بغياب رونالدو وميسي لأول مرّة منذ 10 سنوات.. من يشعل الـ “كلاسيكو”
الحياة العراقية
على مدار السنوات الـ 10 الماضية، كان الـ «كلاسيكو» مباراةً خاصة بين الرمزين الكرويين الاستثنائيين: كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.
لكنَّ كليهما لن يشاركا في المباراة التي تجمع برشلونة الإسباني بضيفه ريال مدريد على ملعب «كامب نو» اليوم الأحد 28 تشرين الأول 2018.
فرونالدو رحل إلى صفوف يوفنتوس الإيطالي بعد 9 سنوات قضاها في ريال مدريد، شهدت إحرازه 450 هدفاً وتتويجه بـ 15 لقباً، من بينها 4 ألقاب في بطولة دوري أبطال أوروبا.
أما الأرجنتيني ليونيل ميسي، فيغيب عن المباراة بعد خروجه مصاباً بكسرٍ في ذراعه في المباراة التي فاز بها برشلونة على إشبيلية 4-2 الأسبوع الماضي، وهو الفوز الذي وضع برشلونة على صدارة ترتيب الدوري الإسباني، وسيتيح له فرصة التقدُّم بفارق 7 نقاط كاملة عن غريمه ريال مدريد إذا فاز الأحد.
وسيكون هذا هو الكلاسيكو الأول الذي لا يشهد مشاركة ميسي ورونالدو معاً منذ مباراة الـ «كلاسيكو» التي أُقِيمت في كانون الأول 2007 وانتهت بفوز ريال مدريد بهدفٍ أحرزه اللاعب البرازيلي جوليو بابتيستا، وشهدت كذلك تألُّق لاعبين آخرين مثل ديكو وجيانلوكا زامبروتا من برشلونة وغابرييل هاينزه ورود فان نيستلروي من ريال مدريد.
ومنذ ذلك الحين، كان ميسي ورونالدو من ألمع النجوم في الـ «كلاسيكو»؛ فميسي هو أفضل هدافِّي المواجهة على الإطلاق برصيد 26 هدفاً و14 تمريرة حاسمة، بينما يحمل رونالدو الرقم القياسي للتسجيل المتتالي في مباراة القمة بإحرازه أهدافاً في 6 مباريات متتالية كانت جميعها في العام 2012.
فكيف سيواجه برشلونة غياب ميسي المفاجئ؟ وكيف سيتعامل ريال مدريد مع تبعات رحيل رونالدو؟ وكيف سيؤثر غياب الثنائي على المباراة ككل؟ نستعرض هنا إجابات هذه الأسئلة نقلة عن صحيفة موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC:
ريال مدريد يعاني تهديفياً دون رونالدو
بلا أي مبالغة، يمكن القول إنَّ ريال مدريد يواجه صعوبةً في التأقلم مع رحيل رونالدو ومدربه الأسطوري زين الدين زيدان في صيف 2018.
إذ تعادل الفريق مرةً وخسر 3 مرات في المباريات الـ 4 الأخيرة التي خاضها في الـ «ليغا» الإسبانية، من بينها هزيمتان مفاجئتان أمام آلافيس وليفانتي، ليهبط إلى المركز الـ 7 في الترتيب العام، ويجعل مدربه جولين لوبيتيغي مهدداً بالإقالة.
ويُعد أصل مشكلة الفريق واضحاً، إذ لم يُسجِّل سوى هدفٍ واحد في تلك المباريات الـ 4، أحرزه الظهير الأيسر مارسيلو في المباراة التي خسرها على أرضه ووسط جماهيره أمام ليفانتي 1-2.
وحتى الفوز الذي حققه في دوري أبطال أوروبا الثلاثاء 23 تشرين الأول على فيكتوريا بليزن التشيكي لم يقدم الكثير من العزاء.
صحيحٌ أنَّ المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة زار الشباك للمرة الأولى منذ نحو شهرين، لكن الفوز بنتيجة 2-1 -الذي حسمه هدفٌ آخر من مارسيلو- لم يكن مقنعاً، سيما في مباراةٍ من نوعية المباريات التي كان يفوز ريال مدريد فيها بانتظامٍ وسهولةٍ بالغة بوجود رونالدو.
وكان من شبه المؤكد أنَّ رحيل لاعبٍ أحرز 40 هدفاً على الأقل في كل موسم من المواسم الثمانية الماضية دون التعاقد مع بديلٍ كفؤ سيسفر عن عواقب وخيمة، خاصةِ أنَّ مغادرة اللاعب البرتغالي كانت جزءاً من عملية رحيلٍ تدريجية لعدة لاعبين آخرين أضعفت قائمة تشكيلة إلى حدٍ كبير، وتركته في حالة افتقارٍ مُقلق إلى هدَّافين حقيقيين.
فعندما فاز ريال مدريد بثنائية الـ «ليغا» ودوري أبطال أوروبا في 2017، سجل الفريق حينها 48 هدفاً في الـ «ليغا» بأقدام لاعبيه السابقين رونالدو والكولومبي خاميس رودريغيز والإسباني ألفارو موراتا، وجميعهم رحلوا عن الفريق، ولم تتعاقد الإدارة مع لاعبين آخرين لتعويضهم، باستثناء الإسباني ماريانو دياز الذي لم يثبت جدارته بعد.
صحيحٌ أنَّ قائمة الفريق ما زالت تضم وفرةً من المواهب الإبداعية، مثل الويلزي غاريث بيل والإسباني إيسكو والإسباني ماركو أسينسيو وبنزيمة، الذين قد يتمنى أي مدرب أن يحظى بهم في قائمته، لكن لا أحد منهم هدَّاف متكامل، فهُم يؤدون أداءً أفضل خارج منطقة الجزاء، ولديهم قدرةً أكبر على صناعة الأهداف وليس تسجيلها.
ولعل إحدى أبرز الإحصاءات التي توضِّح الانحدار الهائل في قوة الفريق التهديفية هي أنَّه حقق في العام الماضي رقماً قياسياً عالمياً بتسجيله أهدافاً في 73 مباراة متتالية، في حين أنَّ الفريق لم يسجل أي هدف على مدار 4 مباريات متتالية الموسم الجاري.
جديرٌ بالذكر أنَّ إيسكو ردَّ بقوةٍ في الأسبوع الجاري على تلميحٍ إلى أنَّ ريال مدريد يفتقد رونالدو بشدة، قائلاً «لا يمكن أن نبكي على شخصٍ لم يُرِد أن يكون هنا».
لكنَّ الحقائق تتحدث عن نفسها، فريال مدريد لا يمتلك أي خطورةٍ تهديفية منذ رحيل اللاعب البرتغالي.
وصحيحٌ أنَّ إيسكو يمكن إعفاؤه من مسؤولية هبوط مستوى الفريق مؤخراً لأنَّه عاد للتو إلى صفوفه بعد خضوعه لعملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية، لكن إذا لم يُحسِّن زملاؤه مردودهم كثيراً وبسرعة، ستُذرَف المزيد من الدموع على رحيل رونالدو.
المهمةٌ المستحيلة: تعويض ميسي!
أجاب إرنستو فالفيردي مدرب برشلونة ببساطة حين سُئِل عن الكيفية التي يعتزم بها تعويض خسارة ميسي بعد إصابة اللاعب الأرجنتيني، قائلاً «لا أعرف».
وبعد ذلك ببضعة أيام، أعرب الظهير الأيسر للفريق الإسباني جوردي ألبا، الذي يتمتع بعلاقةٍ مثمرة جداً على المستوى التهديفي مع ميسي قائد الفريق، عن تشاؤمه كذلك، قائلاً «لا يمكن لأحد أن يحل محل ميسي. إنَّه أفضل لاعب في العالم».
لكن على المدى القصير، يتعين على برشلونة إيجاد طريقةٍ لتعويضه، وعلى الأقل يمتلك فالفيردي الكثير من الخيارات المتاحة.
ولعل أبرز هذه الخيارات هو الجناح الفرنسي السريع عثمان ديمبيلي الذي انضمَّ إلى برشلونة قادماً من بروسيا دورتموند الألماني في صفقةٍ بقيمة 173 مليون دولار، بعد رحيل اللاعب البرازيلي نيمار عن برشلونة قبل انطلاقة الموسم الماضي.
بيد أنَّ ديمبيلي ظهر بمستوى متذبذبٍ إلى حدٍ كبير حتى الآن رفقة برشلونة، فحين تصل إليه الكرة، قد ينجح في المرور من ثلاثة لاعبين من الفريق الخصم، أو يفقدها برعونةٍ كلَّما تسلَّمها، ويثير اللاعب الشاب غضب المهاجم الأوروغوياني لويس سواريز باستمرار حين يُهدِر هجمةً واعدة بكرةٍ عرضية سيئة أو تسديدةٍ طائشة.
وبالنظر إلى عيوب ديمبيلي، فقد يكمن الحل في منح اللاعب متعدد الأدوار الإسباني سيرجي روبيرتو دوراً هجومياً أكثر، الذي كُلِّف بهذا الدور في آخر مباراة «كلاسيكو» شهدت غياب ميسي عن التشكيلة الأساسية في العام 2015، وتمكَّن روبيرتو آنذاك من تقديم أداءٍ رائع، ونجح في صناعة الهدف الافتتاحي الذي أحرزه سواريز في فوز فريقه الساحق على ريال مدريد 4-0 في ملعب «سانتياغو برنابيو».
وقد يلجأ فالفيردي أيضاً إلى خيارٍ مجهول العواقب بإشراك الجناح البرازيلي مالكوم، الذي انضم إلى برشلونة قادماً من بوردو الفرنسي مقابل أكثر من 38 مليون دولار في الصيف الماضي، لكنَّه لم يظهر حتى الآن إلا في مبارتين شهدتا مشاركته بديلاً لوقتٍ قصير.
بينما يكمن خيارٌ آخر في لاعب خط الوسط وابن النادي رافينيا، الذي شارك في التشكيلة الأساسية مرتين فقط الموسم الجاري، قبل أن يُسجِّل الهدف الأول في فوز فريقه الأربعاء الماضي 24 تشرين الأول على إنتر ميلان الإيطالي، وهو النادي الذي كان انضمَّ إليه على سبيل الإعارة في الموسم الماضي.
ويمكن لفالفيردي بدلاً من ذلك أن يختار تعزيز وسط الملعب بإشراك اللاعب التشيلي المخضرم أرتورو فيدال، الذي شارك أساسياً مع الفريق مرتين فقط منذ انضمامه قادماً من بايرن ميونخ الألماني وأوقع نفسه في مشكلاتٍ بسبب استخدامه الشبكات الاجتماعية للتعبير عن عدم رضاه عن عدم اللعب كثيراً.
وهناك أيضاً خيارٌ يكمن في اعتماد نسخة أكثر تقليدية من التشكيلة 4-4-2 بإشراك سواريز إلى جانب المهاجم الإسباني الشاب منير الحدادي في خط الهجوم.
إذاً، فإنَّ لدى برشلونة الكثير من الحلول المحتملة لمشكلة غياب ميسي، لكن لا يبدو أيٌّ منها مُقنِعاً بدرجة كبيرة.
هل مارسيلو المستفيد الأكبر؟
بصرف النظر عمن يحل محل ميسي، اللاعب الذي سيتأثر بشكل مباشر بغياب الأرجنتيني سيكون الظهير الأيسر لريال مدريد مارسيلو.
البرازيلي الديناميكي يلعب دوراً هاماً للغاية في هجوم الريال، ويتضح هذا من خلال تسجيله هدفين من أصل 3 أهداف سجلها نادي العاصمة الإسبانية مؤخراً مؤخراً.
لكن في مباريات الـ «كلاسيكو» السابقة، ولأن ميسي كان ينتقل إلى الجناح الأيمن من موقعه الأصلي – وهو «المهاجم الوهمي» – كان على مارسيلو أن يتقبل، ولو على مضض، الحاجة لمكافحة غرائزه الهجومية ليمنح نفسه فرصة مجاراة خصمه.
وشرح بابلو زاباليتا، رفيق ميسي في المنتخب الأرجنتيني، هذه النتيجة غير المباشرة ولكن الهامة لوجود ميسي في الملعب قائلاً، «الظهير لا يستطيع أن يتقدم كثيراً لأن ميسي سيصبح خلفه بهذه الطريقة، لذا لا يمكن أن يتقدم الظهير ويترك مساحة مكشوفة خلفه.
إن منحت المساحة لميسي، ستكون في ورطة وتتلقى أهدافاً، لذلك من المؤكد أنك لا تحاول التقدم كثيراً حين تلعب ضده».
هذا الرأي تدعمه الإحصائيات: فمعدل تمريرات مارسيلو في كل مباراة من مبارياته هو 51,8 تمريرة في كل مباراة، لكن في مباريات الـ «كلاسيكو» الثلاث الأخيرة على أرض ملعب «كامب نو»، انخفض هذا الرقم إلى 41 تمريرة فقط.
الاستثناء الوحيد كان في العام الماضي، عندما تعادل الفريقان بهدفين لكل منهما، حين زاد مارسيلو من عدد تمريراته إلى 66 تمريرة ولكنه عوقب من قبل لاعبي برشلونة الذين سجلوا هدفين بسبب تقدمه.
في هذا الـ «كلاسيكو»، سيرتاح مارسيلو من عبء مراقبة ميسي وسيكون حراً ليلعب لعبه الطبيعي، وسيصب هذا في مصلحة اللعب الهجومي لريال مدريد.
لكن لا زال من الممكن لبرشلونة أن يستغل تقدم البرازيلي، خاصةً وأن سرعة ديمبلي تؤهله لاستغلال الفجوات التي يتركها مارسيلو وراءه، في حال قرر المدرب فالفيردي أن يتبنى اللعب الهجومي.