المواطنة .. الهوية الحقيقة الإنسانية لكريمي النسب في القانون العراقي
الحياة الاخبارية
غسان مرزه
لم تكن حالة اللقيط أو مجهول النسب بعيدة عن المشرع العراقي كونها حالة اجتماعية مفروضة ضمن ظروف خاصة غابت عنها روح الإنسانية المجبولة على الرحمة والشفقة وإذا كان الفاعل مجهولاً فأن نتائج فعله جمعت ثنائية الضحية والأثر فكان لزاما على المجتمع إن يكون بمستوى التحدي واثبات إنسانيته عبر منح مجهول النسب هويته الحقيقية الإنسانية وهي المواطنة وفق للمساحة الجغرافية التي وجد فيها وهو مبدأ عالمي لم يكن العراق بعيد عنه .
ويعزو القاضي عقيل عبد الزهرة نجم نائب رئيس محكمة استئناف بغداد – الكرخ أن اللقيط هو الوليد الذي يوجد ملقى على الطريق ولا يعرف أبواه أما مجهول النسب فهو مصطلح يطلق على كل من لا يعرف أحد الأبوين أو كلاهما ، وقد تم اعتماد مجهول النسب ليكون مفهوماً عاما ومصطلح قانوني وقد دخلت حالة اللقيط في أحكام مجهول النسب فلم يرد في قانون الأحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 أو قانون رعاية الأحداث مصطلح مفـــردة ( لقيط ) في حين ورد في قوانين الأحوال المدنية السابقة نص على ذلك وأضيف لها كلمـــــة ( اليتيم ) في بعض الحالات ويعتبر اللقيط أو مجهول النسب مسلماً عراقياً إذا لم يثبت خلاف ذلك .
وتابع نجم أن آليات تسجيل مجهول النسب في سجلات الأحوال المدنية أو ضمن البطاقة الوطنية تنظمها المادة (20 ) من القانون ، على أن تقوم محكمة الأحداث وفقاً لقانون تسجيل الولادات والوفيات وبصورة سرية بإرسال نسخة من القرار الخاص باختيار أسم اللقيط حيث تعطيه المحكمة أسماً وتمنحه لقباً عائلياً وتثبت تاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته كما يتوجب إن يتضمن القرار تاريخ العثور على اللقيط وأن يصدر القرار استنادا إلى طلب دار الدولة التي تأوي الصغير ، حيث يصدر قرار تربيب بالطفل الذي لا تعرف المعلومات الكافية عن صحيفة أبوية وأسمهم ثم يرسل قرار المحكمة إلى وزارة الصحة لإصدار شهادة الولادة.
وأفاد نجم المختص أن محكمة الأحداث تصدر قرار بإلحاق أو ضم اللقيط بأحد الأسر ويتوجب على المحكمة إرسال نسخة من القرار إلى مديرية الجنسية والأحوال المدنية العامة لقيده في سجلاتها وكذلك يتم إصدار أقرار للنسب طبقاً لقانون رعاية الأحداث وهنا يتحرى هل سبق وأن سجل في السجل المدني استنادا إلى شهادة ولادة صادره بالاستناد إلى ( قرار التسمية ) ثم يقع الإقرار بنسبه ،وأن يصدر باللقيط أو مجهول النسب حجة أو أقرار ولادة أو قرار( تربيب ) أو بالضم طبقاً لنص المادة (32) من قانون الأحوال المدنية.
ولفت القاضي إذا كان مجهول النسب قد بلغ الخامسة عشر من عمره فبإمكانه تقديم طلب إلى المحكمة المختصة لإصدار حجة ولادة إما أذا أكمل السابعة ولم يبلغ الخامسة عشر من عمره فأن الطلب يقدم من وصي مؤقت تنصبه المحكمة، وعلى المحكمة التحري عن مجهولية النسب بالطرق والآليات التي تراها مناسبة وبطرق الإثبات كافة فاذا ثبت مجهولية النسب أحالته إلى الطبابة العدلية لتقدير عمره ثم تصدر حجة أو قرار ولادته الذي يتوجب أن يكون متضمناً اسم اللقيط والأسماء المختارة لوالديه وجديه ومحل ولادته وعمره ودينه.
وأتم القاضي حديثه قائلاً أن محكمة الأحداث تختص اختصاصا حصرياً في إصدار قرار تسمية مجهول النسب وكذلك إصدار قرار الضم أو الالتحاق بأسرة ) طبقاً لنص المـــــادة (39 ) من قانون رعايـــــة الأحــداث ( وللزوجين أن يتقدما بطلب مشترك إلى محكمة الأحداث لضم صغير يتيم الأبوين أو مجهول النسب إليهما ) وبنص المادة (42 ) منه أذا وجدت محكمة الأحداث بعد انقضاء فترة التجربة أن مصلحة الصغير متحققة وبرغبة الزوجين الأكيدة في ضمه إليهما تصدر قرارها بالضم ، وكذلك قرار( التربيب ) وبنص المادة ( 44 ) منه ( محكمة الأحداث هي التي يتم الإقرار بنسب مجهول النسب أمامها وفق قانون الأحوال الشخصية ) ، أما محاكم الأحوال الشخصية فتختص حصراً بإصدار حجة الولادة أو قرار الولادة للقيط أو مجهول النسب أذا كان الوليد مسلماً وتختص محكمة المواد الشخصية بذلك في حال كان الوليد مسيحياً أو يهودياً أو صابئياً أو يزيدياً وينعقد الاختصاص المكاني لمحكمة محل أقامة ولي المولود في إصدار حجة آو قرار الولادة.
من جانبه ذكر القاضي محمد رجب القاضي الأول لمحكمة الأحوال الشخصية في الدوره اللقيط أو مجهول النسب في القانون العراقي هو الإنسان الـــــــذي ولـــد بلا أب أو أم ، وكلمة ( اللقيط ) أخذت من الشريعة الإسلامية من ( التقاط الشي ) واستندوا في ذلك إلى الآية القرآنية الكريمة ( فالتقطه إل فرعون ) للدلالة على النبي موسى عليه السلام حيث لا تقلل هذه الكلمة من شأن الشخص الملتقط ، ولكن القانون العراقي باعتباره قانون رصين وعريق شذب هذه الكلمة ونظر إلى الجانب الاجتماعي وأطلق عليه في البداية تسمية ( مجهول النسب ) وحسب قانون الأحداث تم تعديله وأطلق عليه ( كريم النسب ) ليعطي لهذا الشخص كرامته ولزيادة قيمته في المجتمع ، وقد فرض جمهور الفقهاء ( فرضا كفائياً ) على المسلمين الذين يشاهدون اللقيط بالتقاطه فإذا التقطه أحدهم يجزي عن البقية ، إلا أذا كان يخشى على هلاكه ففرض على كل مسلم التقاطه .
وبين رجب المختص أن اللقيط المولود في دار الإسلام هو حر مسلم ( ليس عبداً لشخص ) والأنفاق عليه يكون فرضاً على من التقطه إذا كان متبرعاً ولديه ألقدره على ذلك أما إذا لم يكن له ألقدره على الأنفاق فيتولى بيت مال المسلمين الأنفاق عليه.
وأضاف رجب تطرق قانون الأحوال الشخصية وقانون الأحداث وقانون البطاقة الوطنية الموحدة لعام 2016 لحالة اللقيط ففي حالة وجود أقرار من شخص ولو في حالة مرض على أن فلان ولده بشرط أن لا يكون عقيماً وتوفرت الشروط كوجود أمرآة وكان هناك أثبات لفترة الحمل فيعتمد هذا الإقرار ولا يجوز لمجهول النسب أن يمتنع عن ذلك ، وفي بعض الحالات فان مجهول النسب يدعي إن هذا أبي أو هذه أمي فهنا يلجا القاضي إلى البحث والتحقيق عن طريق الفحص الطبي لإثبات الحالة ويعتمد ذلك على موافقة وإقرار الطرفين.
وتابع القاضي أن مجهول النسب أذا لم يكن مودعاً لدى أحدى دور التأهيل فيوعز قاضي محكمة الأحداث بإيداعه في أحدى تلك الدور ومن حق من التقطه تقديم طلب بالضم ( التبني ) لهذا الطفل إلى القاضي المختص أو أن تتلقى المحكمة طلبات من أشخاص آخرين لغرض الظم وتوضع في تسلسلها الزمني وعندما يتوفر طفل مجهول النسب يعرض على مقدمي الطلب وفي حال توفر الشروط فيهم كان يكون طالب الضم عراقياً بغض النظر إن كان لديه أولاد من عدمه وهنا يقرر القاضي الموافقة على طلب الضم .
وخلص القاضي أن هناك فرق ما بين طلبي الضم والتربية ففي حاله طلب التربية الطفل لا ينسب باسم مقدم الطلب ، أما حاله طلب الظم فالطفل ينسب باسمه ( يتبنى ) وهنا القانون لا يشترط اتحاد الجنسية والدين ( إن يكون عراقياً مسلماً ) ولكن الواقع العملي يفرض إن يكون عراقياً مسلماً فالإسلام هو الدين الأعم ولأشمل للدولة والأولى بالرعاية من بقية الأديان إلا إذا أعلن مقدمي الطلب أسلامهم ففي هذه الحالة تتم الموافقة على طلبهم .