مقالات
سنجار ليست عفرين… ياسلطان الترك
حسن حامد
لم تكن مدينة سنجار التي تغفو على “حدود ملتهبة” تعلم انها ستكون على موعد مع “سبي” جديد بعد “اغتصاب” اراضيها في عام 2003، لتسجل في مطلع اب من العام 2014، “مجزرة” إنسانية لن تتكرر في تاريخ العراق الحديث، حين ما سيطرت مجاميع (داعش) على القضاء الذي يمتد بمحاذاة محافظة دهوك، بعد انسحاب قوات البيشمركة منه بطريقة اقل ما توصف بأنها “مخزية”.
تفاصيل تلك الليلة مازلت اذكرها جيدا، حينما اتصل صديقي الايزيدي الذي تعرفت عليه خلال زيارة لسنجار نهاية العام 2007، ليبلغني بصوت يرتجف من الخوف وبكلمات عربية “متلعثمة”، عن الكابوس الذي اصاب مدينتهم وكيف تمكن مع أسرته من الهروب الى الجبل للاحتماء من نيران “القتلة”، ليختتم المكالمة الهاتفية بكلمات امتزجت بالدموع نهايتها كانت “بيشمركة مسعود سلمتنا لداعش”، بعدها اختفى صديقي الايزيدي وفشلت جميع محاولات الحصول على طريقة للتواصل معه لمعرفة مصيره وما حل بأسرته، فالأخبار التي كانت ترد من “مدينة للاش” لا تحمل سوى رائحة الدم والقتل الجماعي، ومرت الأيام والسنوات حتى جاء النصر الذي حققه العراقيون بهزيمة “داعش” وعادة سنجار خالية من “المجرمين”، لكن اَهلها لم يعدوا وأصبحوا مغتربين في بلاد “هتلر” الذي حدثني عن جمالها الصديق الايزيدي بعد انقطاعه لأكثر من ثلاث سنوات.
استذكرت تلك الأيام بعد الاستماع لخطاب اردوغان وهو يعلن انطلاق العمليات العسكرية في مدينة سنجار لتأمين حدود بلاده من “الإرهابيين” كما وصفهم، وتناسى انه حول المدن التركية الى حضيرة جمعت أصنافا مختلفة من “السفاحين” قبل عبورهم الى العراق وسوريا، ليمارسوا هوياتهم في القتل والتخريب، جميع تلك الاعمال تجاهلها اردوغان وراح يبحث عن طرق جديدة لاحياء امجاد اجداده التي “اكل عليها الدهر وشرب” وأصبحت قصصا يستحيل إعادتها مرة اخرى، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها في اسطر معدودات، فحرك “الجندرمة” الى مدينة عفرين السورية معلنا احتلالها بمساعدة “مرتزقة” باعوا بلادهم على موائد السلطان وانسلخوا من هويتهم من اجل المال وطمعا بالمناصب، وتحت انظار اميركا التي اثبتت مرة اخرى بان “سياسة التخلي عن الحلفاء” واردة جدا في ادبياتها.
سهولة السيطرة على عفرين وسعت احلام “السلطان المغرور” فظن أنه قادر على التطاول مرة اخرى على حدود واراضي الجيران، لكن اعلانه بانطلاق عمليات سنجار لم تكن سوى مجرد “اشاعة” قد تكون “لجس نبض العراق” حكومة وشعبا، لمعرفة حجم الردود التي ستقابل اي تحرك عسكري فاردوغان يدرك صعوبة تنفيذ اي عملية عسكرية من دون التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، وبخلاف ذلك سيجعل “الجندرمة” هدفا سهلا لقوات الجيش ومقاتلي الحشد الذين يتوزعون بالقرب من الحدود مع سوريا، فسنجار لن تكون عفرين ومن طرد (داعش) سيهزم العابرين مهما كثرت عدتهم وعددهم.
الخلاصة.. أن استمرار الجارة الشمالية بتهديد سيادة العراق ماكان ليحصل لولا “شلة” المتأمرين الذين لجأوا لاحضان السلطان هربا من الجرائم التي ارتكبوها بحق ابناء شعبهم تحت مسمى الوطنية والمظلومية، ويشترك معهم في ذلك الردود “الخجولة” لحكومات ما بعد 2003 تجاه اي خرق للسيادة سواء من الداخل او الخارج، والتي جعلت البلاد “ساحة لرمي نفايات الجيران”، اخيرا السؤال الذي يتكرر في كل مناسبة، من سيوقف خروق السيادة وينهي احلام السلطان؟