قاض : للعنف الأسري اثار سلبية على الأسرة واغلب المتضررين منه هي المرأة الأطفال
قاض : للعنف الأسري اثار سلبية على الأسرة واغلب المتضررين منه هي المرأة الأطفال
القضاء يسجل اكثر من 21 الف حالة تعنيف لنساء واطفال وكبار السن خلال العام الماضي
بغداد/ مروان الفتلاوي – إيناس جبار
عادت صفا إلى زوجها مُكرهةً تصحب طفلها ذا السبعة أعوام الذي درس في مدرستين خلال عام دراسيّ واحد يعد جولةمرثونية في المحاكم لينتهي بها المطاف في بيت زوجها.
بدأت قصة تعنيف صفا والتي نشرت عندما جادلت زوجها الذي يُهاتف نساء أمامها غير مكترث بمشاعرها، لكن في المرةالأخيرة تسبب زوجها بكسر في ذراعها، فلم يتردد والدها بالشكوى ضده في المحكمة حاملا التقرير الطبي الذي يدينالزوج.. لكن ماذا واجهت صفا وعائلتها؟
وعادة ما يلجأ محتالون للمحاكم بشكوى “كيدية” ضد أيٍّ كان، وتحت أيّ اتهام، إذا ما وجدوا شاهدَي زور اثنين يؤديانقسَماً كاذباً أمام القاضي على جريمة لم تحدث، وحتى تتوصل المحكمة إلى الحقيقة سيواجه المشكو منه متاعب كبيرةكإلقاء القبض والتوقيف في مخفر الشرطة وتشويه السمعة.
وهذا ما فعله عامر مع والد زوجته المعنفة (صفا) ليقابل شكواهم بشكوى أخرى “كاذبة” ويساومهم على التنازل عنشكواهم، مقابل التنازل عن شكواه.
يقول والد الضحية “لصحيفة (القضاء ) إن “سيارة شرطة اقتادتني إلى المخفر من دون أن أعرف السبب، ولأن اليوم كانقد صادف الخميس –وهي ليست مصادفة، بل توقيت متعمّد– فلن أواجه القاضي حتى يوم الأحد، ثم أخلي سبيليبكفالة بعد ثلاث ليالٍ في التوقيف”.
التهمة التي وجهت لوالد صفا، كانت أشد خطرا من التعنيف. اتهمه شقيق صهره بأخذ رشى من عاطلين بغية تعيينهم،وكل هذا لم يحدث، إلا أن ما حدث بعد ضغوط عائلية ونتيجة طبيعته المسالمة أنه أجبر على التنازل عن شكوى تعنيفابنته.
محاكم خاصة
في كانون الثاني 2021 شكل القضاء في كل محافظة محكمة خاصة بجرائم العنف الأسري بغية تحديد هذه الجرائموالحد منها بعقوبات رادعة، لكن أرقام الضحايا لم تزل ترتفع عن السابق.
وطبقا لإحصائية أوردتها دائرة العلاقات العامة في مجلس القضاء الأعلى فأن “المحاكم سجلت خلال عام 2022 مامجمله (21595) دعوى تعنيف ضد الأطفال والنساء وكبار السن، وسجلت دعاوى عنف الأطفال فيها (963) دعوى عنفأسري، بينما كان عدد دعاوى العنف التي تخص النساء (17438) دعوى جاءت الرصافة بمقدمتها مسجلة (3169)دعوى عنف ضد النساء ومن ثم تلتها رئاسة استئناف كربلاء بـ(1726) دعوى ورئاسة استئناف بغداد الكرخ بـ(1558)دعوى عنف ضد المرأة”.
ارتفاع حالات التعنيف
إلى ذلك، يقول القاضي مصطفى عبد القادر فالح قاضي محكمة الأحوال الشخصية في تكريت من خلال دراسة أعدها عنارتفاع معدلات العنف الأسري وخص بها “القضاء” إن “العنف الأسري صورة من صور الاستعمال والاستخدام غيرشرعي للقوة فقد يصدر من جانب فرد أو عدة أفراد من أفراد الأسرة ضد عضو آخر أو عدة أفراد بقصد إلحاق الضرر بهم أوالسيطرة عليهم وهناك من عرفه بأنه نمط من أنماط السلوك يحدث بسبب الإحباط واليأس بسبب الخلافات والاضطراباتالنفسية اللاشعورية التي يتعرض لها الفرد .
ويواصل أن “للعنف الأسري أشكالا عدة، ولعل أبرزها العنف اللفظي الذي يأتي بصورة كلام يجرمه القانون يصدر مناحد أفراد الأسرة بحق الآخر ويتخذ صورا مختلفة فقد يكون بصيغة السب والشتم أو بصورة كلام غير لائق او بصورةتهديد وقد يكون بصورة التشهير بحق الشخص الآخر، او العنف الجسدي ويكون بصدور فعل اعتداء من احد أفراد الأسرةبحق الشخص الآخر وقد يكون الاعتداء بسيطا لم يترك أي أثر بحق الشخص المعتدي عليه او اعتداء ذا اثر بجسم المجنيعليه وفي بعض الأحيان قد يصل الاعتداء إلى قتل النفس”.
ويعرج القاضي على أسباب حصول ارتفاع معدلات العنف الأسري والتي حصلت فيها زيادة في المعدلات خلال الأعوامالسابقة، ويقول إن “منها الأسباب الثقافية فهناك العديد من الأسباب والعوامل الثقافية التي تقف وراء العنف الأسريوزيادته وأهمها الجهل وعدم العلم بالحقوق والواجبات من جانب الشخص المعنف او من جانب الشخص الفاعل وكذلكتدني المستوى الثقافي لدى بعض الأشخاص وكذلك تباين المستوى الثقافي بين الشريكين والتنشئة غير السليمة حيثأن بعض الأشخاص نشأ في أسرة يرى فيها أن العنف الأسري أمر طبيعي لا ضرر فيه”.
البيئة والمشكلات المختلفة
ويتحدث القاضي فالح عن أسباب اجتماعية تتلخص بـ”البيئة والمشكلات والمختلفة التي يتعرض لها الفرد كالازدحامالسكاني وتدني مستوى الخدمات ومشكلة المأوى وارتفاع الكثافة السكانية وما يترتب عليها من إحباط للشخص حيث لاتمكنه من تحقيق ذاته وتحقيق النجاح المنشود كإتاحة فرص عمل ووظائف فكل هذا يحثه على استخدام العنف، أيضا(العادات والتقاليد) حيث تختلف عادات وتقاليد كل عائلة عن الأخرى وكل فرد عن آخر وان بعض تلك العادات والتقاليدتحمل أفكار وعادات جاهلية لا تنسجم مع المجتمع وهي التي تميز بين الجنسين”.
ويشير القاضي إلى أن “آثار العنف الأسري لا ريب فيها أضرار على الأسرة ولكون اغلب المتضررين هي المرأة وكذلكالأطفال فانه يؤدي إلى أضرار نفسية للأطفال بالإضافة إلى أضرار جسدية والتي تسهم في الجنوح والانحرافمستقبلا”.
من جانبها، تقول الخبيرة في شؤون الأسرة السيدة رفاه حسين إن “الوضع الراهن والظروف التي يمر بها المجتمعبصورة عامة تزيد من الإحباط والاكتئاب والحالات العصبية لدى الكثير من الأشخاص وخصوصا الرجال العاطلين عنالعمل وذوي الدخل المحدود، ما يسبب ردود أفعال عنيفة منهم تجاه النساء”، لافتة إلى “تأثير الزواج المبكر والزواج ضمنمواصفات معينة بعيدة عن التوافق والانسجام وبالتالي هذا الأمور تولد المشاكل والمشاجرات”.
وتضيف “نشاهد ونسمع ونقرأ كم “بنت” في العراق تُذبح على يد الأب، الزوج، الأخ، على يد أُناس يجب أن يكونوامصدر أمانها و حمايتها”، مشيرة إلى أن “الكثير من الضحايا التي تتعرض للقتل والتي تقوم بالانتحار من آثارالتحرش الجنسي والتعنيف ليتم تقييد وفاتها “سكتة قلبية” أو “قضية شرف”.
وتؤكد إن “قانون العقوبات عالج العديد من حالات العنف ضد المرأة لكننا نحتاج إلى تفعيل قانون مناهضة العنفالأسري لما فيه من حماية لحقوق المرأة والطفل”، لافتة إلى الحاجة لـ”قانون حماية المرأة والطفل وحماية حقوقهم ودورإيواء جديدة لكي تشعر المرأة أن لديها مكانا تستطيع الخروج والتخلص من التعنيف الذي تتعرض له”.