تونس: سنحاسب المتورطين في تسفير الشباب التونسي إلى العراق
الحياة العراقيةً
قال وزير الدفاع التونسي، عبد الكريم الزبيدي، الذي تقدم باستقالته بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التونسية 2019، إن تونس تمر بمرحلة دقيقة على أكثر من صعيد.
وأضاف، في حواره مع “سبوتنيك”، أنه على المستوى السياسي لا يزال الانتقال الديمقراطي بصدد الاستكمال، حيث لم يتم بعد انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وبقية الهيئات الدستورية، وأنه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فالوضع لا يزال يراوح مكانه، بالرغم من المجهود المبذول… وإلى نص الحوار.
هل حسم أمر استقالتكم من منصب وزير الدفاع أم لا، بمعنى هل قبلت الاستقالة؟
بعد أن أودعت ملف ترشحي إلى الانتخابات الرئاسية بالهيئة المستقلة للانتخابات الرئاسية، أعلنت في الحين في لقاء صحفي عن استقالتي من منصب وزير الدفاع الوطني.
كما تقدمت لاحقا بطلب الاستقالة إلى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث عبرت له فيه عن التزامي بمبدئي الحياد والشفافية، وتجنب تبعات الجمع بين صفتي المترشح وعضو الحكومة، مع تعهدي بمواصلة مهامي صلب الوزارة إلى حين إشعاري بقبول الاستقالة، وإلى حد الآن لم اتلق أية إجابة في الغرض.
متى قررت الترشح للرئاسة، وما الأسباب التي دفعتك لذلك، وهل كان الأمر بقرار شخصي أم برغبة جماعية؟
لا شك أن تونس تمر بمرحلة دقيقة على أكثر من صعيد، فعلى المستوى السياسي لا يزال الانتقال الديمقراطي بصدد الاستكمال، حيث لم يتم بعد انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وبقية الهيئات الدستورية، أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فالوضع لا يزال يراوح مكانه، بالرغم من المجهود المبذول ويعود ذلك إلى أن المنوال أصبح لا يستجيب، لخصائص المرحلة، وما ينص عليه دستور 27 يناير/ كانون الثاني 2014، في مجال التنمية بالإضافة إلى النظام السياسي الهجين، الذي شتت السلطة، وجعلها موزعة على الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب.
وفي ما يتعلق بأمن البلاد، تواجه تحديات أمنية في الداخل والخارج، بسبب التهديدات غير التقليدية، وفي مقدمتها الإرهاب والجريمة المنظمة، فضلا عن آفات اجتماعية أخرى، كالتهريب والهجرة غير الشرعية.
وأمام مجمل هذه التحديات التي توجهها بلادنا وتأثيرها على حاضرها ومستقبلها، في ظل التحولات في المنطقة، واستجابة لنداء الواجب الوطني، ووعيا مني بدقة المرحلة قررت الترشح للانتخابات الرئاسية، بدعم من بعض الشخصيات الوطنية ومكونات المجتمع المدني وبعض الأحزاب.
الأمل يحدوني للمساهمة في استكمال الانتقال الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، ببعديه العلمي والثقافي مع رفع التحديات الأمنية التي تواجهها تونس، بما يعزز أمنها واستقرارها، وهما شرطان أساسيان لإعطاء دفع جديد لتنمية مختلف روافدها .
تحدثت على خمس نقاط أولية في برنامجك الانتخابي، ما هي المدة التي يمكن فيها تحقيق النقاط الخمس؟
إن البيان الانتخابي لن يقتصر على النقاط الخمس، بل أن الأمر يتعدى ذلك، ليشمل جملة من القضايا ذات الصبغة السياسية والاجتماعية والتربوية والثقافية، ومثل هذه القضايا تحتاج إلى التشخيص ورصد مكامن القوة والضعف، ووضع رؤى في المجال وضبط الأهداف، وتجسيمها في إطار استراتيجيات قطاعية، وشروطها التشريعية والبشرية والمادية، مرفقة بمخططات تنفيذ مع ضمان المتابعة وتدارك النقائص عند التنفيذ.
أما المسائل ذات الصبغة الاستعجالية، فيمكن معالجتها بحسب خصائص كل مسألة.
فيما يتعلق بملف الجهاز السرى وتسفير الشباب إلى سوريا والعراق، ماذا لو كانت شخصيات سياسية نافذة متورطة في هذا الملف؟
نحن نعيش في دولة القانون والمؤسسات، وكل من ثبت تورطه في تسفير الشباب إلى سوريا والعراق، سواء كان مواطنا عاديا أو مسؤولا أو شخصية سياسية سيكون محل تتبع قضائي وسيحاسب.
فيما يتعلق بالملف الاقتصادي ما هي رؤيتك لإنعاش الاقتصاد التونسي خاصة في ظل التراجع خلال السنوات الماضية؟
إن السياسة الاقتصادية من اختصاص الحكومة، غير أن رئيس الجمهورية له آليات تمكنه من القيام بمبادرات قادرة على إعطاء دفع جديد للتنمية الاقتصادية، كفيلة بالحد من اختلال التوازنات الكبرى للاقتصاد، وتهيئة الظروف المناسبة للإصلاحات الهيكلية من خلال عدة نقاط.
وهي: تأمين الاستقرار السياسي باعتباره رسالة إيجابية في الداخل والخارج، ووضع رؤية جديدة في أفق 2030، وإعادة بناء دولة قوية وعادلة.
وكذلك، توحيد مواقف الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين لوضع عقد اجتماعي، كفيل بتحقيق النجاعة الاقتصادية من جهة، والاستجابة للطموحات المشروعة للعمال من جهة أخرى، من خلال منوال اقتصادي و اجتماعي عادل ومتوازن. ودعم وتنمية مكاسب المرأة والشباب والجهات. والاستفادة من مزايا النظام الديمقراطي.
تطوير الدبلوماسية الاقتصادية مع الأخذ بالاعتبار التحولات الإقليمية والدولية، مع الحرص على توجيه العمل الدبلوماسي نحو توسيع دائرة العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة.
مزيد الحرص على إسناد المناصب الوزارية ذات الصبغة الاقتصادية، إلى كفاءات وطنية بعيدة عن المحاصصة الحزبية.
هل ترى أن قطع العلاقات مع سوريا كان خطأ، ومن وقف وراء هذا الإجراء؟
يبين التاريخ أنه في حالة الحرب، لا يمكن قطع العلاقات الديبلوماسية، لأن باب الصلح يبقى دائما قائم الذات، لا يتم ذلك إلا عبر القنوات الديبلوماسية، لذلك أعتبر أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، كان خطأ استراتيجيا، خاصة وأنه تربطنا علاقات تاريخية، مع هذا البلد الشقيق، ولنا مصالح اقتصادية واجتماعية، وتعاون أمني.
يوجد في سوريا نحو 5000 تونسي، مقيمين بهذا البلد الشقيق، لذلك سأعمل في صورة الفوز بالانتخابات الرئاسية، على إعادة فتح السفارة، مع الإشارة إلى أنه توجد قنصلية الآن، يقتصر عملها على تقديم خدمات إدارية.
فيما يتعلق بملف الجماعات الإرهابية وانتشارها في تونس السنوات الماضية، هل يرتبط الأمر ببعض الجهات السياسية؟
الإرهاب ظاهرة دولية لم تسلم منها البلدان، غنيها وفقيرها وأسبابها متعددة، كالفقر والبطالة والتهميش والإقصاء، وعلى أهمية هذه المعطيات وصحتها، فإن ذلك ليس سببا رئيسيا لبروز هذه الظاهرة وتناميها، لذلك نجد بين الإرهابيين من ينتمي إلى طبقات اجتماعية مترفة و متعلمة، بالإضافة إلى ما يحدث في المنطقة من تحولات، و في الساحل الأفريقي، وما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات أمنية مساهمة في إيجاد مناخ لتنامي ظاهرة الإرهاب و الجريمة المنظمة.
حركة النهضة تقول أنها ليست ضمن إطار جماعة الإخوان المسلمين، هل يمكن أن تتحالف معها حال فوزك؟
لقد ترشحت إلى الانتخابات الرئاسية بصفة مستقل، وفي حال الفوز بمنصب الرئاسة سأواصل العمل بهذا المبدأ، وسأبقى على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية، بما فيها حركة النهضة، ما دامت تشتغل باحترام الدستور وقيم الجمهورية ومدنية الدولة، وولائي لن يكون إلا للوطن ومصالحه العليا، دون سواهما، وتعاوني مع الأحزاب يكون في إطار الوحدة الوطنية، بغاية تحقيق هدف واحد، وهو خدمة البلاد والنهوض بها .
هل مازال حزب نداء تونس يستطيع العودة بشكل موحد، ويكمل المسيرة كما كانت في البداية بما أنه الحزب الداعم لك؟
نحن نعيش تجربة ديمقراطية قوامها التعددية الحزبية، وطبيعي أن تولد وتنمو وبعضها لا تزال تتحسس وجودها، والبعض الأخر يندثر، وقد يحصل أن يحدث انشقاقات داخل الحزب الواحد، بسبب اختلاف المقاربات والرؤي، وهي علامة صحة وهو ما حصل لنداء تونس، وأرجو بالمناسبة أن يستعيد وحدة صفوفه، لإثراء المشهد السياسي الديمقراطي التونسي.
بالنسبة للأزمة الليبية كيف ترى الخروج منها، خاصة أنها تؤثر بشكل كبير على تونس؟ وهل يمكن فتح ملفات دخول السلاح إلى ليبيا عبر تونس كما يقول المسؤولون في الجانب الليبي؟
أعتقد جازما أن الحل السلمي على قاعدة الحوار بين الفرقاء الليبيين يمثل التوجه الأمثل لإجاد حل نهائي للأزمة الليبية، حتى يتمكن هذا البلد الشقيق من استعادة أمنه و استقراره، و إعادة بناء مؤسساته، وهو ما ينعكس إيجابا على المنطقة، ولابد من الإشارة إلى أن تونس لن تدخر أي جهد في هذا المجال، مع دعم كل المبادرات الدولية الرامية إلى تسوية الوضع بليبيا.
فيما يتعلق بملف الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء ما هي الأولوية بمواجهتها الفترة المقبلة؟
نجحت تونس في تحقيق تقدم لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بفضل تطوير القدرات العملياتية للمؤسستين العسكرية والأمنية، خاصة في المجال الاستعلامي.
على صعيد آخر هناك تنسيق كبير ومستمر مع الجانب الجزائري، باعتبار أن أمن تونس من أمن الجزائر والعكس صحيح.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه بعد سقوط ما يسمى بدولة التنظيم الإسلامي في أكثر من مدينة عربية، التجأ عناصره إلى الساحل الأفريقي، وهو ما يمثل خطرا على المنطقة، واحتمال دخول بعض عناصرها من التونسيين إلى تونس، عبر المناطق الحدودية.
وأمام هذا الوضع اتخذنا كل الاحتياطات اللازمة على مستوى المناطق الحدودية، من ذلك تركيز منظومة مراقبة الكترونية تغطي حدود الجنوب الشرقية.
البعض تحدث عن احتمالية انسحابكم من الانتخابات الرئاسية، فما دقة هذه الاحتمالات؟
لم أعتد يوما العدول عن قرار مصيري، كلما تعلق الأمر بالقضايا الوطنية ومستقبل تونس.