برامج اجتماعية في قنوات دينية تستقطب الشباب العراقي
الحياة الإخبارية
يبدو ان الفضائيات الدينية في العراق تحاول تغيير نهجها والاقتراب من مشكلات المشاهد الحقيقية من خلال بث برامج اجتماعية لم يعتدها المتلقي منها.
بعادتها لا تتابع رنا عبد الكريم (25 سنة) قناة الفرات الفضائية لكنها باتت تخصص من وقتها خمس دقائق فقط كل مساء لمتابعة برنامج تليفزيوني تعرضه هذه القناة برفقة أفراد أسرتها.
حتى وقت قريب كانت رنا ترى أن ما تقدمه قناة الفرات لا ينسجم مع أفكارها وما ترغب في مشاهدته من برامج فالقناة معروفة بتوجه سياسي – ديني باعتبار أنها تتبع للمجلس الأعلى الإسلامي الكتلة السياسية الشيعية البارزة في مجلس النواب العراقي بينما تصنف رنا نفسها على أنها غير ملتزمة دينيا ولا تحبذ متابعة قناة لها توجه سياسي معين لأنها بالأساس غير مهتمة بالشأن السياسي ولا بأي من الأحزاب والكتل.
“أعجبتني إحدى حلقات البرنامج عن طريق الصدفة بعد أن شاهدت مقاطع منها منشورة من قبل أحد أصدقائي على الفيس بوك” تقول رنا.
وتضيف لـ”الحياة الإخبارية” إن “طبيعة البرنامج وكيفية طرح المواضيع وانتقاء تلك القريبة منها الى حياتنا اليومية لاسيما نحن الشباب هي التي جعلتني انتقل إلى صفحة البرنامج على اليوتيوب لمتابعة حلقاته قبل أن أصبح متابعة له على شاشة التلفاز”.
لا يقدم البرنامج رجل دين تخرج من حوزة علمية ويرتدي عمامة وعباءة إسلامية ولا تقدمه امرأة ترتدي الحجاب ولا تضع الكثير من الماكياج وهو لا يتكلم عن أحكام شرعية أو تفسيرات لنصوص دينية.
فالبرنامج الذي يحمل اسم (نظم حياتك) يقدمه استشاري التنمية البشرية (حازم دوس) الحاصل على شهادة عليا من إحدى الجامعات الأميركية بكاليفورنيا.
دوس الذي يظهر ببدلة أنيقة وإن كانت من غير ربطة عنق ربما لأسباب دينية يختار مواضيع توصف بالجريئة في المجتمع العراقي ولكن من دون طرح وجهة نظر دينية خلال حلقاته ومن دون حتى الاستشهاد بآية قرآنية كريمة أو حديث نبوي شريف.
وعلى العكس من ذلك يذهب المقدم أحيانا إلى مخالفة بعض الأفكار التي يعتقد أن الدين الإسلامي وراءها كزواج القاصرات على سبيل المثال والتي خصص لها إحدى حلقاته لتوضيح سلبيات هذا النوع من الزواج والذي تعمل بعض الجهات ذات التوجهات الدينية على تشريعه قانونيا.
الحب في الجامعات، المراهقة المتأخرة، فشل العلاقة الزوجية وغيرها من مواضيع كلها تطرح خلال البرنامج الذي بات برنامجا يوميا بخمس دقائق بدلا عن (15) دقيقة أسبوعية بعد ارتفاع نسبة مشاهدته.
كما أن البرنامج بات يحظى بتفاعل كبير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما بين الشباب الذين يشاركون حلقاته ومقاطعه على صفحاتهم الشخصية.
ساعد البرنامج على الانتشار أسلوب عرضه الذي ابتعد عن الأساليب التقليدية واختار تدعيمه بالوسائل التقنية الحديثة كالانفوغرافيك وغيرها.
برنامج آخر تعرضه القناة وهو (360 درجة) يرصد ايجابيات وسلبيات المجتمع وكيفية التعامل معها فضلا عن رأي الشباب بما يحدث على الساحة الوطنية والإقليمية ايضا.
ولاقت هذه البرامج ردود فعل إيجابية بين المتابعين لاسيما من الشباب باعتبار أنها تغيير يعكس انفتاحا على شريحة الشباب لاسيما من الشرائح التي تختلف فكريا عن الفكر الذي تتبناه القناة غير أنه لم يسلم من الانتقادات التي قالت إن وراء عرض هكذا برامج دوافع سياسية – انتخابية وأخرى دينية – تعبوية.
فالمنتقدون يرون أن المجلس الأعلى الذي يتزعمه رجل الدين عمار الحكيم يريد استقطاب أكبر عدد من الشباب لزيادة شعبيته فيما بينهم لاسيما وأن المجلس ينتظر منافسة انتخابية قوية خلال الاستحقاقين المقبلين أي الانتخابات المحلية والوطنية في العراق.
كما يعتقد آخرون أن الحكيم الذي دعا في آخر كلماته إلى مواجهة أفكار الإلحاد التي حذر من انتشارها في المجتمع بدفع خارجي يريد تقريب الشباب الى الدين عن طريق هذه البرامج وغيرها من خلال طرح صورة معتدلة للإسلام وهو ما سيضمن له شعبية بينهم أيضاً.
غير أن إدارة قناة الفرات كان لها رأي مختلف لتأكيد أن ما تعرضه لا يهدف الى تحقيق مكاسب سياسية أو دينية وإن كانت ستتحقق بصورة غير مباشرة.
فمدير قسم البرامج في القناة سعدون هامش يقول لـ “الحياة الاخبار” إن “القناة ومن خلال مراجعة برامجها وجدت حاجة للتوازن بين البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقررت أن تقدم برامج اجتماعية جديدة ركزت على أن تكون برامج تنمية بشرية وغيرها”.
ويضيف إن “البرامج هذه جاءت لتحقيق التوازن بين البرامج السياسية والاقتصادية وايضا الاجتماعية فهي برامج تنمية بشرية للتركيز على الشباب ودعم هذه الشريحة والسيد الحكيم دائما ما كان يركز على شريحة الشباب بعيدا عن الأمور الدينية والانتخابية”.
برامج أخرى كثيرة تناغم الأفكار الشبابية بدأت تعرض على الشاشات العراقية لاسيما المعروفة بتوجهاتها الدينية وهو تطور ليس فقط في طبيعة المواد المقدمة بل حتى في ا