” تراب ” يعتذر ” عريان “
“تراب” يعتذر لـ “عريان”
جواد أبو رغيف
هناك في بقعة من “مدينة الصدر” قريبة من منزل الصبا،ومسقط الرأس،وذكريات كرة القدم، و”نادي القدس” “الولاء” حالياً، والعصاري التي كنا نعد دقائقها مع ذرات “الاوكسجين” التي نستنشقها،وقمة سعدنا عندما تجمعنا مباراة ضد مجموعة قطاع “33 ” الكبار (عبد الزهرة اسود “بيليه العراق” وطالب مراد والإعلامي حسام حسن والقائمة تطول يحيينا النجم الدولي جكي بصوته الجميل عندما يرانا نأتي ” هلا بالچكچكه”يقصد أصحاب المهارات العالية” ،رغم فارق العمر بيننا،بيد أننا لا نقل نجومية عنهم،فقطاع “43 ” مصدر النجوم للمنتخبات والأندية الوطنية.
فاجئني الأخ “كريم جسر” بدعوة لمهرجان شعري احتفاء بالإعلامي والشاعر”جبار رشيد”،لبيت دعوته،وذهبنا مع مجموعة من أعضاء رابطة مبدعي مدينة الثورة،كان الوقت عصراً،وعادت ما يكون هذا الوقت بمدينة الفقر والفحولة، هو عودة الآباء الكادحين من أعمالهم يحملون أكياس الفواكه والخضر،حيث ينتظرهم الأبناء وما يحملون .
بيد أني وجدت ثمة وجه آخر للعصاري صنعه بعض الشباب بجهود ذاتية،يجمعون اشتراكات رغم ظروفهم المالية القاسية،في قاعة بائسة مشكورة أدارة نادي الولاء توفرها لهم،لكنها جميلة حد الجمال،بمخرجاتها،فهي بؤرة ثقافية غير عادية،تقاوم الظروف والزمن،لتثبت بقائها على قيد الحياة.
استقبلونا بحرارة عالية،تؤشر جفاء وجحود المسؤولين من أبناء المدينة، الذين تنكروا لهم حالما تربعوا على الكراسي!.
بدأ الحفل، واعتلى الفرسان صهوة المنصة،كنت أجول بخاطري وأتساءل ماذا سيقول هؤلاء الشباب؟ وأنا عشت جيل الكبار من الشعراء الشعبيين، (عريان السيد خلف ـ كاظم الكاطع ـ محمد الغريب ـ سمير صبيح ….والقائمة لاتسع )،وحفظت كلمات ” سلمان المنكوب” منذ الثمانينات وطويتها.
المفاجئة أن هؤلاء الشباب انشدوا قصائد بأفكار مختلفة قرؤوا للوطن وللرجولة وللحب والسياسة،ونعوا ضحايا حادثة غرق ” العبارة في الموصل”،لكن “القنبلة” الكبيرة كانت “ثقافة الاعتذار”!.
عريف الحفل سادتي الحضور أترككم مع الشاعر الجميل “تراب الموسوي”،بينما أناقش بخلدي مفردة الجميل انتبهت على تحيته، وهو يمتطي المنصة،اعتذر عن الإلقاء دون أن يصطحب معه إلى المنصة ابن النهر الثالث (عريان السيد خلف)،الذي كان بين الحضور، ولم يسبق لي معرفته،نزل من المنصة قبَل “خلدون” اصطحبه إلى المنصة،ثم قرأ قصيدة يعتذر لعريان السيد خلف!.
بين دموع تراب وسماحة خلدون،كان الحضور يضيف درساً آخر من دروس تلك الحياة، وهو شجاعة الاعتذار،وان الاعتراف بالخطأ فضيلة لا يقوى على العمل بها ألا الكبار،وان الاعتذار سلوك أنساني يمارسه الذين ارتقوا بوعيهم،وان العناد والإصرار على الخطأ، هو خيار الجهلة ونتيجته الجفاء والقطيعة، وكما تقول الحكمة “من تراقى تلاقى”.
شكرنا القائمين على تلك النشاطات،وقبل الوداع حملونا دعوة مسوؤلين المدينة على دعم تلك النشاطات،اتصلت بالسيد محافظ بغداد، وكنت حريص أن اسمعهم مناشدتي له بدعمهم،لكنه لم يرد ويبدو أن الوقت غير مناسب، ودعتهم على أمل التواصل لتحقيق مناشدتهم التي تتمثل بتوفير مادة “الگاز للمولدة” ومبلغ زهيد لتقديم الضيافة مع عدد من الكراسي،بالطريق اتصل السيد المحافظ، لكن هاتفي بوضع الصامت،فقد نسيت أعادته على وضعه الطبيعي،بعد نهاية الحفل.
aburkehf@yahoo.com