خميس الخنجر في قلب الشيعة
هادي جلو مرعي
تجنبت ككاتب وصحفي أن أهاجم القادة السنة إلا ماندر، وكنت ألتقي بهم كصحفي، وكانوا يحترمونني كثيرا، وعرضوا على العمل معهم، وكنت أرفض لأسباب جلها مرتبط بالبيئة التي أعيش فيها، وتضغط على طبيعة نشاطي وتفكيري ورؤيتي للأشياء، ولأن قراءتي للمستقبل تدفعني للتفكير مليا قبل إتخاذ أي خطوة من هذا النوع، وإنسحب ذلك على رغبتي بالعمل مع القادة الشيعة الذين يفتقدون للإلهام السياسي، ولأسباب مرتبطة بفهمي لطبيعة حركة المجتمع العراقي، وكنت في الغالب أستفيد من مراقبتي للوضع الذي عاشته دول كلبنان والجزائر والبوسنة والهرسك وكولومبيا وكمبوديا وأفريقيا الجنوبية والمصالحة التي تمت فيها برغم المذابح والصراعات وملايين الجماجم، وكنت أدرك وبرغم أن ملايين الناس من السنة والشيعة يلومون سياسيين من الطرفين على ماحصل من صراع طائفي ومحاصصة وأذى لكن النهاية لن تكون بيد الناس العاديين وسيكون الأمر منوطا بالسياسيين، وسيضطر الأتباع الى التبرير حتى وإن إحتفظوا بدواخلهم برفض كبير للخطوات التي تتخذ من قبل قادتهم السياسيين والدينيين، وبدلا من السجون والمحاكم ستكون المصالحات والإندماج هي السبيل للمستقبل. السيدة حنان الفتلاوي سياسية شيعية لها مالها، وعليها ماعليها تعرضت للشتم من قبل ناشطين ومدونين شيعة لأنها إلتقت بالشيخ خميس الخنجر الذي يتهم بأنه جزء من ماكنة العنف السني ضد الشيعة، وبقيت صورة اللقاء مادة للسخرية وللتعريض، حتى صدم العديد من الشيعة بمقطع فديو يظهر فيه (مختار العصر) عند بعض الشيعة السيد نوري المالكي، ومعه الحاج هادي العامري البطل الأسطوري عند كثيرين منهم حين قاد آلاف المقاتلين في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي في مدن يقطنها السنة، وهما يجلسان مع الشيخ الخنجر، ويرحبان به، ويفسحان له المجال للجلوس في مؤتمر كتلة البناء التي تمثل القوى الشيعية المقربة من الجمهورية الإسلامية، وتضم فصائل الحشد الشعبي الذي إستهدفته آلة الإعلام المضاد بوصفه ميليشيا إرهابية. قبل سنوات رصدت مجموعة من الإتهامات من قبل مكتب رئيس الوزراء الأسبق السيد نوري المالكي للدكتور طارق الهاشمي أحد قادة حركة الإخوان المسلمين المقربة من الجمهورية الإسلامية في إيران الذي لجأ فيما بعد الى السليمانية مع نائب ثان لرئيس الجمهورية من حزب الدعوة كانا في زيارة للرئيس الراحل مام جلال طالباني (رحمه الله) ومن ثم الى تركيا ليقيم في كنف الرئيس رجب طيب أوردوغان، وحتى الوقت الراهن، وهو مطوق بعدد من الإتهامات التي تستدعي السجن، ومعه رافع العيساوي وزير المالية في حينه، وكان إشترك في إعتصامات الرمادي ضد المالكي، وهو مطلوب للقضاء، والغريب إن الخنجر، وبرغم هتاف الشيعة ضده، وبرغم ماقاله هو عن قادة الشيعة، وماقالوه عنه، إلا إنه لايبدو ملاحقا قانونيا، ولاينتظره السجن، بل على العكس فهو اليوم جزء من منظومة إختارت بالتوافق مع الشيعة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي. مامن شك إن واحدة من أسباب إنزياح القادة الشيعة سياسيين وحشديين الى التقارب مع قيادات سنية جدلية يعود في الواقع الى الضغط الذي تعانيه الجمهورية الإسلامية، والذي يستدعي المزيد من المرونة، ومحاولة إستقطاب القيادات السنية المؤثرة، وقد نجد لاحقا إن التهم المنسوبة للدكتور طارق الهاشمي قد أبطلت، وسيكون الحديث عنها في وقته ملائما لطبيعة التحولات، خاصة مع إنحسار المد العنفي، وإنهاك الطرفين لبعضهما، وللنزف الحاد في الجسد الوطني، وصعوبة المضي الى المستقبل في دوامة من الصراعات والعداوات، مع إن الحاجة الى التوافق الوطني والمصالحة حاجة عراقية وليست إيرانية، ولكن الصدفة والمصالح قد تجمع.