الحياة العراقية
بعد ركود غبار الحرب وانتهاء معركة طاحنة استمرت لأكثـر من تسعة أشهر لتحرير ثاني أكبر مدينة في العراق وتحول أجزاء كبيرة منها الى مناطق أشباح بعد تعرضها لآلاف القنابل وملايين الإطلاقات النارية استخدمت لطرد داعش، اتضحت عندها المهمة المهولة بإعادة إعمارها من جديد .
خلال معركة دامت قرابة أربعة أعوام بين تنظيم داعش والقوات العراقية، نفذت الولايات المتحدة لوحدها أكثر من 9 آلاف غارة جوية ألقت خلالها ما يزيد على 65 ألف قنبلة في محاولة لطرد مسلحي داعش من المدن والقرى التي كان يتواجد فيها عبر شمال وغربي البلاد.
تم تقدير الدمار الذي لحق بالمدينة القديمة في الموصل بأكثر من 1 مليار دولار، ويعتقد انه ما بين 50% الى 75% من مباني وبيوت المدينة التي تضم 1.4 مليون نسمة قد دمر بالكامل .
وتقول الامم المتحدة إنها تلقت معلومات تفيد بأن أكثر من 65 ألف منزل عبر المناطق المتضررة بسبب داعش التي تتعدى الموصل، هي بحاجة ماسة لإصلاحات أو إعادة بناء، مشيرة الى أن 18 ألف منزل منها يقع في الموصل .
واستناداً لمنظمة أي سي أن انترناشنل غير الحكومية المعنية بمساعدة المسيحيين فإن أكثر من 14 ألف بيت و363 كنيسة في المناطق ذات الغالبية المسيحية المحيطة بالموصل في سهل نينوى قد تعرضت لأضرار أو تدمير .
في محافظة الأنبار أشارت الامم المتحدة في آخر تقرير لها عن الوضع السكاني الى أن نصف البيوت التي كانت بحاجة الى ترميمات وإصلاحات قد تم إنجازها .
أما في محافظة نينوى التي تضم مدينة الموصل فإن أعمال إعادة الإعمار تجري بشكل أبطأ. وأشار تقرير الامم المتحدة الى أن 6 آلاف بيت فقط من مجموع 24 ألفاً كان يفترض أن يعاد بناؤها أو يرمم قد تم إنجاز العمل فيه بحلول أيلول عام 2018 .
وجاء في تقرير برنامج الامم المتحدة للتنميةUNDP ، الذي يعمل على إعانة البلدان المتضررة لمساعدة نفسها، بأنه في العام 2017 تم استخدام أكثر من 10 آلاف شخص في مهمة إعادة إعمار الموصل . شملت عمليات إعادة الإعمار مدارس ومستشفيات ومنشآت تحلية مياه ومحطات كهرباء عبر مناطق واسعة من شمال وغربي العراق .
رغم ذلك فإن بنايات كثيرة أخرى بضمنها منشآت تربوية وصحية ماتزال غير مؤهلة للاستخدام بشكل كامل مما يعيق كثيراً من اهالي المنطقة الحصول على خدمات مثل بقية المناطق .
من بين المناطق التي تضررت كثيرا بسبب الحرب ضد داعش هي المدينة القديمة في الموصل التي تعتبر قلب التراث التاريخي القديم للموصل .
وكان البنك الدولي قد أقر بأن استرجاع الإرث الحضاري والثقافي والحفاظ عليه يعد عاملا حاسما في تطمين السكان المحليين بعملية إعادة الإعمار بعد المعارك. وبخصوص هذا الموضوع قامت منظمة اليونسكو الدولية بعقد سلسلة من اللقاءات حول مشروعها الخاص الذي يحمل عنوان “إحياء روحية الموصل .”
أمين عام مؤسسة فراترنايت ايراك الخيرية، فرج بينويت كامورات قال في حديث لموقع سكاي نيوز الإخباري البريطاني إن مشاريع شبيهة بمشروع استعادة موقع كنيسة، مار بهنام، تعد مشاريع حيوية لمساعدة الاهالي المتضررين واستعادة عافيتهم . وضاف قائلا “من المهم جداً أن يجد الاهالي ، مناطقهم التاريخية عند عودتهم. الحصول على بيت هو أمر اساس لبدء الحياة من جديد، ولكن عوائل لها ايضا أماكن لهم فيها ذكريات تذكرهم بأيامهم الماضية السعيدة، حيث كانوا يتنقلون فيها معاً في أيام حياتهم تذكرهم بمناسبات خاصة مثل حفل زواج. كنيسة مار بهنام كانت مثالاً رمزياً واضحاً على ذلك، إنها تعد مكانا رئيسا لكل مسيحيي العراق، إنها بمقام كنيسة نوتردام بالنسبة للشعب الفرنسي .” وتقول الأمم المتحدة إن سرعة التقدم بعمليات إعادة الإعمار تعتمد على سعة حجم الدمار وكذلك على مدى التعاون بين الاهالي والسلطات المحلية في هذا المجال .