تحذيرات إسرائيلية من نقل الهجمات على سوريا إلى العراق
الحياة العراقية
حذّر الجنرال احتياط ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، عاموس يدلين، المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل من أبعاد ومخاطر نقل “المعركة بين الحربين”، أي المعركة التي تديرها إسرائيل في سوريا، إلى لبنان والعراق.
وقال في بحث أشرف عليه وشاركه فيه اساف اوريون، وهو أيضاً جنرال احتياط وباحث في المعهد، إن إدارة المعركة في ساحات العراق ولبنان تكتنفها مخاطر عسكرية وصعوبات سياسية غير موجودة في سوريا، محذّراً من تصعيد الأمور والبقاء في مواجهة مستمرة مع مقاتلي إيران في سوريا ولبنان والعراق. ودعا إلى “التهدئة والعودة إلى المبادئ التي جرت دراستها في المعركة بين الحربين والسعي إلى دمج صحيح بين وتيرة العمليات وصورة منخفضة بشأن العملية والنشر عنها من خلال الاهتمام بالشركاء والظروف الاستراتيجية”.
جاء توجّه يدلين هذا في سبيل تحقيق أهداف عدّة للمعركة الأساسية: “إبعاد الحرب ومنع التصعيد وردع العدو عن مهاجمة إسرائيل وإبطاء زيادة قوته بغية إعاقة زيادة خطورة التهديد”. وأضاف أنّ “الظروف والساحات الجديدة في حاجة إلى توازن أكثر بين مخاطر المعركة وفرصها، ممّا كان في السنوات الأخيرة في سوريا”.
انحرافات إسرائيلية
تركزت خلال السنتين الماضيتين “المعركة بين الحربين” في الأراضي السورية، وشملت مئات الهجمات ضد أهداف إيرانية وأهداف لمبعوثيها، في محاولة لمنعهم من التمركز العسكري، وبالتالي زيادة التهديد على إسرائيل من هناك.
في أعقاب ذلك، طُرحت السنة الماضية إمكانية أن إيران ستنقل جزءًا من جهودها للتعاظم إلى العراق ولبنان، وحذّرت شخصيات إسرائيلية رفيعة من ذلك، ووعدت بشكل علني بالعمل على منع إيران من التموضع في سوريا.
وفي استعراض البحث للعمليات الإسرائيلية في سوريا، رأى معدّاه أنّ عدداً كبيراً من النشاطات التي نُفّذت تعكس انحرافاً لسلوك إسرائيل على مستويات عدّة، بينها:
ساحات العمل، إذ جرى توسيع حدود المعركة إلى العراق، رداً على جهود إيران توسيع ساحات عملها ضد إسرائيل إلى العراق، من دون أن تنجح بغداد والضغوط الأميركية في منع ذلك.
ويقول يدلين “العراق يُستخدم كحلقة في سلسلة لوجستية لنظام جهاز المبعوثين الإيرانيين وكقاعدة إطلاق محتملة لصواريخ دقيقة ضد إسرائيل. إن شمول ساحة العمليات في العراق في حدود المعركة بين الحربين، التي تركّزت في السنوات الأخيرة في الأساس على سوريا، هو تغيير مهم. حتى الآن، إن الاهتمام في إسرائيل بهذا التغيير قليل، ربما بسبب غياب تداعيات فورية وملموسة لهذا القرار. ولكن هذا لن يبقى محصناً”.
ويرى يدلين أن الأكثر أهمية هو العمل في لبنان، ويكتب في البحث حول عملية الضاحية الأخيرة، قائلاً “تمثّل نقل المعركة بين الحربين إلى لبنان في مهاجمة طائرات مسيّرة مفخخة في بيروت ضد مشروع زيادة دقة الصواريخ، على الرغم من أن إسرائيل امتنعت في البداية عن التطرق للعملية، إلاّ أنّ الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري اعتبرا الهجوم إعلان حرب. الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه، أضاف يدلين “أوضح أنه ينظر بخطورة زائدة إلى العملية، وأكد أنه من ناحيته جرى اختراق خطوط حمراء”.
وفي هذا الجانب، يشير يدلين إلى أنه منذ إعداد خطة المعركة بين حربين، ذكر بوضوح أن أحد مبادئها هو الامتناع عن التصعيد وإدارة العمليات تحت منسوب الحرب، وذلك عن طريق تقليص دوافع العدو باتخاذ قرار بالرد يؤدي إلى التصعيد وزيادة العمليات الهجومية، وهذا المبدأ لم يُنفذ، وأثار تواصل الأحداث في العراق ردوداً جماهيرية وسياسية، زادت التوتر بين حكومة العراق والقوات الأميركية التي تستضيفها.
وأوضح نصر الله أنه غير مسؤول عن الرد على الهجمات في العراق، لكنه يصمّم على أن يمنع بكل السبل تطوراً مشابهاً في لبنان، ويضيف البحث “حزب الله تعرّض إلى ضربتين في ليلة واحدة، مقتل عنصرَيْه في سوريا ومهاجمة معقله في بيروت. المعلومات الاستخبارية المفصلة والعملياتية التي كانت وراء القرار بزيادة الوتيرة، لم تُنشر. ومن دونها يمكن فقط التقدير بأن قرار تنفيذ جميع العمليات في الشهر الأخير يعكس تفضيلاً لضرب متراكم بوتيرة عالية. وإزاء مخاطرة أعلى بالتصعيد، يشكل هذا انحرافاً في تاريخ المعركة بين حربين حتى الآن”.
الوضع اليوم هو الأقرب إلى التصعيد منذ 2015
حيال ما استعرضه البحث من ممارسات إسرائيلية تجاه سوريا، العراق ولبنان بشكل خاص، حذّر معدّاه من تصعيد محتمل من طرف لبنان. ورأى يدلين أن الوضع الحالي هو الأقرب إلى التصعيد منذ عام 2015، شارحاً “في خطابه الأخير، حذر نصر الله من أنّه على ضوء مهاجمة الطائرات المسيّرة، ، لن تسلّم منظمته أكثر بوجود طائرات من دون طيار لإسرائيل في سماء لبنان وسيعمل على إسقاطها. وعلى شهدائه في سوريا، وعد بردّ مناسب”، إذ إن سكان إسرائيل “يجب ألا يكونوا بأمان في أي جزء منها”. ودعا جنود الجيش الإسرائيلي إلى أن يقفوا مستعدين للرد. وإزاء هذه الوضعية، يقدر جهاز الأمن بأنّ خطر الرد من لبنان قد تزايد.
وحسب توقعات الرد، كتب يدلين “في السابق، تضمنت ردود حزب الله إطلاق صواريخ، قنصاً، صواريخ مضادة للدبابات وهجمات بالعبوات من سوريا ولبنان. في حين هذه المرة، من المعقول أن يرد من لبنان وربّما أيضاً بهجوم بواسطة الطائرات المسيّرة، التي توجد تقارير أوّلية عن نشاط لها عند الحدود سبق وسُجّل في الأشهر الأخيرة. وتدل المعطيات إلى أنه بإمكان حزب الله العمل على إسقاط وسائل طيران إسرائيلية في لبنان، ومحاولة الاقتراب من عدد من الجنود، بما في ذلك إصابات قاتلة، تُضطر إسرائيل إلى الرد عليها.
توتر متزايد مع الولايات المتحدة
عمليات “المعركة بين حربين” تحدث محورين للتوتر: الأول، توتر محتمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في موضوع المشروع النووي الإيراني الذي يمكنه أن يرى في عمليات إسرائيل، خرقاً متعمّداً لجهوده بالدفع قدماً بالمفاوضات. والثاني: التوتر، إذ سبق واندلع حسب ما نُشر، بين إسرائيل والمؤسسة الأمنية الأميركية وبالأساس القيادة الوسطى الأميركية، على خلفية ما تعتبرانها مخاطرة من جانب إسرائيل، بالنسبة إلى نشاطها في العراق، على قواتهم في المنطقة وعلى علاقاتهم مع بغداد.
تزايد الضغط على “المعركة بين حربين”
يُلاحظ أنه يجري تراكم زيادة الدافع للرد من جانب محور المقاومة، ومخاطر التصعيد المتزايدة في لبنان، والتوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة، وعدم رضى روسي، وربما حتى تراكم تعزيز أنظمة الدفاع الجوي في المنطقة في المستقبل، وهذه التراكمات أصبحت تشكّل نظام ضغط بارز، يقلّل مجال العمل بالنسبة إلى إسرائيل في “المعركة بين حربين”، على الأقل في الفترة القريبة المقبلة.