تقارير

صحيفة امريكية تكشف سر نجاح “نووي كوريا”.. وفشل صدام حسين والقذافي في امتلاكه

الحياة العراقية

استطاعت كوريا الشمالية أن تمتلك سلاحًا نوويًا، رغم أنها ليست من الدول الاقتصادية الكبرى، فما السر الذي مكّنها من ذلك في حين أخفقت دول أخرى كالعراق وليبيا؟

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية حددت 3 عوامل رئيسية وراء نجاح كوريا الشمالية في تملك سلاحًا نوويًا .

وذكرت الصحيفة في التحليل ان هناك 3 عوامل محورية وراء ذلك النجاح، أولها أن كيم جونج أون وضع الأسلحة النووية على رأس أولوياته، فكان إخلاصه لهذا الهدف وتركيزه عليه سببا رئيسيا في وصوله إليه.

ووفقا للتقرير، فبعد نجاح والده، كيم جونج-إيل، أواخر 2011، جعل كيم جونج-أون الوصول للأسلحةً النووية المتطوِّرة ووسائل إطلاقها هدفه الرئيسي، فأعاد توجيه الموارد إلى برنامج الصواريخ، ودعا إلى العلم باعتباره رأس أولويات النظام، وربط صورته شيئًا فشيئًا بالعلم والعلماء.

وعلى العكس من ذلك، فإن الرئيسين العراقي صدام حسين والليبي معمر القذافي على سبيل المثال، لم يضعا مسألة تطوير أسلحة نووية كأولوية لهما، فقد غزا صدام الكويت في 1990، في وقتٍ كان قد حقق في البرنامج النووي العراقي تطورا ملحوظا، لكن غزو الكويت جذب إليه أنظار ومعارضة الولايات المتحدة، ولولا ذلك لكان من المُرجَّح للغاية أن يحصل العراق على أسلحةٍ نووية بحلول منتصف أو أواخر التسعينيات.

أما القذافي فطوال عقد التسعينيات، سعى للحصول على أسلحةٍ نووية، وفي الوقت نفسه تواصَل مع الولايات المتحدة، عارِضًا التخلِّي عنه مقابل تحسين العلاقات الثنائية، وفي نهاية المطاف، تخلَّى عن برنامجه كجزءٍ من اتفاقٍ مع الولايات المتحدة وبريطانيا أواخر 2003، بحسب التحليل المنشور في واشنطن بوست .

وكان قرار القذافي مشؤومًا، كما يشير إليه مسؤولو كوريا الشمالية مِرارا؛ لأن الولايات المتحدة والتحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلنطي (الناتو) دعما انتفاضة أطاحت به في عام 2011، وفقا لواشنطن بوست.

لكن كيم جونج-أون خرج عن نهج والده بخصوص البرنامج النووي، فقد وضع والده البرنامج النووي في حالة تجميدٍ في التسعينيات كجزءٍ من إطار عمل اتفق عليه بالتفاوض بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

المحور الثاني أن كيم جونغ وفر الحماية للعلماء، فقد اختلفت استراتيجية إدارته عن أبيه، فقد حكم الأب عن طريق المؤسسات، ولم يبدُ أنَّه يرفع العلماء فوق النخب الأخرى. أمَّا كيم جونغ-أون، فسلك نهجًا مختلفا عبر توفير الحماية للعلماء، وقدَّم لهم امتيازاتٍ حصرية، وضمن ذلك حصص غذائية أفضل وشقق جديدة.

وأفادت التقارير بأن كيم جونج-أون لم يقتل أحدًا من العلماء؛ بل طوَّر سُمعةً بأنَّه متسامح مع إخفاقاتهم، باعتبار ذلك جزءًا من عملية التعلُّم العلمي. ويبدو أنَّه تبنَّى نهج الجدارة في إشراك العلماء بالبرامج العسكرية وفي اختيار جيلٍ جديد من القادة العلميين.

وقد جعل صدّام أيضًا البرنامج النووي العراقي أكثر اعتمادًا على مبدأ الجدارة، وتصدَّى للجهود التي بذلها أعضاء حزب البعث للإطاحة بغير البعثيين من البرنامج. وتمتَّع العلماء النوويون العراقيون بمجموعة من المزايا، وحصلوا على موارد غير محدودة تقريبًا رغم القيود التي فُرِضَت على الاقتصاد العراقي.

لكن القذافي لم يوفر الحماية للعلماء النوويين بأي وسيلة: فرواتبهم كانت منخفضة، وكانوا مضطرين إلى الخدمة في القوات المسلحة كأي مواطنٍ آخر. وكان على البرنامج النووي الليبي التنافس مع المؤسسات الأخرى، لا سيَّما قطاع النفط، للحصول على أفضل العقول. ولأنَّ القذافي لم يرغب في الاستثمار بالتعليم العالي في العلوم والتكنولوجيا —الذي رأى فيه مصدرًا رئيسيًا لمعارضة النظام- كان المرشحون المناسبون لدخول البرنامج عددهم قليل.

يشير التحليل إلى أن السبب الثالث هو الاعتماد على الذات، ومع أن كوريا الشمالية حظيت بمساعدةٍ طوال سعيها لذلك، واستعانت بعلماء أجانب، واشترت وقايضت التكنولوجيا الأساسية اللازمة مع بلدان أخرى وشبكاتٍ تسعى للربح، لكنَّها استفادت من تلك المقايضات أكثر من العراق وليبيا.

ووفق التحليل قد يكون أحد الأسباب هو أن الصين حينما قلَّصت دعمها لكوريا الشمالية، طوَّرت بيونج يانج أساسًا محليًا للطاقة النووية وبرامج الأسلحة. ومنح ذلك علماءها خبراتٍ قيِّمة ومهَّد الطريق أمامها

سلك القذافي النهج المعاكس، فاستعان بمصادر خارجية للحصول على التكنولوجيا الأساسية بدلًا من تطوير تلك القدرات داخليًا. وشعر الليبيون بالخيانة من جانب مُورِّديهم في السوق النووية السوداء، لا سيَّما من عبد القدير خان، الذي باع لهم معداتٍ قديمة عانوا من أجل تشغيلها. لكنَّ مشكلتهم الأساسية كانت عدم كفاية مواردهم الداخلية.

وحين أمر صدام حسين علماءه بالبدء في برنامج الأسلحة النووية بعد هجومٍ إسرائيلي على مفاعلٍ نووي في عام 1981، وجههم إلى تبنّي التكنولوجيا التي يمكنهم إتقانها وتجنُّب السعي للحصول على مساعدةٍ خارجية، التي كان من شأنها إثارة انتباه العالم الخارجي. وقد تبنَّى العلماء تكنولوجيا قديمة لم تكن فعَّالة بطرقٍ شتى، لكن كان بإمكان العلماء العراقيين إتقانها والتحكم فيها بأنفسهم. وبعد عدة سنوات من التجربة والخطأ، بدأ العراقيون في إحراز تقدُّم، لكن غزو الكويت بدد الجهود قبل اكتمالها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى