النزاهة توضح أسباب وقوفها ضد مقـترح قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين
الحياة الاخبارية
أعلنت هيئة النزاهة، الاربعاء، عن الأسباب التي دعتها إلى الوقوف بالضد من مقـترح قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، وفيما اشارت الى أن إلغاء المكاتب لا ينسجم مع جهود مكافحة الفساد ولا مع توجهات الحكومة الداعية لأن تكون الحرب القادمة ضد الفساد، دعت الجهات المعنية للتدخل للعدول عن مقـترح الإلغاء.
وقال رئيس الهيئة في بيان تلقت الحياة الاخبارية نسخة منه، إن “سبب وقوف رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري ضد مقترح قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين إلى أن الرقابة الـتي يقوم بها الـمفتش العام تعد من الإجراءات الوقائية لمكافحة الفساد بمعـنى أنه يمارس رقابته قبل وقوع فعل الفساد، الأمر الذي يجعل مهمته تختلف عن مهمة بعض الأجهزة الرقابية الأخرى، ولاسيما الادعاء العام الذي لا يمكن أن يتقمص دور المفتش العام ولا أن يحل محله، فالفرق بين الاثنين واضحٌ وجلي”.
وأضاف، أن “التسليم بفكرة إيكال هذه المهمة إلى الادعاء العام بكل تفاصيلها سيفضي إلى التدخل بأعمال السلطة التنفيذية منْ قبل السلطة القضائية، الأمر الذي حظره الدستور النافذ في المادة (47) الـتي كفلت مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل سلطة في أعمال السلطة الأخرى، إذ نصت المادة على (تتكون السلطات الاتحادية منْ السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصها ومهامتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات)”، مبيناً أن “جهاز الادعاء العام منْ الناحية الدستورية يعد أحد مكونات السلطة القضائية استناداً إلى المادة (89) منْ الدستور الـتي نصت على (تتكون السلطة القضائية الاتحادية منْ مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التميـيز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الأخرى الـتي تنظم وفقاً للقانون)”.
وأكد الياسري، أن “إلغاء المكاتب لا ينسجم مع جهود مكافحة الفساد ولا مع توجهات الحكومة والبرلمان الداعية إلى أن تكون الحرب القادمة هي الحرب على الفساد، إذ تستدعي المرحلة القادمة مزيداً منْ الدعم للأجهزة الرقابية وتوسيع صلاحياتها، وليس العكس”، عاداً إلغاءها “رسالةً سلبيةً لكل منْ المواطن والأجهزة الرقابية، إذ سيشكك المواطن بنوايا مكافحة الفساد، وستشعر الأجهزة الرقابية بالإحباط”.
وأوضح، أن “التجارب السابقة قد أثبتت أن بعض مكاتب المفتشين العموميين كانت خير عونٍ للسلطة التشريعية (مجلس النواب) في ممارسة دوره الرقابي على أداء السلطة التنفيذية، فضلاً عن نجاح هذه المكاتب في الحفاظ على الأموال العامة وإيقاف هدرها، إذ قدرت بمبالغ طائلة يمكن الرجوع اليها عبر الاطلاع على التقارير الدورية لهذه المكاتب”، مشيراً إلى أن “في حالة وجود بعض الـملاحظات على أداء بعض المكاتب فينبغي تقويم أدائها ورفدها بما تحتاجه منْ إمكانيات تحقيقية وقانونية ومحاسبية لا إلغائها، سيما أن جهةً أخرى محايدةً، وهم الخـبراء الدوليون، دعموا المكاتب ودعوا إلى تقويم أدائها”.
واشار الى أن “الإلغاء سيفضي إلى التأثير السلبي في سمعة العراق الدولية وفي تصنيفه بحسب معايير مكافحة الفساد المعتمدة منْ قبل منظمة الشفافية الدولية، حيث ترصد هذه الـمنظمة وغيرها من الفعاليات الدولية حركة العراق وإجراءاته وتشريعاته في ميدان مكافحة الفساد، ولا تنظر إلى الأقوال”، لافتا الى أن “إلغاء أحد الأذرع المعنية بمكافحة الفساد مؤشراً سلبياً اتجاه العراق منْ جهة الالتزام بأحكام الاتفاقية الدولية لـمكافحة الفساد الـمصادق عليها منْ قبل جمهورية العراق، الأمر الذي يشكك بنوايا العراق في مكافحة الفساد”.
وتابع، أن “وجود مكاتب المفتشين العموميين لا يمثل تعارضاً قانونياً مع أي منْ الأجهزة الرقابية الأخرى، لأن لكل جهةٍ صلاحياتٍ محددةً بمقتضى القانون، وأن الدور الذي يقوم به المفتش العام يختلف عن أدوار هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والـمدعي العام، فهو يقوم بدورٍ أشبه بالمستشار القانوني والمالي للمؤسسة المعنية وهو رقابةٌ تنبثق منْ داخل المؤسسة المعنية”، معتبرا “الترشيق في الهيكلية الحكومية كما ورد في الأسباب الموجبة للمقترح لا يمكن أنْ يعد سبباً مقنعاً لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين، إذ لا ملازمة بين الدور الذي تنهض به الأجهزة الرقابية، والترشيق الذي تقوم به الحكومة، ولاسيما في هذا الظرف الذي يقر فيه الجميع بتفشي ظاهرة الفساد، وأن الترشيق في أجهزة مكافحة الفساد يعد أمراً غـير سائغٍ وغـير مقبولٍ”.
ونبه الى أن “القول بازدواجية المهام بين مكاتب المفتشين العموميين والادعاء العام كما ورد في الأسباب الموجبة هو قول غـير دقيقٍ ويجانب الصواب، لأن الـمتخصص في الموضوع ستتولد لديه قناعةٌ مفادها (إن القول بالازدواجية هو مجرد ذريعة) والذرائع لا يمكن أن تعد سبباً موجباً للقانون”، منوها الى أن “المحكمة الاتحادية العليا قد سبق لها أن ذكرت في قرار لها ذي صلة أن وجود مكاتب المفتشين العموميين لا يتعارض مع ما ورد منْ أحكامٍ في قانون الادعاء العام الجديد”.
واشاد الياسري، بـ “لجنة النزاهة وبعض السيدات والسادة النواب لدعم مكاتب المفتشين العموميين”، داعياً الجهات المعنية الى “التدخل للعدول عن مقـترح الإلغاء، ولاسيما مع اعـتراض الجهات الـمعنية الـمتمثلة بهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ولجنة النزاهة البرلمانية”.