج مثل تلك الحالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى