ثلاث محطات للنشيد الوطني العراقي أين ستنتهي ؟
الحياة العراقية
تحدث الخبير القانوني طارق حرب في مقال كتبه، الخميس، عن المراحل التاريخية الذي مر بها النشيد الوطني العراقي ابتداء من العهد الملكي والى ما بعد سقوط نظام صدام حسين، بوقت يشهد حراك سياسي برلماني لتغييره.
العهد الملكي
لم يكن هنالك نشيد وطني ببغداد والعراق حتى نهاية الحكم العثماني وظهور الافكار القومية العربية عند الثورة العربية وثورة العشرين وكان لهذه التطورات أثر في اعتماد نشيد بشكل غير رسمي يتم ترديده في المناسبات وهذا ما حصل سنة 1921 عند تتويج الامير فيصل ملكاً للعراق اذ بالرغم من عدم وجود نشيد وطني رسمي ردد الكثير من الحضور قول الشاعر :-
بيض صنائعنا سود وقائعنا
خضر روابينا حمر مواضينا
الذي يرمز للتاريخ العربي الاسلامي فاللون الابيض لون الدولة الاموية واللون الاسود لون الدولة العباسية واللون الاخضر لون العلويين واللون الاحمر لون دولة العرب في الاندلس.
ولعدم وجود نشيد وطني في العهد الملكي أعلنت الحكومة سنة 1924 عن مسابقه وخصصت جائزه نقدية لمن يفوز واشترك كثير من الموسيقيين وبنتيجة هذه المسابقة فاز السلام الملكي الذي أعده الانگليزي الميجور “جي آر موري” أحد الضباط الانگليز الموسيقيين وقد عزف هذا النشيد الوطني لأول مره في مجلس الامة أي البرلمان الملكي والبلاط الملكي وفي وزارة الدفاع وكان يقتصر النشيد على الموسيقى بلا كلمات نظم أحد شعراء بغداد بشكل غير رسمي كلمات غالبا ما كان يرددها الكثيرون وهي:
دم يا شريف الحسب يا مريم النسب
يا خير ملك بالوجود فيصل فيصل
وحيث جرى العرف على ان افتتاح جميع الفعاليات يكون بالسلام الملكي الامر الذي يوجب على الجميع الوقوف.
ويقول حرب “كم كنا ننفذ ذلك عندما ندخل السينما اذ بداية العرض السينمائي لذلك نقوم من مقعدنا ولحين اكمال النشيد الملكي”.
ومن طريف ما يذكر ان فريق الكشافة البغدادي اشترك في مهرجان أقامه الفوهور هتلر حاكم المانيا في ثلاثينيات القرن العشرين للفرق الكشفية العالمية وحيث ان الجوق الموسيقي الالماني يجهل السلام الملكي العراقي الذي كان بلا كلمات فقد اتفق رئيس الوفد مع الوفد عند الاستعراض امام هتلر أن يردد الفريق كلمة (بلي) فكان حافظ الدروبي رئيس الوفد يقول الاهزوجة البغدلدية الشعبية ( بلي يا بلبول بلي) وبعده يردد الفريق (بلي) و( ما شفت عصفور) ويرددون(بلي) وكانت المفاجأة ان هتلر أنسجم مع اللحن البغدادي مما حدا به أن يطيل تحيته للوفد الكشفي البغدادي.
العهد الجمهوري
بعد قيام الجمهورية وانتهاء العهد الملكي حيث تولى الموسيقي البغدادي لويس زنبقه من خريجي معهد الفنون الجميلة ببغداد الذي كان يدرس في فينا وضع السلام الجمهوري ودونه موزعاً على جميع الات الجوق الموسيقي الهوائية وجرى تسجيله من قبل جوق موسيقي نمساوي وارسله مرفقاً برساله الى الزعيم عبد الكريم قاسم ضمنها الافكار التي اعتمدها في وضع اللحن وهو بشكل مارس المسير الموسيقي حيث استمر اعتماده طيلة الجمهورية الاولى .
بعد قيام الجمهورية الثانية سنة 1963 تم اعتماد أغنية (والله زمن يا سلاحي) الذي كان نشيداً للجمهورية العربية المتحدة ومصر وهو من كلمات الشاعر المصري صلاح جاهين وتلحين الموسيقي المصري كمال الطويل.
وفي سنة 1981تقرر اقامة مسابقه لتلحين النشيد الوطني الجديد الذي كتبه شفيق الكمالي وهو( وطن مد على الافق جناحه) حيث تولى الموسيقى اللبناني وليد غلميه حيث كان متعاقداً مع حكومة العراق لتأليف أعمال موسيقية وتم تسجيل هذا النشيد من قبل أوركسترا يونانية وتم اعتماده بداية السنة المذكورة وكان بالصيغة المعتمدة للأناشيد المدرسية وبعد فترة تم تسجيله من قبل جوق موسيقي بريطاني.
سقوط نظام البعث وحكم صدام حسين
بعد اسقاط النظام السابق تم اعتزال النشيد السابق وتم اعتماد نشيد (موطني موطني) الذي كتبه سابقاً الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان ولحنه الموسيقي اللبناني محمد فليفل وتم اعداده لدولة فلسطين التي رفضته وقصة اعتماده تتمثل انه في شهر تموز سنة 2003 أي بعد ثلاثة أشهر من السقوط حضر الحاكم المدني الامريكي بول برايمر الى قاعة الرباط في شارع المغرب الكائن جنوب مدينة الاعظمية حيث عزفت الفرقة الموسيقية هذا النشيد ووقف برايمر والحضور وكنا حاضرين وتولت الفرقة الموسيقية عزف هذا النشيد دون غيره حيث استمر استخدام هذا النشيد دون سند قانوني او دستوري.
وصدر دستور 2005 الذي اعتبر نافذا من بعد الاستفتاء عليه وقررت المادة (12) منه ان على العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي بقانون وهكذا مضت 14 سنة ولم يصدر قانون للنشيد الوطني.
في سنة 2012 واثناء اشتراك العراق في دورة لندن الاولمبية الرياضية تم تشكيل لجنه لفحص الاناشيد الوطنية وتحديد الاناشيد الوطنية وتم تحديد الاناشيد السيئة من بين 205 اناشيد للدول المشاركة حيث كان نشيد موطني الذي تم عزفه باعتباره النشيد الوطني العراقي فكان نصيبه مع الاناشيد السيئة التي ترفض المساواة بين الناس والدول والامم لأن فيه تكبر وكبرياء وتعال وخيلاء .
وينوه الخبير حرب انه من كل ما تقدم فلا بد من اعتماد المعايير الدولية التي ترفض بعض الاناشيد واعتماد الحكم الدستوري اذ يجب أن يحتوي على ما يرمز الى مكونات الشعب العراقي وهذين الحكمين غير موجودين في جميع الاناشيد المقدمة سواء شعر الجواهري الذي يؤيده اتحاد الادباء :
سلام على هضبات العراق
وكذلك فان هذين الشرطين غير متوفرين في شعر أسعد الغريري الذي يؤيده كاظم الساهر ونقابة الفنانين وهو:
سلام عليك عراق القيم
كذلك هذين الحكمين غير متوفرين في قصيدة الشاعر السياب:
الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام
وغير متوفرة في قصيدة الشاعر محمد مهدي البصير:
وطني والحق يؤيده أصفيه وأحب أعضده
وذكر حرب انه فلا بد من البحث عن نشيد جديد للنشيد الوطني يستلهم الحكمين السابقين أي المكونات والمساواة واخيراً نقول ان أطول نشيد وطني في العالم هو النشيد الوطني اليوناني المكون من 128 بيتا والاقصر هو النشيد الوطني الياباني وأحدث نشيد وطني في العالم هو نشيد دولة جنوب السودان وان هنالك اناشيد وطنيه تبدأ بالملك كالنشيد الوطني السعودي والاردني.