تحركات نيابية تهدّد امتيازات سجناء رفحاء
الحياة العراقية
تجري داخل مجلس النواب، تحركات برلمانية تهدد امتيازات سجناء مخيم رفحاء، بعد الجدل الواسع مؤخراً حول ملف المخصصات المالية المرتفعة للعراقيين الذين أقاموا في مخيم “رفحاء” من المعارضين السياسيين إبان فترة حكم النظام السابق.
وشهد العراق مؤخراً، سلسلة حملات شعبية ومطالبات بإعادة النظر بالقانون الذي خصّص مرتبات لمن مكثوا في هذا المخيّم، والتي يعتبرها كثيرون في العراق خيالية.
ويتقاضى عشرات الآلاف ممن مكثوا في هذا المخيّم، مبالغ يصفها كثيرون بأنها تعادل عدة أضعاف المرتبات التي يتسلمها الموظفين والمتقاعدون، وهو ما اعتبر من قبل البعض استفزازاً، ما دفعهم إلى مطالبة أعضاء مجلس النواب بتقديم طلبات رسمية لإعادة النظر في القانون، عبر تظاهرات ووقفات احتجاجية شهدتها بغداد الأيام الماضية، وهو ما تحقق فعلاً عبر البدء بجمع تواقيع داخل مجلس النواب لإدراج فقرة مراجعة القانون على جدول الأعمال الخاصة بالبرلمان في الفترة المقبلة.
وفي السياق، قال النائب عن تحالف سائرون، رائد فهمي، في تصريح لصحيفة “العربي الجديد”، إنّ “التحركات البرلمانية لتعديل قانون مخصصات رفحاء، لا يعني إلغاء رواتبهم، على اعتبار أنهم انتفضوا ضدّ نظام صدام حسين، وبالتالي يشملهم قانون السجناء السياسيين أو غيره من قوانين العدالة الاجتماعية”.
وأضاف فهمي: “لدينا ملاحظات على مخصصات محتجزي رفحاء، بسبب عدم توازن الامتيازات والرواتب المخصصة لهم، مقارنة مع الآخرين من السجناء السياسيين العراقيين، والمطلوب هو معالجة هذا الإفراط بالمخصصات، والبنود غير الاعتيادية في ملفهم”.
وتابع: “من حقهم أن يأخذوا حقوقهم، لكن بإنصاف كما الجميع، وقد لاحظنا أن الأبناء ممن لم يعيشوا في المخيم سوى عام أو عامين، يستلمون من الموازنة المالية العراقية مرتبات بالملايين، وهذا غير منطقي”.
وعن تعاطي الكتل السياسية في البرلمان العراقي مع تعديل القانون، أكّد فهمي، أنّ “كل الكتل السياسية والبرلمانية تدرك الخلل الكبير في القانون”.
بدوره، قال النائب السابق، رحيم الدراجي، إنّ “قانون المخصصات المالية لمحتجزي رفحاء، يحتوي على كوارث، تبدأ بالمبالغ الكبيرة التي تُرهق العراق، ولا تنتهي بحالات التزوير الكثيرة بمواليد الأبناء الذين يتسلمون مرتبات من العراق، وهم يعيشون خارج بلادهم الأصلية”.
وأوضح الدراجي، أنّ “قانون رفحاء يندرج ضمن خانة الفساد وهدر المال العام، وعدم المساواة والعدالة بين أفراد الشعب العراقي. لذا نحن نعمل على تحقيق العدالة بين مختلف شرائح العراقيين”.
من جهته، لفت عضو تيار الحكمة، محمد اللكاش، إلى أنّ “تغيير أو تعديل أي قانون يتم من خلال الطرق الرسمية المعروفة، سواء كان القانون متعلقا بمؤسسة السجناء السياسيين أو الشهداء ممن يندرجون ضمن قوانين العدالة الاجتماعية”.
وأردف اللكاش بالقول: “لكن أن يُثار الملف هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المحطات المملوكة للأحزاب، فهو من أجل تغييب الشعب العراقي عن قضايا وملفات مهمة، مثل تلك المرتبطة بالفساد المالي والإداري”.
ورأى اللكاش أنّ “بعض السياسيين وأعضاء مجلس النواب وجيوش مواقع التواصل، يريدون تحريف الحقائق لدى الرأي العام”، معتبراً أنّ “الحديث عن رفحاء مجرّد لعبة إعلامية وسياسية، مع العلم أنه كان الأجدر بهؤلاء السياسيين، فتح ملفات أعمق وأخطر مثل ملف حصر السلاح بيد الدولة الذي يقترن بالأمن العراقي، وملف المحاصصة”.
و”قانون رفحاء” هو نسبة إلى مخيّم “رفحاء” الواقع على بعد 20 كيلومتراً من مدينة رفحاء السعودية، التي استقبلت فيه المعارضين لنظام الطاغية صدام حسين بعد “الانتفاضة الشعبانية” عام 1991، ودعمتهم خلال فترة التسعينيات.
وقد أقام في المخيم نحو 40 ألف شخص، بينهم من تولى عقب الغزو الأميركي للعراق مناصب وزارية وبرلمانية وزعماء أحزاب. تبنّت إدارة المخيّم وقتها الأمم المتحدة من خلال الإشراف عليه، وتم تقسيمه إلى 11 مربعاً في كل واحد تتوزّع منازل جاهزة، أقامت فيها الأسر والأشخاص الفارون من العراق، قبل أن يتم توزيعهم على دول عديدة منها أستراليا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك وفنلندا وبريطانيا وإيران وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وسورية، وحصل من غادر إلى الدول الغربية على جنسيات هذه الدول، ليغلق المخيّم بشكل كامل بعد عام 2003.
وأقرَّ البرلمان العراقي، في دورته الثانية بعد عام 2003، قانون “رفحاء”، مع منح من كانوا في المخيّم امتيازات كبيرة. وأيّدت القانون آنذاك غالبية الكتل بمجلس النواب.