بحسب تقرير فرنسي: البصرة نزلت للجحيم وتحولت إلى قمامة في الهواء
الحياة العراقية
نشرت صحيفة “ميديابار” الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الوضع العام المتدهور في المدينة العراقية الثانية، البصرة.
وقد غرقت هذه المدينة في العديد من المشاكل، مما جعل هشام داود، الباحث في الأنثروبولوجيا المعاصرة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، يصف البصرة بأنها “قد نزلت إلى الجحيم”، كما تحولت إلى “قمامة في الهواء الطلق، وفي وضع لا يوصف”.
وقالت الصحيفة في تقرير لها تابعته الحياة العراقية ، إن البصرة تحولت إلى مكب للنفايات، كما تعاني من جفاف أنهارها.
علاوة على ذلك، تفتقر المدينة إلى الماء الصالح للشراب، مما تسبب في مرض عشرات الآلاف من الأشخاص.
وتختنق المدينة أيضا بسبب تلوث الهواء، وزاد انقطاع الكهرباء المتواصل من تردي الأوضاع في المدينة التي كانت تلقب سابقا بفينيسيا الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن هذه المدينة التي تسكنها غالبية شيعية، عانت خلال الفترة الأخيرة من أعمال شغب متكررة استمرت ثلاثة أشهر.
وقد كانت هذه الاشتباكات مدمرة بالنسبة للطبقة السياسية العراقية، إذ أنها كادت تنهي مسيرة حيدر العبادي في منصبه الوزاري.
وبسبب هذه التطورات، أصبح من غير الممكن إعادة انتخاب العبادي في منصب الوزير الأول في العراق.
وأضافت الصحيفة أن أعمال العنف التي شهدتها البصرة منذ الخامس من أيلول الحالي تسببت في حرق حوالي 20 بناية عامة، بما في ذلك مجلس المحافظة ومقر الحكومة المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، لم تكن مكاتب غالبية الأحزاب السياسية في منأى عن أعمال الشغب، إذ تعرضت أيضا للنهب والحرق.
في نفس الوقت، تم تطويق العديد من حقول النفط وإغلاق المعابر الحدودية وموانئ البلاد. وتمثل الشعار الذي تردد بقوة خلال هذه الاحتجاجات في: “نحن عطشى، وجائعون، ومرضى ومهمشون”.
ونقلت الصحيفة أن سكان البصرة عبروا عن حجم غضبهم بنفس الحجم من العنف؛ خاصة أنهم محرومون من ثروات المدينة الثانية في العراق.
وعلى وجه الخصوص، تنتج البصرة حوالي 70 بالمائة من انتاج النفط العراقي، وقدرت عائدات النفط العراقي منذ بداية هذه السنة بحوالي 60 مليار دولار.
لكن، لم تنتفع البصرة إلا بنسبة قليلة من هذه العائدات التي تحتكرها الحكومة المركزية العراقية. في نفس الوقت، تعاني البصرة من التلوث جراء إنتاج النفط، الذي كان سببا في إصابة غالبية سكان المدينة بمرض السرطان.
وأوضحت الصحيفة أن المحتجين عبروا أيضا عن غضبهم ضد طهران، ورددوا شعارات “إيران برة برة… البصرة تبقى حرة”.
وتأكيدا على غضبهم، أحرق المحتجون القنصلية العامة الإيرانية في البصرة والبناءات الرئيسية التابعة للمليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني المتمركزة في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحالف السياسي الوحيد الذي لم تستهدفه الاحتجاجات الأخيرة في البصرة هو تحالف سائرون، الذي يقوده مقتدى الصدر؛ رجل الدين الشعبوي الذي نأى بنفسه عن إيران للتقرب من المملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك، أظهر مقتدى الصدر دعمه للمتظاهرين في خطبه، منذ اندلاع الاحتجاجات خلال شهر تموز الماضي.
وأوردت الصحيفة أن المشاكل التي تعاني منها البصرة عديد ومتنوعة بين المجاعة، والبطالة، والتلوث ونقص أو قصور الخدمات العامة.
وقد جعل هذا الكم الهائل من المشاكل عملية تحديد السبب الذي يقف وراء هذه الثورة -الكامنة لوقت طويل والتي انفجرت مؤخرا في البصرة- أمرا صعبا للغاية.
وبشكل عام، يبدو أن المشاكل الصحية التي يعاني منها السكان جراء تردي الأوضاع، من العوامل الحاسمة في هذا الصدد، خاصة بعد تحول البصرة إلى “مدينة تموت عطشا”.
وذكرت الصحيفة أن مشاكل نقص المياه في البصرة أصبحت جلية في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى.
وقد تجلت مظاهر ندرة المياه في المدينة العراقية الثانية من خلال غياب الأراضي الخضراء وواحات النخيل التي كانت تزين المدينة. وما زاد من الوضع سوءا هو تلويث نهري الدجلة والفرات عن طريق الفضلات السامة التي تخلفها صناعة النفط في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك ترتفع درجة الملوحة في مياه المدينة، أكثر من أي منطقة أخرى. وفي ظل هذه الظروف تقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي عاجزة عن حل المشكلة.
من جانب آخر، أكدت إدارة الصحة في البصرة أنه نقل خلال أوائل شهر آب الماضي، فقط، حوالي 17 ألف شخص إلى المستشفى بسبب شرب مياه غير صالحة للشرب.
وقد أكدت غالبية هذه الحالات أنها اضطرت إلى شرب ماء الحنفية جراء عدم قدرتها على شراء المياه المعدنية.
ونقلت الصحيفة عن الباحث هشام داود أن “من قادوا هذه الثورة الأخيرة هم شباب الأحياء الفقيرة في البصرة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة.
وتعاني هذه الشريحة من اليأس خاصة بعد أن شعروا بأنهم دون مستقبل”. وأكد المحلل أنه “إضافة إلى الشباب، لوحظ وجود عدد من نشطاء بعض الأحزاب، وعدد قليل من مؤيدي الصدر”.
وأضافت أنه “على الرغم من تعدد الجهات الفاعلة في الاحتجاجات وتنوع مطالب كل منها، إلا أن روح الرفض التي توحدها عامل فسح المجال أمام العديد من المطالب السياسية الجديدة”.