مخاطر سياسية قد تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي في 2019
الحياة العراقية
تكاثرت سحب المخاطر السياسية بسماء العالم في 2018 وسط حالات عدم اليقين تهدد بإلقاء ظلالها على النمو الاقتصادي العالمي في العام المقبل الذي لاحقته تحذيرات كثيرة بمستقبله.
وفيما يلي نظرة على نقاط الوميض السياسية التي يمكن أن تُعيق النمو وتزيد من آلام الاقتصاد العالمي في العام المقبل.
الخلاف المتوقع داخل الكونجرس الأمريكي
إن تغيير السيطرة في مجلس النواب بعد انتخابات تشرين الثاني الماضي والتي تعطي الديموقراطيين السلطة التشريعية لأول مرة في 8 سنوات يعد بتعقيد الصورة السياسية للولايات المتحدة في العامي المقبلين.
ويمكن أن يؤدي استيلاء الديمقراطيين على مجلس النواب إلى فتح الطريق أمام إجراء تحقيقات في إدانة الرئيس دونالد ترامب وحملته الرئاسية وأعمال عائلته، على الرغم من أنه إذا ذهبت الاتهامات إلى هذا الحد، فإن مصير ترامب النهائي سيقع على عاتق مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
ومع افتراض الصدام بين الديمقراطيين والجمهوريين وإدارة ترامب، فإن الولايات المتحدة على أعتاب عامين من الجمود التشريعي، كما يقول “أولريك ليختمان” المحلل في “كومرتس بنك”.
وبالتالي سوف تموت القوانين الديمقراطية من مجلس النواب في مجلس الشيوخ وستنتهي الأفكار الجمهورية من مجلس الشيوخ في مجلس النواب لذلك قد لا يكون هناك أملاً في تخفيضات ضريبية إضافية وزيادة في الإنفاق على البنية التحتية، بل الاستعداد لنوبات دورية من الدراما السياسية وإغلاق الحكومة الذي بدأ بالفعل وهدد ترامب بأن يطوّل أمده، والذي من شأنه تعطيل وظائفها الأساسية مما سيلقي بظلاله على الاقتصاد.
وسيكون هناك تحدياً كبيراً لقيادة كلا الطرفين لتمرير مشاريع القوانين اللازمة لتمويل عمليات الحكومة وغيرها. ولكن مع إنه ليس بالضرورة أن يكون الخلاف داخل الكونجرس سيئاً للاقتصاد، حيث أنه إذا لم يتم تمرير أي تشريع جيد له فلن يكون هناك أي شيء ضار.
وإنما يعتبر التهديد السياسي الرئيسي للاقتصاد “نفسياً إلى حد ما”، فهل ستصبح المشاحنات الخطابية والقانونية بين الأحزاب في الكونجرس وبين الحزب الديمقراطي وإدارة ترامب شديدة لدرجة أنها تقوض من تفاؤل الأعمال التجارية والمستهلكين في البلاد؟، وفقاً “جوسيبي تيريفساني” محلل في “كريدي سويس”.
وإذا كان هناك شيء واحد يتفق عليه الديمقراطيون والجمهوريون فإنه يتمثل في أن نهوض الصين يشكل تحديًا للولايات المتحدة بأكملها، الأمر الذي قد يلجأ إليه ترامب باستغلال هذه الأرضية المشتركة في الكونجرس لكسب الدعم في الانتخابات الرئاسية المقبلة وذلك من خلال التصدي لبكين وكبح جماح ممارساتها التكنولوجية والتجارية.
وإلى جانب ذلك يواجه الرئيس الأمريكي تحدياً كبيراً لكسب دعم المواطنين، في الوقت الذي أظهر فيه استطلاع حديث لصحيفة “إنديبنديت” بأن 60% من الأمريكيين لا يريدون ترامب رئيساً في 2020.
وعلى غير العادة في الحملات الإنتحابية بدأت حملة ترامب مبكراً في أوائل 2017، وجمعت الأموال من التبرعات وشنت حملتين إعلانيتين للسباق الرئاسي لعام 2020 تحت شعار “حافظ على أمريكا العظمى”.
الصدام الداخلي في الاتحاد الأوروبي
يدخل الاتحاد الأوروبي عام 2019 وجعبته مكتظة بالمشاكل والقضايا السياسية في أكبر 4 اقتصاديات داخل الكتلة.
وطغى المشهد السياسي البريطاني بشأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي على الساحة العالمية مع عدم اليقين فيما يخص طريقة الخروج الذي اقترب موعده في 29 آذار المقبل.
وتكمن النقطة الرئيسية بشأن البريكست في تصويت البرلمان البريطاني والمقرر له في منتصف كانون الثاني المقبل، فمن شأن قراره أن يحدد مصير اتفاقية الخروج بعد أن تم تأييدها من قبل الاتحاد الأوروبي الذي قرر رفع يده وألقى الكرة في ملعب رئيسة الوزراء البريطانية.
وصحيح أن التنازلات تأتي في اللحظة الأخيرة، ولكن ستظل صفقة البريكست المستعصية لها تأثيراً سلبياً على الاقتصاد والذي قد يكون في أسوأ السيناريوهات، هو انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة تبلغ 8% في غضون أشهر من تاريخ الخروج، وفقاً لبنك إنجلترا.
وفي روما تكافح الحكومة الشعبوية للحصول على موافقة مجلس النواب الإيطالي على مشروع الموازنة قبل أن تضع 2018 أوزارها بعد أن كسبت دعم مجلس الشيوخ في أعقاب التوصل لاتفاق مع المفوضية الأوروبية بعد خلاف دام لأشهر.
فيما تتحول الأنظار في أكبر اقتصاد بأوروبا نحو “أنجريت كرامب كارينباور” خليفة أنجيلا ميركل، في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي خاصة فيما يتعلق بقضية الهجرة، وكيفية التعاون مع ميركل حتى انتهاء فترتها في 2021 بعد أن أعلنت عدم نيتها الترشح مرة أخرى لمنصب الاستشارية.
وقبل عدة أسابيع فقط، اندلعت الاحتجاجات الدامية في فرنسا والتي عرفت بـ”السترات الصفراء” والتي قد تؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي للنصف وفقاً لمعهد الإحصاء الوطني مع الإجراءات الأخيرة التي اتخدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون لإرضاء المتظاهرين، إلى جانب أيضاً أنه من شأن هذه التدابير أن ترفع العجز المالي الفرنسي ما يجعلها تدخل في صدام مع قواعد الاتحاد الأوروبي.
الانتخابات تحدد مصير الأسواق الناشئة
في العام المقبل ستشهد العديد من الاقتصادات الناشئة الانتخابات الرئيسية، الأمر الذى قد يكون له أثاراً بعيدة المدى على موقفها السياسي واستقرار أسواقها.
ومن بين الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع دول على رأسها الأرجنتين والهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا.
في حين يرى “أنتوني بيترز” المحلل المستقل الذي كان يعمل في شركة “بلوكآكس” سابقا: “النظرية بسيطة للغاية، فقد تعرضت أصول الأسواق الناشئة لخسائر حادة بالفعل، لذا فإن الجانب السلبي إذا ساءت الأمور سيكون ضئيلاً، وإذا تعافت الأوضاع فإن لديها إمكانات لتعيد تقوية نفسها من جديد”.
وبالرغم من تصريحات وزارة الخزانة الأمريكية أنها مستعدة لرفع العقوبات عن واحدة من أكبر شركات روسيا “يونايتد روسال”، فإن المستثمرين سيكونون حذرين من تحركات الكونجرس، إذا توصل تحقيق روبرت مولر في تدخل الكرملين في الانتخابات الأمريكية 2016 إلى نتيجة تؤكد ذلك، مما قد يؤدي إلى فرض عقوبات جديدة، بما في ذلك فرض قيود على تداول الديون أو البنوك الروسية السيادية.
ولكن تبقي الصين صاحبة القضية الأكبر في الأسواق الناشئة، نظراً لصراعها التجاري مع الولايات المتحدة، ولا يزال الرئيس الصيني شي جين بينج متحدياً لواشنطن حيث قال لبعض الشخصيات العسكرية والتجارية الأكثر نفوذاً في البلاد إن بكين لن ترضخ بسرعة لمطالب التجارة والاستثمار الأمريكية، وفقاً لوكالة “بلومبرج”.
وكانت الولايات المتحدة والصين قد وقعا اتفاقاً للهدنة التجارية بين الجانبين لمدة 3 أشهر، على أن يدرسا خلال هذه الفترة كيفية إنهاء النزاع التجاري.