مخلفات (داعش) تفتك بأهالي الانبار والصحة تحمل السياسيين في الانبار المسؤولية
الحياة الاخبارية / هدية السعد
لازالت أساليب القتل تفتك بالمواطنين في محافظة الانبار حتى بعد تحرير مدنهم من سيطرة تنظيم (داعش)، فقد كشفت دائرة شؤون الألغام في المنطقة الشمالية عن اصابة نحو 400 شخصا من العائدين لمنازلهم في المحافظة بانفجار مخلفات حربية تركها التنظيم بعد هزيمته.
فيما حملت وزارة الصحة والبيئة الاحزاب السياسية المسؤولية بسبب تسابقها في اعادة النازحين لأغراض انتخابية، موكدة ان الأزمة المالية التي تشهدها البلاد اثرت على عملها في تنظيف تلك المناطق من المخلفات الحربية.
400 انباري ضحايا مخلفات (داعش)
ويقول المتحدث باسم دائرة شؤون الالغام في المنطقة الشمالية معمر صلاح الدين، ان ،نسبة المصابين بالمخلفات التي تركها تنظيم (داعش) في محافظة الانبار من المواطنين العائدين الى مناطقهم المحررة في الرمادي تتراوح بين 300 الى 400 شخص”، مبينا ان “هناك إعدادا كبيرة من المخلفات الحربية والعبوات الناسفة والتي تجاوزت الالاف العبوات حسب التقديرات التي لدينا في المناطق المحررة”.
ويضيف صلاح الدين، ان “هذه العبوات والمخلفات الحربية تحتاج الى تظافر الجهود الحكومية والمنظمات التجارية والحشد الشعبي والحشد العشائري اضافة الى وضع استراتيجية لإزالتها ورفعها بأسرع وقت ممكن كونها اضرت بالمواطن خاصة وان محافظة الانبار فيها مساحات شاسعة وهي ملوثة بهذه الالغام وتحتاج الى المزيد من الوقت والجهد والفرق”.
ويتابع صلاح الدين، ان “الدائرة تعمل وفق سياسة رئيس الوزراء حيدر العبادي القاضية بعودة النازحين الى مناطقهم المحررة بأسرع وقت ممكن وفرض الاستقرار الامني الى تلك المناطق المحررة”، لافتا الى ان “هناك فرق جوالة في الانبار تابعة للدائرة تقوم بتعريف وتثقيف المواطن بمخاطر هذه الالغام وعدم الاقتراب منها”.
ويؤكد صلاح الدين، ان “دائرة شؤون الالغام اليوم لديها دعم من قبل السفارة الامريكية لكن هذا الدعم لم يكن بصورة مباشرة بل عن طريق التعاقد مع شركة امريكية وشريك محلي مرخص من دائرة شؤون الالغام وهذا الشريك هو شركة الفهد مفوض ومرخص من دائرة شؤون الالغام وهي تقوم بأعمال المسح والازالة على مواقع البنى التحتية والمناطق ذات الطابع الانساني في الانبار”.
الصحة: المساحات الملوثة كبيرة والسياسيون يتحملون المسؤولية
ويقول الوكيل الفني لوزارة الصحة والبيئة جاسم الفلاحي، في تصريح خاص لـ “الحياة الاخبارية ” ان ،الوزارة لديها دور فعال وبارز في هذا المجال لكن الازمة المالية جعلت منها غير قادرة على القيام بمهامها”، مبينا، ان “الوزارة لجات لآلية معينة لتنظيف المناطق من العبوات والصواريخ والمخلفات الحربية وهي الاستعانة بالدفاع المدني كونه جهة مختصة في وزارتي الداخلية والدفاع من خلال صنف الهندسة العسكرية لكنهم ايضا منشغلين الان في تنظيف الطرق والجسور امام القطعات العسكرية لتحرير المناطق”.
ويؤكد الفلاحي، ان “الواجب يتطلب منا إيجاد اليات جديدة لحل هذه المشكلة حيث لجأنا الى التمويل الدولي من خلال علاقتنا مع المنظمة الدولية ونجحنا بشكل كبير جدا في ان ننفتح على العالم وكان الدور الكبير للسفارة الامريكية من خلال تمويل جزء كبير من عملية تنظيف هذه الاماكن من خلال الشركتين الامريكية والبريطانية”.
ويضيف الفلاحي، انه “تم تنظيف مساحات واسعة في مدينتي الرمادي والفلوجة من دون تحميل خزينة الدولة اية خسائر”، لافتا الى انه “رغم تلك الجهود لكن المساحات الملوثة لازالت كبيرة جدا”.
ويعزوا الفلاحي، أسباب ارتفاع عدد المعاقين والمصابين بالألغام في محافظة الانبار الى “التسابق بين الاحزاب السياسية لتسجيل النقاط بعودة النازحين الى مناطقهم وهم يعرفون ان هذه المنازل كان اغلبها مفخخ من قبل عناصر داعش الارهابي”، مشيرا الى ان “هناك عدد كبير من المواطنين الأبرياء تعرضوا الى اصابات بليغة منها بتر السائق بسبب هذه العبوات كون التنظيم الارهابي كان يعتمد اُسلوب الغش والخداع في زراعة العبوات وتفخيخ المنازل”.
ويوضح الفلاحي، ان “وزارة الصحة والبيئة العراقية ودائرة شؤون الالغام والمجلس الاعلى لشؤون الالغام برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزيرة الصحة عازمين على تطهير البلاد من خلال الاستراتيجية التي وضعت والتي نسعى من خلالها الى وجود الية لتنظيف الاراضي العراقية”.
وكانت السفارة الأميركية في بغداد قامت من جانبها بخطوة مماثلة وذكرت في بيان لها انها قدمت نحو خمسة ملايين دولار أميركي للمساعدة في تطهير الرمادي من مخاطر المتفجرات وهي خطوة أولى ضرورية لدعم السلطات العراقية في جهودها لإصلاح البنية التحتية الأساسية والمساعدة على عودة العائلات النازحة إلى منازلها.
من جانبه يقول المتحدث باسم مقاتلي العشائر في الانبار الشيخ غسان العيثاوي لـ “الحياة الاخبارية “، ان “الكثير من العوائل التي عادت الى مناطقها المحررة تعرضت لحوادث بسبب العبوات الناسفة التي زرعها عناصر تنظيم داعش في منازل المواطنين والدوائر الحكومية والطرق الرئيسة”.
ويضيف العيثاوي، ان “القوات الامنية رفعت جزءا كبيرا من تلك المتفجرات لكن مازال هناك الكثير منها”، موكدا ان “وجودها يثير المخاوف لدى المواطنين”.
ويدعو العيثاوي ،الحكومة المركزية والجهات المسؤولة والمجتمع الدولي الى “الإسهام في رفع هذه العبوات للحفاظ على ارواح المواطنين العائدين الى مناطقهم”، لافتا الى ان “الاجهزة الامنية وبالتعاون مع المواطنين في محافظة الانبار عثرت على مخابئ للاسلحة والمعدات التي كان عناصر التنظيم يستخدمها لتنفيذ هجماته خلال الفترة الماضية”.
مطالبات باستراتيجية واضحة لرفع المخلفات الحربية من المناطق المحررة
ويؤكد المتحدث الرسمي بأسم التحالف الدولي ضد الالغام والقنابل العنقودية موفق الخفاجي، لـ “الحياة الاخبارية “ان “العراق بعد العام 2008 انضم الى اتفاقيتين دوليتين وهما اوتاوا واوسلو وعليه ان يطالب الدول المنضوية في هذين الاتفاقيتين بالمساهمة برفع هذه العبوات والمخلفات الحربية من تلك المناطق كون الاتفاقيتين تلزمان الدول بالمساهمة الفعالة بمساعدة الدول المتضررة”.
ويدعو الخفاجي، الحكومة العراقية الى “توفير التخصيصات المالية لشراء المعدات الحديثة والمتطورة لرفع الالغام والمخلفات الحربية”، مطالبا في الوقت ذاته، المجتمع الدولي “بالوقوف الى جانب العراق في هذه الكارثة البيئية التي باتت تفتك بالمدنيين وخاصة الاطفال منهم”.
ويوضح الخفاجي، ان “المنظمات الدولية تعمل اليوم في مناطق اقليم كردستان وساهمت بتطهير المناطق بصورة جيدة جدا بسبب الاستقرار الامني الذي يشهده الاقليم ومن بين هذه المنظمات البريطانية ماستر كروب والمنظمة الدنماركية والانترسوت وغيرها من المنظمات الايطالية”، مشيرا الى ان “سوء الأوضاع الامنية في بعض المناطق يعرقل عمل تلك المنظمات”.
ومنذ ان أعلنت القوات الأمنية تحرير مدينة الرمادي (110 كلم) غرب العاصمة العراقية بغداد، أواخر كانون الاول الماضي، كانت هناك تحركات لمنظمات وأطراف سياسية لإعادة السكان المحليين وبالفعل بدأوا بالعودة مطلع نيسان (ابريل) الماضي لكن ظهور مشكلة الألغام المزروعة في المنازل والأماكن العامة تتسبب بزيادة عدد المصابين بتلك المخلفات الحربية .