داعش في العراق.. تهديد خفي بإمكانات محدودة
الحياة العراقية
بعد مرور أكثر من عام ونصف على هزيمة “داعش” في العراق، جدد التنظيم الإرهابي هجماته عبر خلاياه النائمة، مستهدفا المناطق التي خسرها شمالي البلاد.
والخلايا النائمة؛ مصطلح يطلقه القادة العسكريون العراقيون على مجاميع تابعة للتنظيم، وتنشط بشكل خفي في مناطق مختلفة من البلاد، وتهاجم أهدافا محددة بشكل سريع، قبل أن تنسحب من المناطق المستهدفة.
وبالأسابيع القليلة الماضية، شّنت عناصر التنظيم هجمات استهدفت قوات الأمن ومدنيين في أجزاء من مدينة الموصل وكركوك (شمال) وديالى (شرق) والأنبار (غرب)، وخلفت قتلى وجرحى.
قاعدة انطلاق
لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حذّرت من خطورة تحركات خلايا “داعش” بمدينة الموصل شمالي البلاد على الملف الأمني العام.
وأشارت إلى أن التنظيم نجح عام 2014 في تأسيس قاعدة انطلاق له من الموصل باتجاه باقي المحافظات.
وفي تصريح للأناضول، قال محمد رضا، رئيس اللجنة والذي شغل منصبا عسكريا برتبة فريق ركن في الجيش العراقي، إن “خلايا تنظيم داعش تنشط في الجانب الأيمن (الغربي) لمدينة الموصل”.
ولفت إلى أن “الخطورة تكمن في أن الجانب الغربي لمدينة الموصل مرتبط بمناطق البعاج والجزيرة (جنوب وغرب الموصل)، وهي مناطق مفتوحة تمتد لباقي المحافظات”.
وأوضح رضا أن “هناك مساحات صحراوية بين قاطع مسؤولية قيادة عمليات نينوى (شمال) وقاطع مسؤولية قيادة عمليات الجزيرة والبادية بمحافظة الأنبار (غرب)، وهي بحاجة إلى قوات إضافية لإحكام السيطرة عليها ومنع نشاط التنظيم”.
وللقضاء على نشاط “داعش”، اعتبر رضا أن الأمر بحاجة إلى عمليات عسكرية واسعة يشارك فيها طيران الجيش، إلى جانب إحكام السيطرة على الحدود لمنع عمليات التسلل لعناصر التنظيم.
وأشار إلى أنه إلى “غاية الآن هناك تسلل لعناصر داعش من سوريا إلى العراق، لأن المنطقة الحدودية بطول أكثر من 600 كيلومتر، ولم تحكم(أمنيا) بصورة تامة”.
ووفق رضا، فإن “خارطة نشاط خلايا داعش تتركز حاليا في الجانب الغربي لمدينة الموصل، ومناطق جنوب كركوك، خصوصا في القرى التي لم يعد إليها النازحون لغاية الآن، علاوة على الصحراء في محافظة الأنبار”.
تكثيف الجهود الاستخبارية
رغم تأكيد وزارة الدفاع العراقية على أن تنظيم “داعش” فقد المقومات التي تمكنه من إعادة السيطرة على بعض المناطق كما كان في عام 2014، إلا أنها تؤكد على النشاط الذي تقوم به خلايا التنظيم باستهداف قوات الأمن والمدنيين.
العميد يحيى رسول، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة (تتبع الدفاع العراقية) قال إن “تنظيم داعش فقد قدرته على السيطرة على المناطق”.
ومستدركا، بحسب الوكالة: “لكن خلاياه النائمة تختبئ في المناطق الصحراوية والسلاسل الجبلية، وتقوم عناصرها باستهداف قطعات قوات الأمن والمدنيين، وحاليا نكثف الجهود الاستخبارية والقيام بعمليات عسكرية”.
وأوضح رسول أن “العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الأمن أسفرت عن تدمير العديد من الأنفاق والمخابئ الخاصة بالتنظيم الإرهابي، وأحيانا يتم استهداف مواقع التنظيم من قبل طيران الجيش بالقصف المباشر أو بعمليات إنزال جوي”.
كما “ركزت القوات العراقية خلال عملياتها الأمنية، على مناطق غرب محافظة نينوى، المتمثلة بقضاء الحضر وقضاء البعاج، إضافة إلى صحراء محافظة الأنبار، وسلسلة جبال حمرين ومكحول، والشريط الحدودي العراقي السوري”.
“داعش” لا يخطط للسيطرة من جديد
خليل النعيمي، الضابط المتقاعد في الجيش العراقي برتبة عقيد، يرى أن استراتيجية “داعش” لا تهدف إلى السيطرة على مناطق محددة في العراق، لأن ذلك لم يعد يخدم التنظيم ومخططاته للمرحلة المقبلة.
وفي حديث للأناضول، قال النعيمي إن “داعش عندما تم تأسيسه في العراق، بدأ بخلايا نائمة شنت هجمات ضد أهداف عسكرية وأمنية ومدنية وأحدث رعبا لدى الجميع، وهو ما يسعى التنظيم حاليا لتنفيذه”.
وأوضح أنه “من خلال العمليات الإرهابية التي نفذت بعد إعلان العراق هزيمة داعش عام 2017، يبرز وجود نوع من التنسيق في الهجمات من قبل عناصر التنظيم، رغم أن الاعتقاد بأن مركزية داعش في تنفيذ العمليات الإرهابية قد انتهت باختفاء زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي”.
وتابع النعيمي أن “القضاء على خلايا التنظيم يتم عن طريق عمليات عسكرية منسقة، بالتنسيق مع التحالف الدولي الذي يمتلك الأنظمة المتطورة في مراقبة وتحديد المواقع التي يختبئ بها عناصر التنظيم، وفرض سيطرة محكمة على صحراء الأنبار التي تمثل أحد أبرز معاقل التنظيم وخطوط إمداداته”.
وعلى مدى الأشهر الماضية، شّنت قوات الأمن العراقية عمليات أمنية واسعة شملت مناطق في محافظات ديالى (شرق) وصلاح الدين وكركوك(شمال).
ورغم الإعلان الرسمي، نهاية ،2017 عن هزيمة “داعش” في العراق، إلا أن القادة العسكريين العراقيين يؤكدون أن التنظيم يمتلك خلايا نائمة تعمل بشكل فردي في المناطق المحررة.