كاتالونيا وكردستان : هل يحق للدولة المركزية وقف الانفصال بالقوة؟
الحياة / متابعة
سعت قوات الأمن الإسبانية إلى مصادرة صناديق الاقتراع ومنع المصوتين من الوصول إلى مقار اللجان الانتخابية
أثارت الطريقة التي انتهجتها السلطات الإسبانية، تجاه الاستفتاء الذي كان قد بدأ صباح الأحد الأول من تشرين الأول/أكتوبر في اقليم كاتالونيا، للانفصال عن الدولة المركزية الإسبانية ،أثار تساؤلات عدة بشأن حق الدولة المركزية في استخدام القوة لمنع أي اقليم من أقاليمها، من الانفصال حتى ولو كانت نسبة كبيرة من أبناء هذا الإقليم ترغب في ذلك.
وكانت السلطات الاسبانية قد كررت صباح الأحد، ما أعلنته مرارا من أنها لا تسمح بإجراء الاستفتاء على الانفصال في كاتالونيا، بينما قامت قوات من الشرطة الاسبانية بمداهمة مراكز الاقتراع، ومصادرة البطاقات الانتخابية والصناديق، كما وصفت وزارة الداخلية الإسبانية الاستفتاء بأنه غير شرعي مؤكدة أن “رجال الشرطة يواصلون انتشارهم في كتالونيا”.
وكان سكان كاتالونيا، قد بدأوا التصويت في وقت مبكر من صباح صباح الأحد /الأول من أكتوبر، قبل أن تدخل قوات الشرطة لمراكز الاقتراع وتقوم بسحب الصناديق، وإخلاء مركز الاقتراع، الذي كان من المقرر أن يدلي فيه رئيس الحكومة الكتالونية بصوته أيضا.
كاتالونيا وكردستان
ويفجر الرفض الذي قابلت به الحكومة المركزية الاسبانية استفتاء كاتالونيا أيضا، مقارنات كثيرة بين حالة استفتاء الإقليم الاسباني، وحالة استفتاء إقليم كردستان العراق، نظرا لأن الاستفتاءين على انفصال الإقليمين، جاءا في مرحلة زمنية متقاربة رغم أن المسافة بينهما تصل إلى 3500 كيلومتر.
وتبدو الدفوع متشابهة جدا بعدم دستورية الاستفتاء من قبل الدولة المركزية في الحالتين ، في حين يعتبر البعض أن الردود الدولية، والغربية منها على وجه الخصوص في حالة كاتالونيا، كانت واضحة فيما يتعلق برفض الاستفتاء، بينما جاءت غير واضحة في الحالة الكردستانية، إذ أن معظم اعتراضات القوى الدولية كانت على توقيت الاستفتاء حيث بدا أنها تتفق معه ولكنها تعترض على توقيته.
ويتشابه وضع كردستان وكتالونيا معا، من حيث تمتعهما بحكم ذاتي، كما يتشابهان من حيث أهميتهما ومساهمتهما في اقتصاد الدولة المركزية، فالنفط الذي يعد عصبا لاقتصاد الحكومة المركزية في العراق يأتي معظمه من كركوك، الواقعة شمال العراق والتي سعى اقليم كردستان إلى تضمينها في الاستفتاء الأخير، على انفصاله عن الدولة المركزية، بينما يمثل اقتصاد اقليم كاتالونيا خمس الاقتصاد الكلي الاسباني ويسهم بحوالي 20% من اقتصاد البلاد.
استخدام القوة
من حيث استخدام القوة لمنع الاستفتاء تبدو الحالة الاسبانية متقدمة بعض الشيء، إذ أن السلطات الاسبانية نشرت قوات شرطتها في الاقليم بعد تحذيرات متعددة من رفضها للاستفتاء، كما قامت بمصادرة صناديق الاقتراع، وإغلاق اللجان بما مكنها من إجهاض المحاولة، بينما في حالة كردستان العراق فإن الحكومة المركزية في بغداد، رفضت الاستفتاء بقوة وحذرت من إجرائه، كما أشار رئيس وزرائها إلى أن الخيار العسكري ليس مستبعدا لإيقافه، لكن الاستفتاء مضى قدما ولم يوقف، في الوقت الذي بدأت فيه بغداد ودول جوار كردستان العراق، إجراءات لمحاصرة الاقليم وخنقه اقتصاديا، في محاولة لمنعه من تطبيق ما أسفر عنه الاستفتاء، وإيصال رسالة إلى سياسييه مفادها خطأ تقديراتهم بالمضي قدما في الاستفتاء.
ويذكر أن اللجوء للاستفتاء كان قد أسفر في حالات مماثلة، وفي مناطق مختلفة من العالم، عن حصول دول وأقاليم على حق الانفصال أو الاستقلال، وفق ما تراه الاطراف المختلفة، وكان آخر تلك الحالات هو جنوب السودان، الذي كان يتمتع بحكم ذاتي قبل أن يستقل بعد استفتاء، في التاسع من يوليو/ تموز عام 2011، كما أن استقلال الجزائر أيضا يمثل حالة تاريخية بارزة في المنطقة العربية، إذ استقلت البلاد عن فرنسا في يوليو/ تموز من العام 1962، عقب أيام من تنظيم استفتاء بشأن الحق في تقرير المصير.