خطيبة خاشقجي تروي اللحظات الأخيرة معه: كان يشعر بالعزلة والحزن
الحياة العراقية
روت خطيبة الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي، أنه كان يشعر بالعزلة والغربة والحزن على أصدقائه في السعودية، بعد رحيله إلى منفاه الطوعي، وأنه كان صحفيا متوازنا وموضوعيا وصاحب ضمير.
وقالت في حديث لقناة “خبر تورك”: لا أعلم مدى صحة وصفه بـ”المعارض” لأن هناك تحولا وتغييرا في بلاده، ولديه موقف موضوعي حيال ذلك.
وكشفت خديجة جنكيز، تفاصيل حسّاسة عن حياة خاشقجي خلال الشهور الماضية واللحظات التي سبقت مقتله داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، مطلع أكتوبر الجاري.
وتطرقت إلى الأحداث التي أعقبت مقتله، والحديث الذي جرى بينها وبين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عقب توجيه الرئيس دونالد ترامب دعوة لها لزيارة البيت الأبيض.
وأكدت جنكيز المعلومات التي كانت قد ذكرت أن السلطات السعودية أجبرت زوجته السابقة على الطلاق منه عقب خروجه من البلاد، وقالت: “خاشقجي أخبرها بأن زواجه الأخير في السعودية انتهى لأسباب سياسية، وأنه يعيش منذ عام ونصف في الولايات المتحدة، وتقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية، لكن لم تصدر الموافقة بعد”.
وبيّنت أن الرجل كان يشعر بعزلة كبيرة بسبب حنينه لوطنه، فضلا عن الحزن من أجل أصدقائه في المملكة.
كما لفتت إلى أنه كان في عزلة تامة من الناحية العاطفية، وكان يبحث عن شريكة لحياته، وهو الأمر الذي أدّى إلى تقاربهما.
وأشارت إلى أن جمال كان يحدّثها في بداية تعارفهما عن عزلته، وشعوره بجرح كبير لم يندمل من الناحية المعنوية والعاطفية بسبب بعده عن أسرته، حتى أنه لم يعد يعرف نفسه، ولم يكن يتوقع أن تكون الغربة ثقيلة عليه إلى هذا الحد.
وأضافت أن خاشقجي كان ينظر لـ”مسيرة التغيير” التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، بـ”قلق كبير وحماسة في الوقت ذاته”، مبينة أن هناك مقالات له تتسم بالنقد.
وعن حياتهما الشخصية، لفتت إلى أنهما كانا يودان العيش في الولايات المتحدة واسطنبول، لذا اشترى خاشقجي منزلا في المدينة التركية، التي يكن لها محبة كبيرة.
وكشفت أن خاشقجي كان قد تعرف شخصيا على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضا، وله أصدقاء كثر في تركيا.
وحول الادعاءات بأن خاشقجي حاول الحصول على ورقة من القنصلية السعودية في الولايات المتحدة من أجل الزواج، وأنه تم توجيهه من هناك إلى القنصلية في اسطنبول، قالت جنكيز إنه لم يبلغها بأي شيء عن هذا الموضوع.
ولفتت أنهما ذهبا إلى دائرة الزواج في بلدية حي “فاتح” باسطنبول، واستفسرا عن الأوراق المطلوبة، حيث قال أحد الموظفين إنه يتعين على خاشقجي إحضار ورقة من قنصلية بلاده تفيد بأنه غير متزوج حاليا.
وذكرت أن خطيبها الراحل كانت لديه مخاوف بشأن الذهاب إلى القنصلية، وأنه لم يكن يرغب في المواجهة، وحدوث أجواء متوترة، لأنه كان إنسانا عاطفيا ورقيقا جدا.
ولفتت إلى أنه كان قلقا من تعرضه للاستجواب أو التعامل معه بطريقة غير مناسبة أكثر من أن يتم اعتقاله، وأنهما لم يتحدثا عن هذا الموضوع مطولا، مشيرة أنها كانت ترى التوتر في تعابير وجهه.
وسردت جنكيز ما حصل في الزيارة الأولى لخاشقجي إلى القنصلية في 28 سبتمبر الماضي، قائلة: “كان قلقا قليلا لكن كنت قلقة أكثر منه لأنهم رفضوا دخولي، وانتظرت أمام الباب وبدأت باستمرار في مراقبة من يخرجون من القنصلية والسيارات أيضا، حيث انقضت ساعة، وبعدها قلت لنفسي خلال 10 أو 15 دقيقة إن لم يخرج سأسأل عنه لأنه سيتأخر على الطائرة، ولكن لم تكد تنقضي 10 دقائق حتى خرج جمال”.
وأكدت جنكيز أن خاشقجي خرج من القنصلية فرحا، وأنها سعدت كثيرا بعدما أخبرها أنهم عاملوه بشكل جيد للغاية وأنهم أعلموه أن الأوراق المطلوبة لإتمام زواجه ستصبح جاهزة خلال أيام، فسافر بعدها إلى العاصمة البريطانية لندن.
وذكرت أنها رافقته إلى القنصلية في الموعد الثاني يوم 2 أكتوبر، وأنه اتصل بأحد مسؤولي القنصلية قبل توجهه إليها، وأن هذا المسؤول القنصلي أعلم جمال بأنه سيعاود الاتصال به لتحديد موعد مناسب لقدومه إلى القنصلية.
وأضافت: “بعدها بنحو 40 دقيقة اتصل المسؤول وأخبره أن الساعة الواحدة ستكون مناسبة لقدومه، ولدى توجهنا إلى هناك لم يكن قلقا”.
وشددت جنكيز أن خاشقجي سلمها هواتفه، وأعطاها اسم مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية ياسين أقطاي للاتصال به في حال حدوث خطب ما، ثم دخل القنصلية بكل أريحية.
وأفادت بأنها انتظرت أمام القنصلية أنباء سارة يخرج بها، مشيرة إلى أنها اعتقدت أنه يتبادل أطراف الحديث داخل القنصلية لأنه كان يتساءل عما حصل في بلاده بعد خروجه منها.
وأشارت أنها انتظرت فترة طويلة أمام باب القنصلية، ولم تتوقع حدوث مكروه له.
وأكدت أنها اتصلت بشقيقتها بعد أن بدأت بالشعور بحدوث أمر سيء، وأرسلت رسائل لبعض أصدقاء خاشقجي بعد أن أخبرتها شقيقتها أن ساعات العمل الرسمية انتهت في القنصلية.
وقالت جنكيز إنها هرعت نحو باب القنصلية وتحدثت مع مسؤول تركي على بابها، وأخبرته بأن جمال لم يخرج من القنصلية، وأنها كانت تشعر بذعر كبير وفكّرت أنهم اختطفوه إلى السعودية.
وأضافت أن المسؤول التركي على باب القنصلية أخبرها بأن الجميع خرجوا من القنصلية ولم يبق فيها أحد، مبينة أنها اتصلت بعدها بالقنصلية للاستفسار عن جمال وأخبرتهم بأن خطيبها لم يخرج من قنصليتهم.
وأشارت جنكيز أنه إثر الاتصال الهاتفي طلب موظف القنصلية منها إعلامه بموقعها، وخرج إليها قائلا: “لم يبق أحد في القنصلية وليس هناك أي داع لانتظارك هنا”.
وعقب الحديث الذي جرى بينها وبين موظف القنصلية، اتصلت بأقطاي، ورئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب طوران قشلاقجي، وشرحت لهما ما طرأ وبقيت تنتظر أمام بوابة القنصلية.
وتابعت: “بعدها أعلمنا وسائل الإعلام، وكانت شرطة المنطقة أول الوافدين أمام القنصلية، وسألت عن الموضوع فأخبرتهم بما أعلم، ثم ذهبت إلى مخفر الشرطة وأدليت بإفادتي وقدمت بلاغ شكوى، وحاولت التفكير في مسائل إيجابية”.
وأكدت أنها ترددت على القنصلية السعودية في الأيام التي تلت اختفاء خطيبها، وأنها أدركت وجود سيناريوهات أخرى عندما علمت بأمر الطيارة الخاصة التي جاءت إلى اسطنبول يوم الحادث.
وأوضحت أنها سلمت الأشياء الخاصة لخاشقجي للنيابة العامة، بعد قرابة 4 أيام من يوم الحادث.
وأشارت إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان ومسؤولي الحكومة التركية، اهتموا بموضوع اختفاء خاشقجي منذ اللحظة الأولى، وقدموا لها كافة أشكال الدعم.
وقالت إنها قرأت وتابعت أخبار وتغريدات على وسائل الإعلام وتويتر، في الفترة الأخيرة، كما لم تقرأ وتتابع في حياتها كله، مبينة أنها شعرت بضغوط نفسية كبيرة لم تتعرض لها من قبل.
ولفتت إلى إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعاها إلى زيارة الولايات المتحدة، مستدركة أن تصريحات ترامب عن خاشقجي كانت “متناقضة”.
وأفصحت عن أنها أكدت لترامب استعدادها لزيارة البيت الأبيض، في حال اتخاذه خطوات حيال الكشف عن ملابسات مقتل خاشقجي.
وأضافت أنه بعد مكالمة ترامب بعدة أيام اتصل بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، مبينا أنه نقل رسالتها إلى ترامب.
وأوضحت أنها سألت بومبيو فيما إذا كان لديه معلومات عن الموضوع، وأن الأخير أكد لها متابعته للأمر غير أنه لا يعلم شيئا عن خاشقجي بعد.
ونبّهت جنكيز إلى أن حديث بومبيو كان سياسيا بحتا، وأنه أعرب لها عن تعازيه وأنه يشعر بالأسف عليها، وأبلغها سلام ترامب.
وأكدت أنها لا ترغب بزيارة الولايات المتحدة في الوقت الراهن، مضيفة أن الرأي العام الأمريكي يبذل جهودا كبيرة من أجل الحفاظ على إبقاء قضية خاشقجي على أجندته اليومية، وخاصة صحيفة “واشنطن بوست”.
وتوقعت جنكيز أن يتم دفن جمال خاشقجي في المدينة المنورة، في حال العثور على جثمانه، بناء على وصيته.