الدفاع تصدر بيانا تُحلل فيديو البغدادي
الحياة العراقية
نشر المستشار العسكري لوزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري، الخميس، مقالاً تحليلاً لمقطع الفيديو لزعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي، مشيراً إلى أنه ظهر “بشخصية مزدوجة قريبة من أسامة بن لادن وصدام حسين”، وفيما حدد “أهم” ما جاء في كلمته، أكد أن الحالة التي ظهر به تبين أنه “خسر كل شيء”.
وقال العسكري في مقاله الذي نُشر على موقع وزارة الدفاع واطلعت عليه “الحياة العراقية”: “وأخيراً ظهر المطلوب الأول على قائمة الإرهاب الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي في تسجيل مصور دعائي لمؤسسة الفرقان التابعة للتنظيم في قناتهم بتطبيق التيلغرام والحديث الذي يحمل اسم (في ضيافة أمير المؤمنين) والذي مدته (18:22 ) دقيقة، وظهر في مكان يبدو أنه ملجأ تحت الأرض ولإخفاء ملامح المكان تم وضع ستائر على الجدران لإخفائها مع مجموعة من قيادات داعش التي نرى أن الاجتماع لتوليها مناصب عوضاً عن قتلاه في المعارك الأخيرة والهاربين من قيادته”.
وعن دلالية الزمان والمكان، ذكر العسكري: “تبين أن المكان مكان نائٍ ومختفٍ وهناك جهود كبيرة بذلت في عملية إخراج هذا التسجيل من ناحية تقنية الكاميرات الحديثة واتخاذ زوايا وأبعاد توحي بقيمة كبيرة للاجتماع والمجتمعين وكذلك الاهتمام الشديد بهندسة الصوت والموسيقى التصويرية وإدخال الأناشيد الداعشية الحماسية، وهذا ينم على أن تنظيم داعش لديه كفاءات عالية المستوى في مجال التصوير والإضاءة وهندسة الصوت والإخراج التلفزيوني وأن العاملين في هذا المجال لهم خبرات وذو اختصاص من خلال ما يقدموه من إنتاج لخطبة هزيلة، أما ما يخص الزمان والوقت فمن الملاحظ أن الحديث مصور حديثاً بعد انتهاء من معركة الباغوز وكذلك حينما تطرق إلى الإحداث في الجزائر والسودان والانتخابات في إسرائيل وكذلك الإحداث الدامية الأخيرة في سريلانكا”.
وأضاف العسكري: “قد يتساءل الكثيرون لما لم يظهر البغدادي طيلة الفترة الماضية وانتظر يوم الاثنين 29/4/2019 بعد عدة أيام من إحداث سيرلانكا الدموية، من الواضح أن البغدادي في حيرة من أمره بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها بمعارك الأنبار وصلاح الدين وبيجي والموصل والرقة وغيرها وآخرها الباغوز، وقد أثيرت عدة إخبار سواءً من قيادات أمنية عراقية أو سورية أو من قوات قسد أو من تسريبات لجنرالات من روسيا الاتحادية أو من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية عن إصابته أكثر من مرة وأن حالته خطرة وقد ذهب بعضهم إلى مقتله”.
ومضى العسكري إلى القول : “يبدو ظاهرياً أنه (البغدادي) ظهر بشخصية مزدوجة قريبة من أسامة بن لادن وصدام حسين في حديثه أمام مؤيديه عندما تحدث عن هزائم وصفها بالنصر وهذا ما كان يفعله أسلافه سابقاً”.
وزاد بالقول: “يبدو أنه قد عقد هذه الاجتماع لإعادة التنظيم وبث الروح المعنوية من جديد وتعيين ولاة وأمراء عوضاً عن الذين فقدهم، حيث اعترف بهزيمته عسكرياً في الباغوز وقبلها في بيجي والموصل وغيرها واستذكر قتلاه الذين صنفهم إلى ثلاثة أصناف وهم الأمراء والولاة وذكر منهم (عبد الرحمن العنكري والطالبي وابو الوليد السيناوي وابو مصعب الحجازي) والقسم الآخر ممن فقدهم من الإعلاميين وهم كل من ( أبو عبد الله الاسترالي وخلاد القحطاني من السعودية وأبو جهاد الشيشاني وأبو أنس بابيان الفرنسي وأبو عثمان الفرنسي ) والقسم الآخر من الهيئة الشرعية والذي ذكر منهم ( ابو رغد الجعداني من السعودية وابو ياسر البلجيكي وابو طالب العراقي)، ويلاحظ أن الاجتماع لقادة جدد ويبدو أنه هناك كان توبيخ لاداء بعض القيادات التي تخاذلت في المعارك الأخيرة والدليل على ذلك أنه أولاً استذكر قتلاه بالاسم وثانياً إنه قال لن يسلموا المدن والمناطق الا على جثثهم، وهنا تذكير باستراتيجية داعش القتالية وثالثها والأهم محاولة المخرج والمشرف على الشريط المتلفز بكل الطرق بحجب بعض الكلمات من خلال ظهور القطع في المونتاج لثلاث مرات أو أكثر وهذا دليل على أن هناك كلام واعترافات حرصوا على عدم اظهارها لأنها تتعلق بنكثان البيعة وعدم الثبات في القتال والهروب من ساحات المعارك”.
وبشأن استراتيجية “داعش” الجديدة، أشار العسكري إلى “الاعتراف الكامل بالهزيمة والانكسار واضح في خطابه (البغدادي) والنبرة البطيئة في صوته والهدوء المفتعل دلالة على الخسارة الكبيرة، واستذكار لبيعات جديدة وخاصة في الصحراء الكبرى في أفريقيا والساحل الأفريقي في ليبيا وبوركينافاسو ومالي والكونغو دلالة على إفلاسه من منطقة الشرق الاوسط، والتركيز على مقاتلة الفرنسيين في أفريقيا والإشادة في أمير التنظيم ابو عبد الله الصحراوي والتركيز على فرنسا بالذات لأنها من تقود التحالف بالصحراء الافريقية ضد تنظيمات داعش الارهابية”.
ولفت إلى أن البغدادي “ركز في كلامه على مسألة الثأر لقتلاهم في العراق والشام ومناطق أخرى من خلال استهداف كما يدعي القوات الصليبية في مناطق مختلفة وهذا يدل على أن التنظيم فقد استراتيجيته الأصلية والتي كانت تعتمد على مرتكزات منها إدارة التوحش والتمكين وغيرها من المصطلحات التي تؤدي إلى نشوء دولة أو خلافة، يبدو أنه تخلى عنها وبدء يتحدث بلغة الثأر وهذا دليل على عدم التخطيط والتنفيذ على الاهداف كما كان سابقاً”.
ونوه بأن “أهم ما في كلمته عندما تحدث عن استراتيجيتهم المقبلة وهي (حرب الاستنزاف) ودعا إلى مهاجمة المقرات العسكرية والاقتصادية والأهداف اللوجستية، وقال إن معركتنا معركة استنزاف ومطاولة للعدو وإن الجهاد ماضٍ ولن يتوقف وهذا يعني أنه يئس من استمرار دولة الخلافة المزعومة وسيستمر بحرب إرهابية على شكل حرب استنزاف واعتمد في هذا على ما قام به جمال عبد الناصر بعد نكبة حزيران 1967 عندما لم يكن له خطط واقعية لشن هجوم لاعادة سيناء فاستغل الوقت واستمر بحرب استنزاف دامت أكثر من خمس سنوات فلجأ إلى حرب الاستنزاف لكسب الوقت لإعادة تنظيم الجيش المصري إلى أن تمكن الرئيس السادات من شن هجوم كاسح واعادتها”.
وأوضح العسكري أن البغدادي “أقر في حديثه باحتمالات كبيرة بعدم النصر لتحقيق أهدافه من خلال تذكيره بالجالسين بأن الله امرهم بالجهاد ولم يأمرهم بالنصر حيث بدأ يستجزء بعض الايات والاحاديث التي تساعده على الاقناع وتغافل ان الله سبحانه وتعالى عندما امر المسلمين بالجهاد بشرهم بالنصر وخير دليل (اذا جاء نصر الله والفتح)”.
وختم العسكري مقاله بالقول إن “حديث البغدادي الأخير برغم من أنه رسالة تشجيعية ودعائيه لأنصاره المحيطين به ولكن بنفس الوقت أنها دليل واقعي للتحليل من قبل الخبراء المختصين لمعرفة المكان والغايات ومن كان معه رغم أنهم حرصوا على إخفاء الوجوه (ملثمين) وظهر أحدهم بزي عربي للدلالة على أن المحيطين به عرب ومن كافة أنحاء العالم ويبدو من خلال مظهره البائس ولحيته الطويلة البيضاء المرصعة بالحناء والغدره السوداء على رأسه وجلوسه مفترشاً الارض مقارنة بخطبته بجامع النوري بتموز 2014 والذي كان بها بأبهى حالاته واناقته فالمقارنة بين الصورتين يظهر جلياً انه خسر كل شيء من دولة وخلافة ومرتكزات أساسية وهذا الانطباع يأتي من خلال وضعه المنكسر الذي ظهر به يوم الاثنين 29 نيسان”.