اعترافات زوجة نائب البغدادي: سكنت مع نساء الخليفة الأربع وتولّى عقد قران ابنتي
الحياة العراقية
“في منطقة الباب في محافظة حلب السورية انتقلنا للسكن مطلع 2013 وبعدها بأيام جاء الشيخ أبو خالد ليشاركنا هو وزوجته وأبناؤه البيت، و”أبو خالد” هي الكنية الأولى لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، قضى البغدادي أكثر من شهر معنا في هذا البيت ومن ثم انتقل إلى منطقة الريف العربي”.
“زوجة الحجي” هكذا تعرَّف منى جاسم محمد الخليفاوي، المرأة التي كانت ضمن صفقة تبادل الأسرى بين تنظيم داعش والجيش الحر، وهي زوجة من كان يعرف بـ”حجي سمير” وهو “سمير عبد محمد الخليفاوي” أحد أكثر المقربين لأبي بكر البغدادي ونائبه والمسؤول العسكري الأول في التنظيم قبل أن يقتل عام 2013.
بدأت “منى ” والتي تبلغ من العمر اثنين وأربعين سنة؛ وتنحدر من قضاء الخالدية في محافظة الانبار، حديثها لقاضي التحقيق بأنها “في العام 1989 تزوجت من ابن عمها سمير الخيلفاوي وكان وقتها ضابطا طيارا برتبة رائد ضمن الجيش العراقي، وبقي في هذا السلك إلى سقوط النظام في العام 2003 حيث بلغ رتبة “عميد طيار”.
تقول الخليفاوي “انتمى زوجي والذي صار يعرف بـ(حجي سمير) إلى جماعة التوحيد والجهاد في الشهور الأولى التي تلت سقوط النظام وقام بمجموعة عمليات إرهابية في مدينة الرمادي تم على أثرها اعتقاله مطلع العام 2004 وسجن لدى القوات الأميركية لثلاثة أشهر فقط”.
وبعد خروجه من السجن ــ تكمل منى- “طلب منا أن ننتقل لقضاء الحبانية، وبالفعل ذهبنا وقضينا هناك خمسة أشهر ومرة أخرى ألقت القوات الاميركية القبض عليه بسبب استمراره بالأعمال الإرهابية، اضطررنا بعدها أن نعود أنا وأبنائي إلى قضاء الخالدية في الفترة التي قضى فيها زوجي محكوميته والتي دامت أربع سنوات”.
وتضيف زوجة الإرهابي “بعد أن خرج (الحجي) -وتعني زوجها سمير الخليفاوي- بعد إكمال محكوميته، خرج بطريقة غير شرعية إلى سوريا ومن ثم طلب منا أن نلتحق به، وعبر الطرق الرسمية استطعنا السفر والالتحاق به، قضينا ستة أشهر في محافظة حلب ومن ثم عدنا إلى العراق”.
“بعد عودتنا إلى العراق ـتوضح منى- لم نقصد محافظة الأنبار وذلك لأسباب تتعلق بملاحقة زوجي من قبل القوات الأميركية والقوات الأمنية العراقية، ولذا طلب منا أن نقصد بغداد وتحديدا حي “الغزالية” والذي لم يدم سكننا فيه أكثر من شهرين ليطلب منا مرة أخرى ــ زوجي ــ أن ننتقل لقضاء الطارمية”.
وتكمل الخليفاوي “كذلك لم يدم سكننا طويلا في قضاء الطارمية وكنا وتحت أمر من حجي سمير ننتقل من بيت إلى آخر داخل قضاء الطارمية وخارجها في كل مرة، لم أكن أعرف في هذا الوقت ماذا كان يعمل زوجي بالضبط لكن ما أنا متأكدة منه أنه كان ضمن الجماعات الإرهابية ويقومون آنذاك بأعمال إرهابية وهذا سبب تنقلنا المستمر”.
وتابعت منى “تسببت ملاحقة زوجي من قبل القوات الأمريكية والعراقية، في أن يسافر مرة أخرى إلى سوريا، وطلب منا أن نعود إلى قضاء الخالدية، لم نره بعد ذلك حتى عام 2013 عندما طلب مني أن أصطحب الأبناء وألتحق به إلى سوريا مرة أخرى”.
واكدت “فور وصولنا إلى الأراضي السورية قصدنا محافظة حلب وتحديدا حي الباب، كان قد هيئ لنا بيت للسكن هناك، وبعد أن سكنّا هناك بأيام جاء الشيخ أبو خالد ليشاركنا هو وزوجته وأبناؤه البيت”، وأبو خالد هي الكنية الأولى لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم “داعش”.
واشارت الى ان “البغدادي قضى أكثر من شهر معنا في هذا البيت ومن ثم انتقل إلى منطقة الريف العربي، تكشف منى الخليفاوي”.
مناصب رفيعة
وتبين “انه في هذا الوقت كان زوجي من أكثر المقربين لأبي بكر البغدادي وكان يشغل منصب نائبه والمسؤول العسكري، وكان البغدادي يعتمد عليه بشكل كبير خاصة بالمواضيع العسكرية كونه ضابطا ولديه خبرة في هذا الموضوع”.
ولفتات الى انه “في محافظة حلب كان زوجي حجي سمير يتولى مسؤولية معسكر لتدريب المقاتلين الأجانب والسوريين ممّن كانوا ينضمون لتنظيم داعش يعرف بمعسكر “الشيخ سليمان” وكان ممن انضموا للتنظيم والتدريب في هذا المعسكر أبنائي الثلاثة أحمد ومحمد فائق”.
وتابعت “تقدم في هذا الوقت لخطبة ابنتي “فاتن” أبو الحسن –زاهر وهو أحد قيادات التنظيم- وقام بعقد القران لهما أبو بكر البغدادي في بيتنا بحلب، وزاهر كان يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم التنظيم قبل أن يشغل هذا المنصب أبو محمد العدناني”، كما تكشف.
وفي نهاية عام 2013؛ اقتحمت قوات من الجيش الحر بيتنا في حلب، وطلبت من زوجي أن يسلم نفسه لهم، على الرغم من أنه كان يتمتع بعلاقة وثيقة بهم وكان يتولى مسؤولية فض النزاعات التي تحدث بينهم وبين تنظيم داعش والتي تسببت في ذلك الوقت بمقتل أكثر من 700 مقاتل من تنظيم داعش، إلا أنه رفض تسليم نفسه لهم حتى صار الطرفان يتبادلان التهديدات داخل البيت”.
مقتل زوجي
وبعد مشادات حامية بينهما -تكمل منى- صار بينهم تبادل للنيران ولأن زوجي كان يرتدي حزاما ناسفا حول جسده في أغلب الأوقات استطاع مقاتلو الجيش الحر قتله بأكثر من عشرين إطلاقة وتفجّر حزامه الناسف، وتمت إصابتي برصاصة وكذلك ابني محمد الذي كان معنا في البيت نفسه”.
وتتابع الخليفاوي التي تجلس أمام محكمة التحقيق لتدوين إفادتها بتهمة الإرهاب “اقتادنا مقاتلو الجيش الحر كأسرى إلى مكان لا أعرف أين يقع، لكنه خارج محافظة حلب وبقينا في هذا المكان المهجور لمدة ثمانية أشهر، خضعنا فيها إلى التحقيق من قبل أفراد تابعين للجيش الحر، وكانت أغلب الأسئلة تدور حول أمكان تواجد قيادات تنظيم داعش وهوياتهم”. بعدها ــ تؤكد منى ــ حصلت صفقة بين الجيش الحر وتنظيم داعش، تم بموجبها تبادل أسرى للتنظيم مقابل تسليم دبلوماسيين أترك كانوا محتجزين لدى التنظيم إلى الجيش الحر، وكنت أنا وأبني محمد ضمن من تم تبادلهم بهذه الصفقة”.
“اقتادنا شخص ينتمي للجيش الحر يدعى “أبو بكر السوري” إلى تركيا وبسبب سوء حالتي الصحية أدخلني إلى مستشفى لا أعرف في أي مدينة يقع، وبعد انتهاء معالجتي حضر للمستشفى مجموعة من الرجال يرتدون الملابس الرسمية ونقلوني بسيارة إسعاف إلى منطقة غازي عنتاب” .
مكثنا في منطقة غازي عنتاب بضعة أيام ــ تكمل منى ــ وحضر الأشخاص الذين يرتدون الملابس الرسمية ذاتهم ، وعبر طائرة نقلوني أنا وولدي محمد إلى منطقة نائية على الحدود التركية السورية”.
في هذه المنطقة النائية ــ تستمر منى بالحديث ــ أسكنونا بمبنى يحتوي على بعض الأجهزة والأسرّة الطبية رغم أن البناية لا تدل على أنها مستشفى، وأتضح أن المكان لعلاج الجرحى، إلا أنه على مدى مكوثي فيه كنت أسمع أصوات تعذيب عبر الضرب والصعق الكهربائي، ولا أعرف الجهة القائمة على التعذيب ومن هم الذين يتعرضون له”.
وبعد أيام من مكوثنا ـ توضح منى ـ حضر أشخاص لا أعرف هويتهم إلا أن مظهرهم لا يدل أنهم من الجيش الحر أو من أي من الجماعات المسلحة وصاروا يحققون معي ومع ولدي محمد، وكانت أغلب الأسئلة تدور حول دوري في تنظيم داعش وهل لدي منصب فيه وما هو دوري ومكانتي، وكنت أكتفي بالإجابة أن مكانتي من مكانة زوجي”.
بعد أكثر من أسبوعين حضر الأشخاص ذاتهم، ونقلونا إلى الحدود السورية وكان باستقبالنا شخص يدعى “محمد حدود” لم أكن أعرفه في بادئ الأمر، إلا أني اكتشفت بعد ذلك أنه عراقي الجنسية ويشغل منصب “والي” تلك المنطقة التي تقع على الحدود التركية والتي يسيطر عليها تنظيم داعش”.
وعبر وسطاء ومراحل متعددة -تشرح منى- انتقلنا بعد أن التحقت بنا ابنتي فاتن وزوجها وقصدنا قضاء “البو كمال” في العراق وبسبب القصف من قبل القوات العراقية اضطررنا إلى الانتقال إلى منطقة تدعى “الشعيطات” بمحافظة الأنبار ونزلنا في بيت كبير تتجاوز مساحته الألف متر مربع ويحتوي على عدد كبير من الغرف”.
رعاية خاصة
“في هذا البيت -تكشف منى- شاركتنا السكن زوجات أبو بكر البغدادي الأربع وهن عراقيتان وواحدة من سوريا وأخرى شيشانية بالإضافة إلى أبنائه وأخواته وزوجات أخوانه وعدد آخر من زوجات القيادات المتقدمة في التنظيم وأبنائهم، هذا بما يتعلق بالقسم الذي تسكنه النساء أما القسم الآخر والمخصص للرجال فقد سكن إلى جنب ولدي محمد أبناء أبو بكر البغدادي وابناء آخرين لقيادات في التنظيم”.
حضينا في هذا البيت -تؤكد منى- برعاية خاصة من قبل أبو بكر البغدادي وكان يرسل لنا الأموال بالعملة الأميركية، وكان يحضر للبيت شخص لا أعرف أسمه يطلب مني أن أزوده بكل احتياجاتي وأنه مكلف بتلبيتها بأمر من زعيم تنظيم داعش الذي كان يخبرني أن أبا بكر يبلغني السلام في كل مرة ألتقيه”.
بعد شهرين من مكوثنا، طلب منا مغادرة البيت ــ تكمل منى ــ وعبر وسطاء ومراحل متعددة وبسيارات “حمل” قطعنا مناطق صحراوية وبمسير دام ليومين وكان برفقتي أبني محمد وابنتي وأطفالهما، حتى وصلنا إلى منطقة يسكنها نازحون تعرف بـ”مخيمات الجدعة”.
مخيم الجدعة
تقول الخليفاوي “في مخيمات الجدعة اتصلت بأخي وكان لا يزال يسكن قضاء الخالدية وطلبت منه أن يزودني بهويات “مزورة ” كي نستعملها لدخول محافظة السليمانية التي قررت أن أنتقل للعيش والاستقرار فيها، وبالفعل تم تزويدي بهذه الهويات من قبل أخي الذي أوصلها لي عبر وسيط في المخيمات التي كنا نسكنها”.
توجهنا جميعا -تضيف منى- إلى محافظة السليمانية وكان بحوزتنا مبلغ من المال الذي يكفينا لاستئجار بيت وتأثيثه وباقي المصروفات المعيشية، إلا أن القوات الأمنية اكتشفت أن الهويات مزورة ورفضت دخولنا إلى المحافظة فاضطررنا أن نسكن في فندق خارج السليمانية، وبعد ليلة واحدة اقتحمت قوات من الأمن العراقي الفندق وألقت القبض علينا”.
ومن جانبه، أكد قاضي التحقيق أن التحقيقات ما زالت مستمرة مع منى الخليفاوي وابنيها ومن ثم ستحال إلى المحكمة المختصة لتنال جزاءها وفق القانون العراقي.