دجلة “يحتضر”… ووزير تكنوقراط
حسن حامد سرداح
قد تكون بعض المفاجأت ضمن “كوميديا” السياسة و”مهازلها” صادمة لكننا كعراقيين لم نعد نبالي بما يحصل هنا او هناك، بسبب الصدمات التي نتلقاها يوميا سواء على الصعيد السياسي او الامني او (الخدمي) الذي اصبحت “معجزة” لا يمكن تحقيقها على الرغم من حجم الاموال التي صرفت والموازنات التي اهدرت في جيوب الفاسدين طوال الخمسة عشر عاما الماضية.
كنت اعتزم الحديث عن الحوارات بين القوى السياسية وآخر نتائج المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة المقبلة ومايدور في فلكها، وكعادتي في التجوال بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي استوقفتني صفحة وزير الموارد المائية “التكنوقراط” حسن الجنابي وهو يرد على مواطن طالبا نصيحته بعد ساعات على انتشار خبر قيام “الجارة” تركيا بقطع مياه نهر دجلة استعدادا لعمليات التخزين في سد اليسو، ليبلغنا سيادة الوزير بان “شراء خزانات الماء افضل وسيلة لمواجهة خطر الجفاف المقبل”، بصراحة لم استغرب كثيرا من الإجابة التي طرحها السيد الجنابي بقدر “الدهشة” التي اصابت رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين حولوا “الرد التاريخي” الى نكتة يتداولونها مع تعليقات “ساخرة” استذكرت خلالها قصة “المكواة والقميص الأسود.
المشكلة ياسادة ليس في تعدي تركيا او ايران على سيادة العراق ابدا، فكلا البلدين لديهما مصالح اقتصادية وسياسية تسعى من خلالها لتوفير “حياة مرفهة” لمواطنيها سواء على حساب العراق او غيره من الدول، لكن انقرة وطهران وجدتا بضعف الحكومات المتعاقبة وافتقار الدولة لسيادة تحفظ حقوقها وتمنع الاخرين من تجازوها فرصة لا تعوض لتطبيق جميع المخططات سواء بناء السدود او تصدير السلع والنزاعات المسلحة، فنحن واقصد ساساتنا “المبجلون” ليس لديهم غير “شماعة” التأمر الخارجي واستهداف الامن القومي في حين يتسارعون في كل مناسبة الى تهنئة السلطان التركي والحصول على مباركة الجارة طهران مع اقتراب المواسم الانتخابية، فيما يفكر “المواطن الفقير” كيف سيتحول نهر دجلة الذي شكل مع شقيقه الفرات هوية لبلاد الرافدين منذ وجود الخليقة الى مستنقع تتجمع فيه بقايا خيرات الساسة.
نعم سنصمت هذه المرة كما تجاهلنا دخول القوات التركية، واكتفينا بخطب رنانة وأخبارا عاجلة نقلتها فضائياتنا وبيانات استنكار رددتها حناجر السادة النواب وقادة الكتل السياسية، لكنها لم تحرك ساكنا واليوم تلك القوات توغلت لسبعة وعشرين كيلومتر داخل اراضينا ونحن مازلنا نعقد جلسات استثنائية لإنقاذ الخاسرين وتعويضهم بمقاعد برلمانية على الرغم من “هزيمتهم” بعملية ديمقراطية عبرت عن إرادة الملايين من “عُبَّاد الله”، ماذا تريدون من اردوغان ولدينا ساسة بحجم اياد علاوي يتوعد المواطنين بانه “سيدمرهم” ونائبة بوزن عتاب الدوري وهي تهدد باقتحام المنطقة الخضراء في حال عدم إنصافهم وإعادة الأصوات التي حصلت عليها من “صناديق الاقتراع”، كيف نريد اجبار تركيا على ايقاف العمل في سد اليسو وتراجع ايران عن قطع روافد نهر دجلة، ونحن مازلنا نحلم بمعجزة تعيد حنان الفتلاوي الى قبة البرلمان وعلى يمينها السيد مشعان الجبوري الذي يمتهن سياسة “اللعب على الحبال” باحترافية عالية.
الخلاصة ياسادة… ان الانتماء الوطني والحفاظ على الامن القومي يحتاجان لمراجعة العديد من الحسابات اولها الوقوف بوجه الداعين لعودة مسعود البارزاني ومنحه منصب رئيس الجمهورية بدلا من محاسبته على “جريمته” التي ارتكبها بالتخطيط لتقسيم البلاد، والتفكير جيدا قبل الاستفادة من خبرة “التكنوقراط” الذين اضاعوا المياه وافتتحوا مطارات للسومريين… اخيراً، السؤال الذي لابد منه،، كيف سنواجه الجفاف وحرب المياه القادمة؟..