المسؤولية القانونية عن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
الحياة الاخبارية :
غسان مرزه
يتفق معظم الأخصائيون على أن ثقافة المجتمع تنعكس بصورة آلية على سلوكيات الأفراد ، فقد أتاحت منصات التواصل الاجتماعي للأفراد إمكانية مشاركة آرائهم ووجهات نظرهم بشكل سهل وسريع، وقد أسهمت سهولة إعداد المحتوى عبر الإنترنت، وإخفاء هوية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في زيادة محتوى خطاب الكراهية والتهجم،
في الواقع يوجد تعريف موحّد لخطاب الكراهية في القانوني الدولي، بأنه “جميــــع أشكال التعبير الشفهي أو المكتوب التي تنشر أو تحرض أو تروج أو تبرر الكراهية
من ناحية أخرى، عرَّفت الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه: “أي نوع من التواصل من خلال الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تمييزية بالإشـــارة إلى شخص أو مجموعة
في واقع الأمر، يحمل خطاب الكراهية أبعادًا مختلفة لأناس مختلفين في ثقـــــــافـات مختلفة. ومع ذلك، هناك إجماع على أنه مؤذٍ وســــام، وأن حــــرية التعبير لا تمنح الحق في الإساءة للآخرين.
يقول القاضي جاسم محمد كاظم قاضي تحقيق محكمة بغداد الجديدة أصبح الانترنت الدعامة الأساسية في عصر المعلومات والوسيلة الأكثر انتشارا في نقلها و تبادل البيانات بل حتى في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوكيات والثقافات إلا إن الوجه السلبي لحرية تبادل المعلومات والرأي هي الجريمة الالكترونية مثل جرائم القذف والسب والتشهير على شبكه الانترنت التي قد تتحول إلى جريمة بدلا من نقد أو حرية رأي و حوار هادف إذا ما أسيء استعمالها.
وأوضح كاظم لوحظ في الفترة الماضية لاسيما في ظل التطور الالكتروني وازدياد استعمال برامج التواصل الاجتماعي ارتكاب جرائم الكترونية متعددة منها التشهير ولذلك قامت السلطة التشريعية بعدة محاولات لتشريع قانون مستقل يعاقب على هذه الجريمة ومنذ عده سنوات مضت إلا إن هذه المحاولات لم تفلح في ذلك لعده أسباب منها الغموض الذي يلاحظ على بعض النصوص وكذلك تقاطع هذه النصوص مع باب الحريات في الدستور لذلك لم يصدر إي قانون يعالج هذا النوع من الجرائم.
وبين كاظم أنه لا فرق بين الجرائم التي تقع على ألدوله وأشخاصها المعنويين مثل الوزارات والمؤسسات الأخرى و بين الجرائم التي تقع على المواطنين إلا إن الجريمة المتعلقة بالدولة عادة تتعلق بالحق العام وضررها يكون أوسع فلا يجوز للموظف الذي يعمل في مؤسسات ألدوله إن يقوم بأي نشر يسيء إلى المؤسسة التي يعمل فيها لا سيما إذا كانت مبنية على الكيد والمنافسة غير المشروعة.
وتابع كاظم أن مسؤولية الموظف يجب أن تكون أكثر حرصاً على عدم الأساءه إلى مكان عمله وحفظ إسراره وعدم ارتكاب ما يخالف واجبات وظيفته حتى في حال وطلب منه رئيسه مخالفه القانون يقوم بدوره برفض ذلك و يبين لرئيسه كتابة وجه المخالفة ولا ينفذها إلا إذا أكدها رئيسه كتابة عندئذ يكون رئيسه هو المسئول عنها وفق ما بينته المادة 4 من قانون انضباط موظفي ألدوله والقطاع العام رقم 14 لسنه 1991 فالواجب على الموظف ألمحافظه على شرف الوظيفة وحرمتها وعدم الأساءه إليها سواء بالنشر أو غير ذلك.
وأشار كاظم أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل حدد عقوبة جريمة القذف والتشهير في المواد من 433 إلى 436 منه وتراوحت العقوبة بين الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فإذا ما ارتكبت هذه الجريمة سواء من الموظف أو غيره فلا فرق بينهما فيتوجب محاسبته وفق القانون.
وأضاف كاظم أن هناك مسؤولية تقع على الموظف في حال لأساءه بالنشر للمؤسسة التي ينتمي إليها بان يتم محاسبته وفق قانون انضباط موظفي الدوله انف الذكر وفرض إحدى العقوبات الانضباطية مثل الإنذار أو لفت النظر أو قطع الراتب.
وخلص كاظم حرص مجلس القضاء الأعلى على إصدار أكثر من تعميم يؤكد خطورة إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي و ضرورة الابتعاد عنها بالقدر الذي يمنع إي انتهاك لحرمه الوظيفة أو يمس قدسيه القضاء فيحظر على القاضي أو عضو الادعاء العام الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفة التنفيذية والتشريعية أو إي وظيفة أخرى وكذلك عدم الانتماء إلى إي حزب أو إي عمل أو نشاط سياسي وفق ما نصت عليه المادة 98 من الدستور العراقي وكذلك يجب ألمحافظه على كرامه القضاء والابتعاد عن كل سلوك يبعث الريبة في استقامة القاضي استنادا إلى نص المادة 7 من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنه 1979 والغاية من ذلك ألمحافظه على ضمان استقلال القضاء ونزاهته وتفرغ القاضي إلى مهام عمله و حياده وان المشارك في النقاشات والانتقادات يتعارض مع استقلال القاضي وتم التأكيد لعده مرات على ذلك وأخيرا نشير إلى ان الجريمة الالكترونية تأخذ عده صور وأنواع منها جرائم المخدرات والترويج لها والجرائم الإرهابية و جرائم الاتجار بالبشر والاحتيال و سرقه الحسابات المصرفية وكذلك تزوير البيانات.
ومن جانبه أوضح القاضي مصطفى عبد القادر فالح النجدي قاضي أول محكمة تحقيق تكريت أن هناك بعض الاعتقادات السائدة لدى بعض الموظفين المسيئين بالنشر في مواقع التواصل الاجتماعي مثل حرية الرأي وتعزيز الشفافية حيث يقومون بالإساءة بالنشر ضد دوائرهم التي يعملون فيها ،وأن هذه الاعتقادات لا تعطيهم المبرر القانوني بالإساءة من حيث أن قانون العقوبات العراقي رتب عقوبات جزائية على كل موظف أو مكلف بخدمة عامة أفشى امرأ وصل إلى علمه بمقتضى وظيفته لأي شخص أخر او مجموعة أشخاص يعلم بوجوب عدم إخبارهم به ,قد عاقب على ذلك بالحبس لمدة لأتزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين .
ولفت النجدي أن اعتقادات حرية الرأي وتعزيز الشفافية وغيرها من العبارات ألمرادفه لها لا تبيح بأي حال من الأحوال للموظف أو المكلف بخدمة عامة إن ينشر أي معلومات وصلت له من خلال وظيفته العامة وهذه الاعتقادات غير الصحيحة توجب عقاب من قام بمثل هذه الأفعال الجرمية.
وأضاف النجدي أن قانون العقوبات العراقي قد شدد العقوبة إلى السجن إذا كان من شأن هذا الإفشاء للإسرار إن يضر بمصلحة الدولة وكذلك عاقب بالعقوبات ذاتها كل من ارتبط مع الحكومة بعقد مقاولة أو عمل أيضا وكيله أو إي عامل لدية أفشى أمراً علمه بمقتضى عقد المقاولة أو العمل كان يتحتم عليه كتمانه وان العقوبات المذكورة أعلاه نصت عليها المادة ۳۲۷ من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل وكذلك فأن المادة ۳۲۸ من قانون العقوبات نصت على السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس على كل موظف أو مستخدم أو مكلف بخدمة عامة اتلف أو أخفى رسالة أو برقية أو أفشى سرا تضمنته الرسالة أو البرقية كذلك عاقب بالعقوبة ذاتها كل من أفشى من الموظفين مكالمة تلفونية أو سهل لغير ذلك.
وتابع النجدي آن الکشف من قبل الموظف عن حالات الفساد الإداري وإساءة استخدام المال العام الذي يحدث في دائرته لا يمكن أن يتم من خلال اطلاع كافة الناس عليه من تلقاء نفسه ولا تعد بمثابة ممارسة صفه رقابية ذاتية ، وأن ذلك يشكل جريمة وفقاً لما تم ذكر في الفقرة رقم (1) من القانون ، حيث أن القانون رسم الطريق القانوني الأسلم للتبليغ عن حالات الفساد الإداري وكل ما يشكل جريمة شاهدها الموظف أو سمع بها إما النشر واطلاع كافة الناس دون إجراء تحقيق بالموضوع وإتباع الطرق القانونية الصحيحة فأن ذلك يشكل جريمة توجه عقاب مرتكبها.
وأتم القاضي حديثة قائلاً أن الوسائل القانونية التي يمكن للموظف أو المكلف بالخدمة عامة إتباعها عند حصول علمه بحالات فساد إداري أو مالي في دائرته إن يقوم بأخبار مرجعه بذلك لغرض اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وتدوين أقوال الموظف الذي وصل علمه بالفساد الإداري والمالي بصفة شاهد وفي حال عدم اتخاذ دائرته للإجراءات القانونية الصحيحة فأن القانون يوجب في تلك الحالة على الموظف إن يقوم بأخبار سلطات التحقيق على الجريمة لكي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية والأصولية وفق القانون.
وعرج النجدي أنه في حالة قيام أشخاص مجهولين بإنشاء صفحة وهمية باسم موظفين أو جهة معينة ويتم فيها الإساءة للدائرة التي يعمل فيها الموظف فأن أول ما يجب على الموظف أو الجهة فعله هو التبليغ عن ذلك الحدث للدائرة المعنية التي تم الإساءة لها والقيام بمراجعة محكمة التحقيق المختصة للتبليغ عن ذلك الفعل وتقوم محكمة التحقيق المختصة باتخاذ عدة إجراءات تحقيقيه منها على سبيل المثال للحصر هو ربط عائديه رقم الموبايل للصفحة التي قامت بالإساءة وفي حال عدم ظهور رقم الموبايل مفاتحة الجهات الأمنية المختصة للتوصل إلى صاحب الصفحة الحقيقي من خلال الجهد الفني المتميز الذي تتمتع به الجهات الأمنية في الوقت الحاضر وبالتالي وبعد التوصل لصاحب الصفحة الحقيقي فيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفقا للقانون ويتم نفي التهمة عن الموظف.
وخلص النجدي أنه يمكن للإعلام والسلطة الرابعة أن يكون له دور في متابعة حالات الفساد بشكل قانوني سليم دون التعرض للملاحقة القانونية وذلك من خلال عدم نشر إخبار غير صحيحة أو مبالغ فيها والبحث عن الحقيقة من خلال الجهات التحقيقية وعدم نشر الأخبار الا من مصادرها الموثوق بها وبعد اكتمال التحقيقات وفق القانون حيث إن الإساءة في النشر واتهام الأشخاص دون ثبوت الأدلة بمحاكمات قانونية يعرض الإعلام للمسائلة القانونية حيث أن المبدأ القانوني هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وبالتالي فأن النشر بدون أدلة قانونية وبدون محاكمات عادلة وغير قانونية يعرض مرتكبها إلى الملاحقات القانونية.