التلفزيون هو الخليوي في 2020
الحياة الاخبارية
هل تشاهد مسلسلات تلفزيونيّة أميركيّة حديثة؟ إذا كانت إجابتك «نعم»، فالأرجح أنك تفعل ذلك عبر الإنترنت، واستطراداً فأنت تشاهدها عبر شاشة مرتبطة مع شبكة الـ «ويب»، سواء أكانت شاشة الكومبيوتر أو الـ «تابلت» أو الخليوي أو حتى التلفزيون نفسه الذي باتت معظم أجهزته تقدر على الترابط مع الإنترنت.
فكّر في ذلك المشهد قليلاً. أليس هناك شيء من التنافر بين قول «مسلسلات تلفزيونيّة»، ثم الحديث عن مشاهدتها عبر أجهزة تكون ميزتها الأساسيّة هي الارتباط مع الـ «ويب»، خصوصاً الخليوي؟
ومنذ بعض الوقت، صارت شاشة الخليوي منفذاً مفضّلاً بالنسبة لشطر وازن من الجمهور، للدخول إلى الأرشيف الرقمي الفعلي للتلفزيون، وهو ما يمثّله موقع «يوتيوب» وما يشبهه حاضراً. وكذلك تنتشر مشاهدة مقاطع تلفزيونيّة (بل برامج أيضاً) على صفحات الـ «سوشال ميديا».
في ظل تلك المعطيات وما يشبهها، ظهر تقرير ملفت أخيراً يجزم وفق إحصاءات دقيقة، بأن مستقبل التلفزيون هو شاشة الخليوي. ويرصد أنه في عام 2020، سيشاهد نصف الجمهور محتويات التلفزة عبر الشاشات الرقمية المحمولة، خصوصاً الهواتف الذكيّة.
وظهرت تلك الأرقام في تقرير سنوي اسمه «كونســـيومر لاب» (ترجمته حرفيّاً «مختبر المستهلك» Consumer Lab)، تصدره شركة «إريكسون» الشهيرة في عوالم الخليوي للسنة الثامنة على التوالي.
وأفاد التقرير أيضاً بأنّ مشاهدة البرامج التلفزيونيّة المجدولة ستتساوى مع مشاهدة المحتوى المتلفز وفق الطلب خلال 3 سنوات! كما توقّع أن يصبح ثلث الجمهور الرقمي مستخدماً لتقنيات الواقع الافتراضي في 2020 أيضاً. ويختص تقرير «كونسيومر لاب» بعوالم التلفزة والإعلام، متطرّقاً إلى تفاصيل النمو الهائل في عروض التلفزيون وأشرطة الفيديو، ومُلاحِظاً أيضاً التحول المستمر في الطريقة التي يشاهد بها جمهور عصر الشبكات، المحتوى المرئي- المسموع.
يتوقع التقرير ارتفاعاً في مشاهدة المحتوى حسب الطلب حتى عام 2020، فيشكل قرابة نصفها. إذ يشاهد نصف محتويات التلفزيون والفيديو على شاشات الأجهزة المتنقلة، بزيادة 85 في المئة بالمقارنة مع أرقام عام 2010.
وتنفرد الهواتف الذكيّة بربع تلك المحتويات، بزيادة 160 في المئة عمّا كانته عام 2010. وإضافة إلى ذلك، ستكون أجهزة الواقع الافتراضي مهيمنة، إذ يستخدمها ثلث الجمهور بحلول عام 2020.
وتعليقاً على تلك المعطيات، أوضح أندرس إرلاندسون، كبير مستشاري «كونسيومر لاب»، أنّه بات واضحاً وجود تغيير قوي في عادات المشاهدة. وأضاف: «لم يعد الجمهور يكتفي بمشاهدة مقاطع الفيديو على شاشات متنوّعة، بل إنّه يغير نمط مشاهدته أيضاً.
ويظهر ذلك في النمو المستمر للمشاهدة عبر الأجهزة المتنقلة، وهو اتجاه لم يتوقف عن الازدهار منذ عام 2010. وفي السنة الجارية، حدثت نقلة نوعيّة. إذ لاحظنا ارتفاعاً ملموساً في اهتمام الجمهور بالواقع الافتراضي، تزامناً مع تزايد استهلاك المحتويات الإعلاميّة.
ويمتلك الواقع الافتراضي القدرة على جمع الناس عالميّاً، بامتلاكه محتويات أكثر عمقاً لكنها أيضاً أشد استجابة للواقع الشخصي لكل مشاهد، إضافة إلى كونه أكثر تكاملاً مع الخبرة الإعلاميّة».
تحوّلات جذريّة
وأشار إرلاندسون إلى استمرار التوقعات بارتفاع الإقبال على المحتوى البصري الذي يشاهد وفق الطلب، ما يوجب على التلفزيون والإعلام العام التركيز على تقديم خدمات تكون شخصيّة للغاية مع احتفاظها بنوعيّة متقدّمة أيضاً.
وفق تقرير «كونسيومر لاب»، يبلغ الوقت الذي يقضيه الشخص في مشاهدة التلفزيون ومحتويات الفيديو إلى قرابة 30 ساعة في الأسبوع، وهو رقم أكثر ارتفاعاً من الســنوات الماضية كلّها. وتشمل تلك المشاهدة البرامج التلفزيونيّة المجدولة، وخدمات المحتوى البصري عبر الإنترنت (أشرطة الفيديو كليب نموذجاً) سواء بالبث المباشر أو وفق الطلب، وتحميل المحتويات المرئيّة – المسموعة وتسجيلها، إضافة إلى محتوى مماثل يشاهده الجمهور على أسطوانات «دي في دي» و»بلو- راي» (Blue Ray).
وفضّل قرابة 60 في المئة من الجمهور مشاهدة المحتويات حسب الطلب، وذلك على حساب مشاهدة برامج التلفزيون المجدولة، إذ سجّلت الأولى زيادة بقرابة 50 في المئة منذ عام 2010.
وارتفع متوسط الخدمات وفق الطلب، بل يدفع 2 من أصل 5 أشخاص المال لقاء الحصول على خدمات التلفزيون والفيديو وفق الطلب. وأعرب ثلث الجمهور عن رغبته في زيادة الإنفاق لقاء الحصول على تلك الخدمات خلال الشهور القليلة المقبلة. ويتوافق ذلك مع وصول نسبة الراغبين في الوصول إلى المحتوى أثناء تواجدهم خارج بلادهم، إلى الثلث من الجمهور.
كذلك تتزايد باستمرار شعبية عروض المحتوى البصري على الهاتف الذكي. إذ بلغت نسبة من يشاهدون المحتوى على الهاتف الذكي قرابة 70 في المئة، وهم خُمُس من يشاهدون المحتويات البصريّة على الشبكات كلها.
وبيّن تقرير «كونسيومر لاب» نفسه أن الشباب في سن 16-19 عاماً يقضي 33 ساعة أسبوعياً في مشاهدة محتوى بصري، بزيادة قدرها 10 ساعات تقريباً في الأسبوع منذ عام 2010. ومع ذلك، يقضي ما يزيد على نصف تلك الفئة العمريّة وقته في مشاهدة المحتوى حسب الطلب، وتجري 60 في المئة من ساعات ذلك الشطر من المشاهدة على الهواتف الذكيّة.
ويعني ذلك باختصار، أن الشباب أكثر ميلاً لأن تكون مشاهدتهم للمحتوى البصري من الأنواع كافة، وضمنها التلفزيون، على شاشة الخليوي. ألا يعطي ذلك مبرراً آخر للقول أن المستقبل سيرفع شاشة الهاتف الذكي لتصبح هي ما يمثّله التلفزيون حاضراً؟
ويظهر التقرير أيضاً أن وصول الجمهور إلى خدمات التلفزيون والفيديو بات أكثر سهولة من أي وقت مضى، إلا أن متوسط الوقت الذي يقضيه البحث عن المحتوى ارتفع إلى قرابة ساعة في اليوم، بزيادة 13 في المئة عن العام الماضي. في الواقع، يعتقد 1 من أصل 8 أفراد بأن الكمية الهائلة من المحتوى البصري في المستقبل سوف يتسبّب في ضياع وقته، ما يعقّد أيضاً صورة المستقبل في المشاهدة على الشاشات الرقميّة.