منوع

العشائر تواجه ثقافة إطلاق العيارات النارية

الحياة الاخبارية
فوضى كبيرة في استخدام العيارات النارية في العراق، فإطلاق النار في الهواء غالبا ما يقتصر على مناسبات الزفاف في معظم البلدان العربية أما في بلاد وادي الرافدين فالأمر مختلف وأصوات الرصاص تسمع في المناسبات المفرحة والمحزنة.

 ما أن أطلق حكم مباراة كلاسيكو العالم صفارته معلنا نهاية المباراة بفوز فريق برشلونة على غريمه التقليدي ريال مدريد هناك في قلب العاصمة الإسبانية قبل قرابة اسبوعين حتى تعالت أصوات الإطلاقات النارية في الهواء احتفالا بالفوز.

قصي كامل (23 عاما) الذي كان واحدا ممن أطلقوا عيارات نارية للاحتفال بفوز فريقهم المفضل لم يكترث هو وغيره بإمكانية أن تؤدي عياراتهم الطائشة الى سقوط قتلى أو جرحى كما يحدث دائما في مناسبات مماثلة والتي كانت آخرها مباراة الكلاسيكو التي أصيب على أثرها عدد من المدنيين في محافظات متفرقة من العراق.

تسجيل إصابات بإطلاقات نارية عشوائية أمر يتكرر بصورة مستمرة منذ سنوات طويلة في العراق فإطلاق العيارات النارية في الهواء هو نوع من الاحتفال اعتاد عليه الكثير من العراقيين الذين يمتلكون أسلحة نارية حتى بات جزءاً من ثقافة المجتمع العراقي في المناسبات الحزينة والسعيدة على حد سواء.

فتشييع الموتى وحفلات الزفاف والاحتفال بفوز المنتخب العراقي لكرة القدم في مواجهة ما وحتى الكلاسيكو الإسباني كلها مناسبات لا تكتمل الا بإطلاق عيارات نارية في الهواء.

ويتعدى الامر أحيانا إلى إطلاق هذه العيارات في مناسبات أقل أهمية كنجاح طالب في امتحاناته النهائية أو ورجوع زوجة إلى بيت زوجها كما يجسد مشهد تمثيلي كوميدي يختصر الموضوع من خلال إطلاق الاقارب والجيران للنار ابتهاجا بعودة (ليلى) إلى بيت زوجها في إحدى التمثيليات العراقية.

ورغم إدراك المجتمع العراقي لخطورة هذه الممارسة وما تسببه من أضرار بشرية ومادية غير أنها لم تنقطع نهائيا منذ سنوات فالعراقيون يتذكرون كيف أطلق الآلاف منهم العيارات النارية في الهواء فرحا بانتهاء الحرب مع الجارة الشرقية إيران في الثامن من آب عام 1988 ومنذ ذلك الحين والمشهد يتكرر في كل مناسبة.

في محافظة بابل الى الجنوب من العاصمة بغداد قرر شيخ عام عشيرة صلخة الشمرية فاهم مانع علاوي إطلاق مبادرة تتضمن العمل على انهاء ثقافة اطلاق العيارات النارية في الهواء في المناسبات مستثمرا سلطته العشائرية بصفته شيخ عموم لعشيرة تمتد من المحافظات العراقية الى الخليج والأهواز.

وأوضح الشيخ علاوي لـ”الحياة الإخبارية ” أنه تصدى لهذه الممارسة بالتحرك على ابناء عمومته أولا ومن ثم المقربين من العشيرة على أمل أن تحذوا بقية العشائر حذو عشيرته في هذا الاتجاه.

“إطلاق العيارات النارية غير المبرر أمر غير قانوني ولا أخلاقي ويخالف توجيهات المرجعية الدينية العليا لما له من أضرار”  يقول الشيخ علاوي.

المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني رد على ثلاثة استفتاءات شرعية قدمت إليه بخصوص إطلاق العيارات النارية افتى بعدم جواز إطلاق النار في الهواء بغض النظر عن المناسبة لما تسببه من أضرار وأذى وإرعاب للناس محملا المتسبب المسؤولية الشرعية في ما يحدث نتيجة لذلك.

يشير القانون العراقي الى أن من يرمي العيارات النارية في المناسبات العامة او الخاصة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات دون أن يكون مجازا بذلك من قبل سلطة مختصة وفقا لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل والمشرع في السابع والعشرين من شهر نيسان (ابريل)عام 1982 والذي لا يزال نافذا مع صدور توجيهات حكومية في هذا الاتجاه تنص على منع رمي الاطلاقات النارية.

ويعتقد الشيخ علاوي أن القانون العراقي واضح لكن المشكلة تكمن في عدم تطبيقه وإنفاذه ما أدى الى استمرار هذه الممارسة لاسيما مع وجود كميات كبيرة من السلاح منتشرة في المدن العراقية وبحيازة المدنيين.

فرض الشيخ علاوي على شيوخ أفخاذ عشيرته قطع التكافل في الدية في حالات إطلاق النار العشوائي بمعنى أن العشيرة لن تتكفل بعد اليوم بمن يتسبب بمقتل أو إصابة شخص في حال تسبب هذا الأمر بإطلاق نار عشوائي غير مبرر كأن يكون في مناسبة ما فضلا عن تحميل المتسبب الدية مضاعفة مرتين في حال كان المتسبب من العشيرة ذاتها.

ويؤكد الشيخ علاوي أن المبادرة لاقت تجاوبا واسعا من أبناء العشيرة رغم عدم مرور فترة طويلة على إطلاقها لكونها ستسهم في حفظ دماء أبناء العشيرة وجيرانها.

ويروي أن أهل عروس من عشيرته رفضوا خروج ابنتهم لموكب عرسها في حال لم يمتنع أهل الزوج عن إطلاق العيارات النارية وهو ما حدث بالفعل.

يتوقع الشيخ أن يتكرر المشهد تدريجيا لحين إنهاء هذه الممارسة لكنه يتخوف من تأثير انتشار السلاح وعدم وجود رادع قانوني يحول دون إيقافها لاسيما وأنه يرى أن عناصر الأمن هم بدورهم يساهمون في استمرار ثقافة اطلاق العيارات النارية لحيازتهم السلاح المرخص وعدم ردع المخالفين للأوامر والتوجيهات.

وتشدد المؤسسة العسكرية في العراق على ضرورة التزام منتسبيها بعدم اطلاق العيارات النارية عشوائيا الا في الحالات التي تستدعي ذلك غير ان المنتسبين بالمقابل لا يبدون التزاما واسعا رغم بدء الكثير منهم بالعزوف عن الممارسات السابقة التي كانوا يجاملون من خلالها مواكب التشييع أو الأعراس وغيرها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى